جفرا نيوز - فرح سمحان
المواجهة الكلاسيكية التي يُروج لها بين الحكومة والنواب في مجلس خصص فيه 41 مقعدًا للأحزاب لن تمر إلا إذا استخدم الرئيس جعفر حسان لمحة ذكاء؛ للوصول إلى صيغة تفاهم لا تعرجات فيها ولا ندية في التعامل، والواضح أن الحكم على أداء الحكومة سيكون مرتبطا بشخص الرئيس الذي سينعكس عليهم بالهدوء والمسايرة حتى لا تحدث حالة انصياع أو كسر عظم بين النواب والحكومة التي ولدت من رحم التجرع والتضرع؛ لتغيير مأمول دون سقف توقعات محدد.
الرئيس يعمل حاليًا على فكرة جذب الشارع بالخروج إلى الميدان وتحديدا إلى الميدان الذي يحمل بؤرًا ساخنة ومناطق نائية ، وهذا في وقت معين يكون لافتًا للنظر، لكن إذا كان الأمر مقتصرًا على التوجيهات فقط فحينها ستضطر الحكومة لاتباع خطة بديلة حتى لا تدخل في حالة حرج وتبرير مع قنوات الاتصال المختلفة ، والخطة وقتذاك لن تُفيد في وقت من المرتقب معرفة شكل اللقاء الفعلي الأول الذي سيجمع حكومة جعفر حسان مع البرلمان بُعيد افتتاح الدورة العادية في 18 تشرين الثاني المقبل والمباشرة بعدها بجس النبض، وإراحة الأنفس التي تترقب من بعيد كيف سيكون الوجه الثاني للحكومة التي تساير الجميع ، وتحاول إرضاء الغريب قبل القريب.
ربما هناك مخاوف لدى دوائر التقريب الموازية من رئيس الوزراء تتعلق بالمرحلة المقبلة، وهذا بات يُروج لسيناريوهات أخرى تتعلق بإجراء أول تعديل وزاري على حكومة حسان التي وصفت تشكيلتها على أنها تعديل موسع لا أكثر ولا أقل، لكن ما يغذي فكرة إجراء التعديل الوزاري على الرغم من أن هذه الخطوة كفيلة بإرباك المشهد العام من جديد، هو عدم التقاط بعض الوزراء لرسالة العمل على مدار الساعة والنهوض مبكرًا للخروج إلى الميدان، وهذه مفاتيح سر لنيل الرضا والقربان للبقاء أطول فترة ممكنة في المواقع الوزارية التي أعطاها حسان في أول اجتماع له مع الحكومة، بيد أن البيب من الإشارة يفهم.
على العموم فكرة التشابك الكلامي أو حتى استفزاز الرئيس لإظهار ردة فعله العكسية لن تكون ورقة رابحة لمن يريدون فعلا إشعال المشهد، وجعل الحكومة تصطدم مع الشارع عن طريق الشريان الأقرب وهو النواب، إذ سيتجه التجاوب الحكومي نحو رادار فتح المزيد من القنوات، وإن لزم الأمر ستتخذ قرارات حاسمة ومهمة ستجعل الشارع يفضل الحكومة على البرلمان الذي يعاني أصلا من أزمة ثقة واحتدام مع الشارع الذي يملك قناعة أنه "مجرد ديكور"، هذا الوتر الحساس الذي ستلعب عليه حكومة حسان، فيما سيكون الخيار الأهم للتقرب من الشارع هو التعديل الوزاري لخروج الأسماء التي من الممكن أن تربك الحكومة وتشوه شكلها، وبهذا تكون الحكومة قد اجتازت أصعب اختبار مقبل لها في مرحلة متأرجحة تحتاج لتكتيك يمتص كل أثار الحدية والتوترات .