النسخة الكاملة

الدراسات المستقبلية ضرورة

الأحد-2024-12-29 10:00 am
جفرا نيوز -
عزت جرادات

*تمثّل دراسات المستقبل أو علم المستقبليات ركناً أساسياً في استشراف المستقبل واحتمالاته في المجتمعات المعاصرة أو المتقدمة حيث الإعتماد على المنهج العلمي أو الموضوعي في الرؤية المستقبلية وظهرت فيها مراكز الدراسات وانتشرت بشكل متسع ومتواصل. وترسَّخ بعضها بنتائجها المتميزّة التي تؤخذ بالإهتمام الكبير من قبل مختلف الجهات المرجعية في تلك الدول أو المجتمات في التخطيط المستقبلي أو الإستراتيجي.

*لقد نشأ هذا النشاط الفكري متأخراً في العالم العربي، وظهرت دراسات ذات أهمية ولكن سرعان ما تراجع، لم تجد نتائج تلك الدراسات الإهتمام أو لم تجد طريقها إلى القيادات المؤسسية في المجتمات العربية.

وقد يرجع السبب الرئيسي في استمرارية التفكير الراكد أو الماضوي الرؤية. وإن كانت الأسبقية للمجتمعات الغربية في إعتماد منهج الدراسات المستقبلية، فإن ذلك لا يمنع أن يتدارك العلماء والمفكرون والمتخصصون العرب ذلك التأخر في المؤسسات المجتمعية، فيدفعون نحو تفعيل هذه الإتجاه وترسيخ النهج العلمي نحو الرؤية المستقبلية والتفكير المستقبلي الأتجاه كنقطة بدءٍ جادٍّ على الرغم من تحديات الحاضر والمتغيرات المتسارعة في العالم العربي.

فلا بدّ من التغلب على ضالة الإهتمام بهذا النوع من الدراسات من جهة. وتفعيل أدوار مراكز البحوث والدراسات نحو هذا الأتجاه من جهة أخرى، وتمكينها من إعداد دراسات مستقبلية جادة. ومن شأن ذلك أن يتحول تفكير المخطط وواضع السياسات للمؤسسات المجتمعية من الحالة النمطية الراكدة إلى درجة أعلى من النشاط الفكري، وإعْمال العقل في اتجاهات ذات طابع مستقبلي، ورؤية استشرافية للمستقبل. فالمجتمعات ذاهبة إلى المستقبل ولا يأتي المستقبل إليها، فالدراسات المستقبلية أصبحت ضرورة للمجتمعات ومؤسساتها، وضرورة لا غنى عنها، ولم تعد خياراً تأخذ به المجتمعات المعاصرة أو تتركه، سواءً أكانت متقدمة أم نامية.

*أن العالم العربي الذي يمتلك من الإمكانات المادية والموارد الطبيعية والمالية، ولديه هذا الكمّ من الجامعات بأساتذتها ومراكزها البحثية وطلبتها المبدعين فإنه مؤهل لإحداث نهضة كبرى ونقلة نوعية في مسار الدراسات والبحوث، وبخاصة المستقبلية وتجاوز ذلك التأخر في هذه المجالات العلمية.

اما الافتقار الوحيد لدى تلك المؤسسات والإفادة من نتائج دراساتها واتجاتها المتميزة في المجتمعات العربية فهو ضعف اهتمام قيادات المؤسسات بتلك النتائج تمويلاً وأخْذاً بها والإفادة منها في رسم السياسات والتخطيط الإستراتيجي والمستقبلي.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير