جفرا نيوز -
خاص
في الأوقات الحاسمة تحتاج الدولة من رجالاتها وبمسافة أمان واضحة، التجرد من مخاوف عتب "فلان وعلان" ، أو حفظ خط الرجعة مع جهة بعينها أو البقاء من زاوية النظر البعيدة عن المشهد، بعض رؤساء الوزراء والمسؤولين السابقين ، ورجالات الأعيان، والساسة المخضرمين مع حفظ الألقاب للجميع، أين أنتم والدولة تواجه حالة اشتباك داخلية كفيلة بتشتيت البوصلة وتمزيق جزء مهم من جبهتها التي تحتاج للتمين بنسبة مئة وواحد في المئة، أين دوركم وكلامكم وتصريحاتكم التي تخرجون فيها متى ما شئتم فقط، وإذا كانت الحقيقة أنكم تصمتون بغية درء الفتن وجعلها نائمة في سبات عميق، فالواقع يقول إن صمتكم عن روايات أولئك الذين يحاولون إظهار الأردن في صورة التقصير والتخاذل أشد تأثيرًا وفتنة، لأن من واجبكم ومن حق الدولة عليكم رد الجميل ولو بأضعف الأيمان.
هناك جماعات تقتنص الفرصة لجعل الأردن يبدو وكأنه لعبة يريد الأطفال تقاسمها، ويحاولون بطرق مختلفة تصدير آرائهم وتوجهاتهم عنوة، ولا يقدرون أو حتى يثمنون نهج الدولة وسياستها في الكثير من الملفات التي وقفت فيها مع فلسطين وقضايا مصيرية أخرى، بل يريدون من الدولة أن تدخل في حالة حرب وأن يحدث تمامًا كما حدث في دول مجاورة عاث فيها بلاء الجماعات المُسيسة التي تحترف تجارة القول والفصل، أين العقلاء من الأحزاب وبالأخص جبهة العمل الإسلامي الذي يحاول دائمًا إظهار نفسه الضحية الأقوى، أين الإعلام الوطني الحر الذي يكتب بعقلانية ووعي ويبتعد عن بث الآراء الجانبية، والمصالح الخاصة، كلها أسئلة تحتاج إجابات، إذ ليس مهمًا أن تجتمع الأطراف على طاولة الأعراس الوطنية والتمجيد والتغني بالدولة في أوقات الفرح والمسرات، بقدر ما هو مهم أن تتكاتف الأيدي وتُبرمج الألسن للخروج برواية "شافية وافية" تجعل البوصلة واضحة ليعرف الجميع حجمه.
لكن مع هذا يُسجل لبعض الشخصيات المعروف عنها حرصها وحبها للوطن دون منية أو مزاودة على أحد ، وموقفها المقدر، وتدخلها بالوقت المناسب دون أن تلتفت لأحد أو تكترث لمصلحة سوى مصلحة الوطن.
رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز لم يهدأ وبمناسبة أو دون، فالدولة وجهود جلالة الملك وحماية الوطن، عناوين وتصريحات لا تفارقه، ولم يوفر جهدًا أو وقتًا ليقول دائمًا أن قوة الأردن من قوة وتماسك المواطنين، وأنه لن يسمح لأحد بالتدخل في وعيهم أو توجهاتهم، وأن الأردنيين ليسوا بحاجة لأحد لكي يعرفوا ويفهموا ما هو واجبهم تجاه وطنهم وقيمهم.
والوزير الأسبق والعين محمد داودية الذي يخرج من موقعه ليفسر المشهد بمعادلة وطنية لا تقبل القسمة على أحد، وبتواصل دائم وسلسلة تصريحات تُثري المشهد السياسي في أوقات تلامس درجات الحرارة المرتفعة حد الغليان في الشارع، ويتشارك معه في ذلك الموقف العين طلال الماضي الذي يعكس قوة مجلس الملك من موقعه كعين يشارك القول ويقف حد الوطن في أي مناسبة كانت.
وزير الاتصال الحكومي محمد المومني تحدث وبنبرة صريحة أنه لن يُسمح لأحد العبث بالمشهد الداخلي ، وأن الدولة لن تتبنى شعارات خارجة عن القيم الوطنية، وهذا انسجام حكومي يوازن المشهد بطريقة تكتيكية، دون اصطدام مباشر مع أي طرف.
كتاب الحق الذين يخرجون بالجوهر لا المنظر من مواقعهم المختلفة، كالوزير الأسبق سميح المعايطة، والكاتب حسين الرواشدة يبرقان دائما وفي مثل هذه الأزمات التي يتعامل معها البعض على أنها بسيطة وزوبعة بفنجان، بتحدٍ لافت وإصرار وطني يعكس متانة الجبهة الداخلية، وعلى الرغم من الهجوم والانتقاد الذي يطالهما ، إلا أنهما يؤكدان قولا وفعلا أن مصلحة الوطن فوق كل شيء ، وأسمى وأهم من عتب أشخاص أو أخذهم كطرف في معادلة يبقى فيها خط الوطن والوقوف معه في أزماته الخط الفاصل الذي لا يقبل المفاضلة، هذا ينطبق أيضًا على شخصيات كثيرة تغار على الوطن، وتعرف متى وكيف تخرج للرد على أي تطاول .