النسخة الكاملة

الجوليم ترامب

الخميس-2025-01-09 10:50 am
جفرا نيوز -
إسماعيل الشريف

إن «إسرائيل «لا تقوم على القانون الدولي، بل على أسطورة قديمة أحييناها – بن غوريون.

وفي الاخبار ترامب يهدد بفتح أبواب الجحيم في الشرق الأوسط اذا لم يفرج عن المحتجزين بحلول موعد تنصيبه.

في مقالة سابقة، تناولت إحدى النبوءات التوراتية التي يتبناها الصهاينة، والتي تشير إلى أن نتن ياهو يُعتبر الملك الذي سيمهد لظهور «الموشياخ» – المعروف في الإسلام بالمسيح الدجال. ومن أجل تحقيق نزول مسيحهم المزعوم، تتطلب هذه النبوءة سفك دماء كثيرة للعرب. وهذا ما يعكف نتن ياهو على فعله عبر سياساته القائمة على الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في غزة.

أما اليوم، فنناقش نبوءة أخرى، ترتبط بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

في الأساطير اليهودية، يظهر مخلوق يُدعى «الجوليم»، وهو كيان يُخلق من الطين والتراب، بلا ملامح واضحة أو هوية محددة. يوصف بأنه كائن يتأرجح بين الحياة والموت، يشبه «الزومبي». يُقال إنه يُبعث للحياة على يد رجل دين يهودي بغرض حماية اليهود من أي خطر يهددهم، فيتحول إلى أداة للبطش بأعدائهم بلا رحمة.

من أبرز الأساطير المتعلقة بالجوليم، حكاية الحاخام يهوذا بتسلئيل في القرن السادس عشر بمدينة براغ، التي كانت آنذاك جزءًا من الإمبراطورية النمساوية. تروي الحكاية أن الحاخام شعر بالخطر جراء تحريض أحد القساوسة ضد اليهود، فقام بجمع الطين من ضفاف نهر فيتافا، وصنع منه مخلوقًا أطلق عليه اسم «الجوليم». نقش الحاخام على جبينه الكلمة العبرية «إيميث» ، والتي تعني «الحقيقة»، لتمنحه الحياة.

لكن الأمور خرجت عن السيطرة عندما أصبح الجوليم عنيفًا، فدمر القرية وقتل سكانها. حينها، اضطر الحاخام إلى إنهاء حياته بطمس الحرف الأول من كلمة «إيميث»، لتتحول إلى «ميث» ، والتي تعني «الموت»، فعاد الجوليم إلى حالة الجمود.

وفقًا للتلمود، الجوليم كائن بلا عاطفة أو ضمير، يمثل الجانب المظلم من البشرية، ويفتقر إلى الروح أو الوعي. يُخلق لأداء مهمة واحدة فقط، ثم يختفي بعد إنجازها. أما التوراة الشفهية، فتصوره ككائن شرير يسعى للثروة والسلطة المطلقة، مما يجعله رمزًا للطمع والجشع، ويعكس صراع الإنسان مع رغباته وجوانبه المظلمة.

تروج بعض النبوءات اليهودية لفكرة أن دونالد ترامب هو «الجوليم» الحديث. يُنظر إليه كأداة صهيونية مدمرة، خُلقت لحماية الصهاينة، ولكنها في ذات الوقت قد تجلب الدمار للعالم بأسره. يرى مروجو هذه الفكرة أن عدة وقائع تؤكد هذا التشبيه، أبرزها وجود ترامب في منصبه خلال جائحة كورونا التي حصدت أرواح الملايين وأغرقت العالم في الفوضى. كما أن سلوكه السياسي اتسم بعدائية شديدة تجاه منافسيه، مما يعزز صورته كقوة جامحة بلا ضمير أو عاطفة، تمامًا كالجوليم في الأساطير.

لذلك، نجد نتن ياهو لا يتردد في مغازلة ترامب، منتظرًا عودته إلى البيت الأبيض ليواصل تنفيذ أجندته الصهيونية. فقد شهدت ولاية ترامب الأولى قرارات غير مسبوقة تخدم المشروع الصهيوني، من الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان ونقل السفارة الأمريكية إليها، إلى الاعتراف بضم الجولان المحتل.

وبعد أن يجلس في مكتبه، يتوقع أن يقدم ترامب دعمًا صريحًا لضم الضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني، في خطوة ستعتبر تتويجًا للمشروع الاستيطاني الصهيوني. أما بالنسبة للصهاينة، فهم يرونه «الجوليم» المنتظر الذي سيحقق لهم الحلم الأكبر: تدمير إيران، عدوهم الأكبر في المنطقة.

قد يبدو هذا الحديث للوهلة الأولى ضربًا من الخيال، أو مجرد نبوءات بلا أساس علمي أو منطقي. ومع ذلك، النقطة الأهم هي أن الصهاينة غالبًا ما يعتمدون في تخطيطهم على هذه الأساطير الكاذبة، ثم يسعون لتحويلها إلى واقع يخدم مصالحهم. إنهم يحاولون إظهار جرائمهم وتوسعهم الاستعماري وكأنه تحقيق لنبوءات إلهية، زاعمين أنها ضمان إلهي لهم بالنصر.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير