جفرا نيوز -
كتب - الدكتور عادل محمد الوهادنة
منظمة الصحة العالمية، المؤسسة المعنية بضمان صحة الشعوب، وجدت نفسها في عين العاصفة مع انتشار جائحة كوفيد-19. لم تقتصر الأزمة على التحديات الصحية فقط، بل امتدت لتطال جوانب سياسية واقتصادية معقدة. اتهامات من الولايات المتحدة، ودعم متزايد من الصين، وتصاعد التوترات بين القوى الكبرى، كلها وضعت المنظمة في موقف حساس للغاية، يجعلها تحت مجهر النقد والضغوط الدولية.
الجدل حول تأخر الإعلان عن الجائحة
أحد أهم الاتهامات التي وُجهت إلى منظمة الصحة العالمية هو تأخرها في إعلان كوفيد-19 كوباء عالمي، ما أتاح للفيروس فرصة الانتشار بشكل واسع. الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وفريقه رأوا أن هذا التأخر كان سببًا رئيسيًا في الخسائر الاقتصادية والبشرية الضخمة التي شهدها العالم.
لكن في المقابل، تدافع المنظمة عن نفسها بتأكيد أنها التزمت بالمعايير العلمية والمعلومات المتاحة حينها. ومع ذلك، السؤال يبقى: هل كان يمكن تجنب هذه الكارثة لو تحركت المنظمة بشكل أسرع؟
بين الصحة والسياسة
منظمة الصحة العالمية تجد نفسها بين المطرقة والسندان. فمن جهة، تحتاج إلى التمويل والدعم السياسي من الدول الكبرى لضمان استمرارية عملها، ومن جهة أخرى، تواجه اتهامات بالتحيز أو ضعف الأداء.
دعم الصين العلني للمنظمة، وانسحاب الولايات المتحدة، أثارا جدلاً واسعًا حول مدى استقلالية المنظمة. هذا الانقسام السياسي أدى إلى تآكل الثقة الدولية في مؤسسة يفترض أن تكون صوتًا محايدًا للصحة العالمية.
ماذا يعني هذا للأردن؟
بالنسبة لدولة مثل الأردن، التي تُعرف بكفاءتها الصحية ودورها الإقليمي المهم، فإن عليها اتخاذ خطوات استراتيجية في ظل هذا المشهد المضطرب:
1.تعزيز التعاون الدولي والإقليمي
يجب على الأردن تعزيز الشراكات مع الدول والمنظمات الصحية الإقليمية والدولية لضمان تدفق المعلومات والموارد. ويمكن أن يكون الأردن جسرًا بين منظمة الصحة العالمية والدول العربية، خاصة في أوقات الأزمات.
2.الاستثمار في نظام صحي مرن
تعلم الأردن من دروس الجائحة أهمية بناء نظام صحي قادر على التعامل مع الأزمات المستقبلية. ينبغي التركيز على تطوير البنية التحتية الصحية، تدريب الكوادر الطبية، وتعزيز قدرة المملكة على إنتاج اللقاحات والأدوية محليًا.
3.إدارة البيانات الصحية
البيانات الدقيقة والسريعة كانت أحد أكبر التحديات خلال الجائحة. يجب على الأردن الاستثمار في نظم إدارة البيانات الصحية، مما يتيح اتخاذ قرارات أسرع وأكثر كفاءة خلال الأزمات.
4.دعم منظمة الصحة العالمية بإيجابية مشروطة
في الوقت الذي يجب فيه أن تدعم الأردن دور منظمة الصحة العالمية، يمكن أن تكون مشاركتها داعمة لإصلاحات داخل المنظمة، لضمان شفافيتها واستقلاليتها.
إن الأزمة التي تمر بها منظمة الصحة العالمية ليست مجرد أزمة ثقة، بل هي انعكاس لصراع أوسع بين السياسة والصحة. على الدول، ومنها الأردن، أن تستفيد من الدروس المستفادة من الجائحة لبناء أنظمة صحية أكثر كفاءة واستقلالية. وفي ذات الوقت، يجب أن تبقى الدول داعمة للتعاون الدولي في المجال الصحي، لأن صحة العالم مترابطة، ولا يمكن لأي دولة أن تواجه التحديات الصحية بمفردها.