النسخة الكاملة

الأحزاب بين خيارات التأهيل والتعديل

الإثنين-2024-12-30 12:02 pm
جفرا نيوز -
د. محمد العزة

بعض مضي ثلاث شهور على إجراء الانتخابات النيابية لمجلس النواب العشرين، سبقتها ثلاث من ربيع حزبي سياسي لطيف الحراك، غلبت عليه سمة انعقاد الندوات هنا وهناك وتبادل الزيارات ما بين الأحزاب لغاية إقامة التحالفات والتشاورات والتحضيرات لخوض الانتخابات النيابية وترتيب الاسماء داخل القوائم الانتخابية الحزبية حسب معايير ومواصفات وضعتها لجان تابعة لها كما تم الادعاء، لتبزغ شمس صيف عام 24 بلا حر قائظ أو حرارة حركة حزبية تعكس مدى أهمية المرحلة السياسية الجديدة ومدى أهمية ما صدر من توصيات عن اللجنة الملكية واهدافها.

لجنة اعطت القوى الحزبية فرصة الدخول الى الساحة السياسية من أوسع أبوابها وممارسة نشاطها بكامل حريتها السياسية والقانونية، وعلى اسس الديمقراطية المتفق عليها على ان يكون عنوانها البرامجية نحو مستقبل يهيئ لها عبر الانتخابات تشكيل الحكومات الحزبية البرلمانية.

الهيئة المستقلة للانتخابات من جهتها قامت بواجبها وأشرفت على الانتهاء من إعداد البنية التحتية لهذا الحدث الديمقراطي وأقامت الانتخابات، وصدرت النتائج التي لا نريد تقيمها ومراجعتها وذكرها في هذا النص، إلا أن مجمل الآراء والانطباعات عند مراقبي وخبراء المشهد السياسي الحزبي الاردني جاءت تصب ان الأداء كان دون المطلوب الذي يرتقي ويعكس مستوى الحزبية الناضجة التي تستند إلى البرامجية وتعبر عن ما يجول في ذهن وصدر المواطن من قضايا واحتياجاته اليومية التي يواجهها وينتظر من يقدم له شارة الحل أو يذكي شرارة الفكرة للتحايل عليها أو تأخيرها وتجاوزها وهذا هو المبتغى على الأقل.

صدرت الإرادة الملكية السامية بتشكيل حكومة جديدة وعلى إثرها توزعت الحقائب ونالت الأحزاب منها ما نالها ودخلت من بعدها في حالة السبات والضمور الشتوية، بعد ضمان بعضها بطاقة العبور الى مواقع اللجان النيابية والمناصب الحكومية، ومن ثم تغيب عن الساحة الشعبية، ولولا الحراك لرئيس الوزراء الحالي وزياراته الميدانية وتصريحات رئيس وزراء سابق ونقده لما جرى لما استطعنا اليوم أن نقرع اجراس اليقظة والحاجة الملحة بخطورة المرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة العربية والاردن خاصة والإشارة الى حاجة وملحة لانتاج و/ أو صناعة نخب حزبية جديدة عن طريق إعادة صياغة وهيكلة وتنسيق أحزاب اللون الواحد ذات المساحة الواحدة وتحقيق الانسجام والالتحام والالتئام بينها وتذليل الفوارق وإذابة العوائق بينها سواء كانت على هيئة شخوص أو رموز أو بنود داخل الأنظمة الداخلية بما يخدم الفكرة والبرنامج لأجل المشروع والانحياز إلى أساس البرنامج الذي يعبر عن لونه وفكره السياسي واهتماماته والملفات الوطنية المحلية التي سيعمل عليها وإنجازها والفئات المستهدفة التي يخاطبها ويخدمها ويعمل لأجلها وليس لأجل الشخص والرمز وتقاطعات المصالح والمنافع والمكتسبات وحسابات الفروع.

التعددية ومنح الثقة للتيارات السياسية على المسطرة الحزبية وإن تباينت البرامج وحدث التبادل في الاراء فهذا أمر إيجابي ومن سمات حالة الممارسة السياسة الصحية الديمقراطية، وظهر في نموذجها الاول الذي خضع لمبضع العمليات الشكلية التجميلية، لكن الاغلبية اكتشفت أن الحقيقة هي خلاف امنيات ما تم توقعه، والسبب أن النشاط الحزبي لم يقدم النمطية المتجددة والنشاطات الحزبية المنهجية واللامنهجية الدالة على لونها أو برامجها السياسية لتقدم اي برنامج وتحرز أي نتيجة تقدمه على أنه منتج يعود بالنفع والفائدة على المواطن في ظل الأوضاع الراهنة الصعبة منذ سنوات طويلة.

الأمر الذي دفع الأغلبية الصامتة من القاعدة الانتخابية إلى الإحجام وعدم المشاركة، بل ربع المقترعين ممن انتخبوا صوتوا بأوراق بيضاء، وهناك أغلبية تزيد عن 60 % لم تشارك، هذا أوجد قناعة كما يعتقد لدى عقل الدولة بضرورة مراجعة الحالة الحزبية السياسية الأردنية وحاجتها إلى إعادة هيكليتها وأفراد نخبها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين وان تطلب الأمر إلى الهدم والبناء من جديد، بمفاهيم جديدة وأسس جديدة تأخذ بعين الاعتبار مفاهيم ومصطلحات مسار التحديث السياسي وأدواته البرامجية الحديثة.

الأمر إلإيجابي أن النموذج الاول للتجربة الحزبية أظهر تمايزا لثلاث مساحات سياسية على المسطرة الحزبية , « اليسار الديمقراطي التقدمي، الوسط المحافظ، اليمين الإسلامي السياسي بفرعيه ومحاولة ثالث لكنه فشل، هذه التيارات التي خاضت تجربة التحديث والتصويب والعملية الانتخابية في التجربة الأولى أعطت انطباعا لاحقا عدم نضج الثلاث تيارات وأنهم مازالوا بحاجة إلى فهم أعمق وانخراط أكبر في مفهوم العمل الحزبي البرامجي الواقعي القابل للتطبيق حسب الأولوية وتصنيف المشاريع إلى معيارية او غيرها حسب الأولوية

النموذج الحزبي البرلماني الاردني لن ينضج إلا بنضوج هيكله السياسي متوافقا مع مقاس مساحة مسطرته السياسية، (يمين، وسط، يسار ) كلها أطراف بحاجة إلى إعادة صياغة خطابها وترميم هياكلها واساساتها ويكون قوامها الفهم العميق للهوية الأردنية، ومراعاة الثقافة المجتمعية ومعرفة متطلبات وأدوات والبرامج التي تعمل على تحسين المستويات المعيشية للمواطن واستخدام الأدوات التشريعية والرقابية الصحيحة على أسس برامجية مؤسسية وطنية، تمكنها من مراقبة ومحاكمة الحكومات (السلطة التنفيذية) على قراراتها من حيث معدلات الانجاز والنتائج والسلطة التشريعية في دورها على رقابتها لهذه الحكومات وبرامجها ومدى التزامها محتكمة إلى تاريخ ومدة زمنية.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير