النسخة الكاملة

عندما لا يقرأ العرب

الثلاثاء-2025-01-28 09:18 am
جفرا نيوز -
محمود خطاطبة 
وزير الحرب الأسبق في دولة الاحتلال الإسرائيلي، موشي ديّان، يقول "إن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يُطبقون".
وكأن هذا القول فيه نسبة كبيرة من الصحة، فما أن أدلى رئيس الولايات المُتحدة الأميركية، دونالد ترامب، بتصريح صحفي يطلب فيه من الأردن ومصر، استقبال المزيد من الفلسطينيين، ويقصد هُنا أهل قطاع غزة، وإن كان هذا التصريح فيه ما فيه من غمز باتجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية.

المُهم، أنه وبعد هذا التصريح، بدأ الكُتاب الصحفيون والمُحللون والمُراقبون، ووسائل الإعلام والصحافة المُختلفة، بتسليط الضوء على ما جادت به قريحة ترامب، الذي يضرب المنطقة، والأردن من ضمنها، بمقتل جديد، مُفندين السلبيات المُترتبة على ذلك، وما ستؤول إليها الأوضاع في المنطقة ككُل في قابل الأيام.
العرب نسوا أن الرئيس ترامب هو نفسه، إبان ولايته الأولى، من كان يضغط لتطبيق ما يُعرف بــ"صفقة القرن"، وتحدث عن توسيع مساحة دولة الاحتلال الإسرائيلي، باعتبارها "تقوم على مساحة صغيرة"، ونسوا أيضًا بأنه اعترف بالجولان السوري المُحتل، والقدس عاصمة موحدة للصهيونية، ونقل سفارة بلاده إلى المدينة المُقدسة.
المُستغرب أن الجميع بدا عليه الدهشة، من تصريح ترامب بخصوص نقل الغزيين إلى دول مُجاورة، ما يؤكد مقولة الإرهابي الأسبق، ديّان، بأن "العرب لا يقرأون"، إذ تناسى العرب أن تقسيم الدول العربية، أشرت عليه الكثير من مراكز الأبحاث والدراسات الأميركية والغربية، وكذلك صُحف ووسائل إعلام أجنبية مُختلفة.
على الرغم من أن الباحث السابق في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، مُعاذ دهيسات، نشر بحث أو دراسة، يوضح أن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية نشرت في العام 2013، دراسة تحليلية صادمة، عرابته الصحفية روبن رايت، كشفت عن خريطة جديدة للعالم العربي، والتي كانت تقوم على "تقسيم إثني عرقي وطائفي لجغرافية الدول العربية، وبمعنى آخر مُحاولة تقسيم خمس دول عربية إلى أربع عشر دولة".
وأشارت دراسة دهيسات على أن الصحفية رايت نفسها أصدرت في العام 2008، كتابًا بعنوان "أحلام وظلال: مُستقبل الشرق الأوسط"، يشرح ما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة بداية القرن الواحد والعشرين، أو ما يُسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد. وقبل ذلك مقال بعنوان "إعادة هيكلية الشرق الأدنى"، لبرنارد لويس نشرها في العام 1992، حول نفس أهدافهم الخبيثة.
يبدو أن تصريحات صناع القرار في العالم الغربي، والتحليلات والدراسات التي تُصدرها عواصم الدول، المُتحكمة بالعالم، وليس الشرق الأوسط فقط، وكُنا نتندر عليها، ونجعلها حديث سهراتنا، باتت قريبة التطبيق، وإن لم تكن كذلك، فإن هُناك أخطار تلوح بالأفق، ما يتطلب يقظة الجميع، أكانوا أفرادًا أم مؤسسات، ولا يُستثنى أحد من ذلك.
بغض النظر عن مدى جدية تطبيق تلك التصريحات أو الدراسات أو النظريات، على أرض الواقع، يكتوي بنيرانها العرب جمعيًا، فإن مؤسسات الدولة المعنية مُطالبة بجهد مُضاعف من أجل إيجاد حلول، وإيجاد مراكز دراسات وبحث، على غرار تلك الموجودة في الدول المُتقدمة، وتقديم كُل ما تحتاجه من دعم مادي ولوجستي.
يجب أن تعمل مؤسسات الدولة، من خلال رجالات وطن لديها بُعد تحليلي للمخاطر التي باتت تُصب على المنطقة، وكذلك مراكز البحث والدراسات، وبخط متواز، يكون من نتاج هذا العمل خلق خطط استراتيجية، هدفها الأول والأخير مصلحة الوطن والمواطن، خصوصًا في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة، فالأردن بات يتم التضييق عليه اقتصاديًا منذ فترة.. وهذا بجاجة إلى رجالات وطن، لديهم بُعد تحليلي.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير