على مر العقود، لعبت السياسة الخارجية والإدارة المحلية أدوارًا محورية في استقرار الأردن وتماسكه. ومع ذلك، ظهر تباين واضح بين نجاحات السياسة الخارجية في جذب الدعم الدولي وضعف الإدارة المحلية في تحقيق تنمية ذاتية مستدامة. فما الذي أدى إلى هذا الاختلاف؟ وهل يمكن تحقيق التكامل بينهما؟
ما الذي دفع السياسة الخارجية للبحث عن المساعدات؟
1.الأعباء الإقليمية: الأردن يقع في قلب أزمات الشرق الأوسط (الأزمة السورية، القضية الفلسطينية)، مما فرض ضغوطًا اقتصادية واجتماعية هائلة، مثل استضافة 1.3 مليون لاجئ سوري.
2.الاعتماد الاقتصادي على الخارج: يُقدّر أن 40% من الميزانية تعتمد على المساعدات الدولية، ما يعكس ضعف القدرات الذاتية داخليًا.
3.شبكة دبلوماسية قوية: السياسة الخارجية الأردنية نجحت في تعزيز مكانة البلاد كحليف استراتيجي للدول الكبرى، مما أدى إلى تلقي 3.7 مليار دولار سنويًا كمساعدات.
ماذا فعلت الإدارة المحلية لتنمية القدرات الذاتية؟
رغم الجهود المبذولة، فإن النتائج ظلت محدودة، ومن أبرز ما قامت به:
•برامج الإصلاح الاقتصادي: تضمنت رفع الدعم وزيادة الضرائب، لكن دون تأثير إيجابي ملموس على الإنتاجية الوطنية.
•تشجيع ريادة الأعمال: أُطلقت مشاريع مثل "صندوق تنمية المحافظات”، إلا أن التنفيذ كان ضعيفًا ولم يؤثر في تقليل نسبة البطالة (التي وصلت إلى 21%).
•الاستثمار في التعليم والتدريب: رغم تخصيص 9.5% من الناتج المحلي للقطاعين، بقيت النتائج دون الطموح بسبب ضعف الربط بين التعليم واحتياجات السوق.
لماذا ظهر التباين بين السياسة الخارجية والإدارة المحلية؟
1.اختلاف الأولويات: السياسة الخارجية ركزت على تأمين الدعم الدولي للأزمات الكبرى، بينما الإدارة المحلية تركز على المشكلات اليومية.
2.غياب التخطيط الاستراتيجي المشترك: لم تُدمج السياسة الخارجية مع خطط التنمية المحلية في إطار موحد.
3.الحلول المؤقتة مقابل المستدامة: السياسة الخارجية اعتمدت على حلول آنية للأزمات عبر المساعدات، بينما أخفقت الإدارة المحلية في بناء نظام اقتصادي منتج ومستدام.
كيف يمكن تحقيق التوازن بين السياسة الخارجية والإدارة المحلية؟
1.خطة وطنية موحدة: يجب إنشاء إطار استراتيجي مشترك يركز على تعزيز الاعتماد على الذات مع الحفاظ على العلاقات الدولية.
2.تعزيز الإنتاجية الوطنية: التركيز على قطاعات رئيسية مثل الزراعة، الطاقة، والتكنولوجيا لتقليل الاعتماد على المساعدات.
3.استثمار المساعدات بذكاء: توجيه المساعدات نحو مشاريع تنموية مستدامة بدلاً من استخدامها لسد العجز المالي.
4.التقييم المستمر: تطوير آليات لقياس تأثير السياسة الخارجية والإدارة المحلية على الاستقرار الوطني.
الخلاصة
السياسة الخارجية حققت نجاحات كبيرة في تأمين دعم دولي مكّن الأردن من مواجهة التحديات الإقليمية، بينما عانت الإدارة المحلية من صعوبات في تحقيق تنمية مستدامة.
التباين بينهما ليس حتمياً، بل يمكن معالجته من خلال رؤية موحدة تعزز القدرات الذاتية مع الاستفادة من المساعدات الخارجية بشكل استراتيجي. التكامل بين الداخل والخارج هو المفتاح لتعزيز استقرار الأردن واستقلاليته في المستقبل.
المراجع
1.البنك الدولي:
تقرير "الأردن: المساعدات الدولية والاستقرار الاقتصادي” (2023).
2.صندوق النقد الدولي:
دراسة "إصلاحات المالية العامة في الأردن: الدروس المستفادة والتحديات المستقبلية” (2022).
3.المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR):
تقرير "الأردن: استضافة اللاجئين وتأثيرها على الموارد الوطنية” (2021).
4.مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية:
دراسة "السياسة الخارجية الأردنية: التحديات والفرص” (2020).
5.منتدى الاستراتيجيات الأردني:
تقرير "تعزيز الإنتاجية الوطنية في الأردن: نحو اقتصاد مستدام” (2023).