النسخة الكاملة

"الضمان" وخطة خالد بـ"مؤتة"

الخميس-2025-01-23 08:42 am
جفرا نيوز -
محمود خطاطبة 
الجميع يعلم خطة الصحابي، سيف الله المسلول، خالد بن الوليد، عندما استلم قيادة غزوة مؤتة، بُعيد استشهاد الصحابة الثلاثة رضوان الله عليهم (زيد بن الحارثة، جعفر بن أبي طالب، عبدالله بن رواحة)، والتي تمحورت حول تغيير مراكز المُقاتلين، بحيث جعل الميسرة ميمنة، والميمنة ميسرة، وقام بتحويل المؤخرة إلى المُقدمة، والمُقدمة إلى المؤخرة، وطلب من بعض المُقاتلين باصطناع غبار وجلبة قوية.


مع فارق التشبية، تلك الخطة يبدو أن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، باتت تُتقنها بما تُجريه من تعديلات، تتضمن إضافات وحذفا وتراجعا على قانونها، الذي عدلت مواده لأكثر من مرة وخلال فترة وجيزة.. لكن يبقى هدف ابن الوليد معلوم يتمثل بإنقاذ جيش المُسلمين في تلك الغزوة، وبطريقة تضمن هيبته وبأقل الخسائر، بينما هدف "الضمان" من تلك "الجلبة"، التي تفتعلها كُل حين، غير معلوم، سوى كسب الوقت، وترحيل الأزمات، أو تسكين التحديات والمُعيقات.

ما يجعلني أقول ذلك، هو أن التعديلات التي أجرتها مؤسسة الضمان على قانونها، كانت سمتها الأساس "التخبط"، أو عدم الواقعية والجدية، أو أنها غير مدروسة بعناية، حيث أجرت في الفترة الواقعة ما بين عامي 2009 و2024، أي خلال 15 عامًا فقط، ثمانية تعديلات على قانونها، ما يعني أنه كان هُناك تعديل جديد تقريبًا كُل عام وثمانية أشهر.
وما يدل على ذلك، هو كثرة إجراء التعديلات على قانون الضمان، ثم بعد فترة الرجوع عنها، والأسباب غير معروفة، أو لنقل بأنها غير مُقنعة، فمثلًا في فترة ما تُقر المؤسسة، "ازدواجية الرواتب" للمؤمن عليه، بمعنى أنه في حال كان المؤمن عليه يعمل في مؤسستين، بغض النظر أكانت حُكومية أم خاصة، أو بمؤسستين في القطاع الخاص، فإنه يتم الاقتطاع من المؤسستين، وعند التقاعد يتم اعتماد الراتب الأعلى.
ثم تُجري "الضمان" تعديلًا جديدًا، يقضي بإلغاء "ازدواجية الرواتب"، واعتماد راتب القطاع العام، بغض النظر عن قيمته، هذا في حال كان يعمل المؤمن عليه بالقطاعين العام والخاص، وفي حال كان يعمل بمؤسستين في القطاع الخاص، يتم اعتماد راتب الشركة الأقدم التي يعمل بها المؤمن عليه، وبغض النظر عن قيمته.
بعد ذلك، تُجري المؤسسة تعديلًا آخرًا، يقضي باعتماد "ازدواجية الرواتب"، ولكن هذه المرة اعتماد راتب القطاع العام بغض النظر عن القيمة، بحال كان يعمل المؤمن عليه بمؤسستين إحداهما حُكومية والثانية خاصة، وبحال كان يعمل في مؤسستين بالقطاع الخاص يتم اعتماد الراتب الأعلى.
وفي موضوع آخر، تقوم "الضمان" بجعل الانتساب اختياريًا، وتحصره بالأردنيين فقط، ثم تُجري تعديلًا يقضي بالسماح للجميع ولكُل مُقيم على الأراضي الأردنية، بالانتساب اختياريًا للضمان.
وما ينطبق على "ازدواجية الرواتب" و"الانتساب الاختياري"، ينطبق أيضًا على إجازة الأمومة، فتارة تكون سبعين يومًا، ثم تُجري المؤسسة تعديلًا يقضي بجعلها تسعين يومًا، ومرة تُطالب المنشآت بدفع النسبة المُترتبة على المؤمن عليها من اشتراكات تأميني الشيخوخة والتعطل، خلال مُدة استحقاق المؤمن عليها بدل إجازة الأمومة، ثم تتراجع عن ذلك.
للأسف، انشغلت مؤسسة الضمان بتعديلات، نستطيع القول بأنها غير جوهرية، وتركت الأهم، فقد غضت الطرف، عن وجود مليون أردني بلا حماية، يعملون في قطاعات غير مُنظمة، بمعنى أصح أنها عاجزة عن شمولهم بالضمان، على الرغم من أن المؤسسة تُعتبر أساسا للأمن الاجتماعي.
وتناست أيضًا إجراء تعديل لرفع رواتب مُتقاعدي الضمان الذين تقل رواتبهم عن 200 دينار، يُقدر عددهم بثلاثة وثلاثين ألف شخص، يُشكلون نسبة 9.5 بالمائة من مجموع مُتقاعدي الضمان، فضلًا عن وجود مائة وستين ألفًا تقل رواتبهم عن 300 دينار، تُقدر نسبتهم بـ45 بالمائة، و70 بالمائة تقل رواتبهم عن 500 دينار، من مجموع مُتقاعدي الضمان.. وللعلم خط الفقر حسب مؤسسات مُستقلة يُقارب الـ800 دينار، بينما الحُكومة تُقر بأنه يتجاوز الـ400 دينار.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير