حظي رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي باستقبال رسمي وملكي مزدوج رفيع المستوى عندما كانت عمان أول محطة له خارج لبنان في زيارة رسمية تم ترتيبها عن بُعد هي الأولى لميقاتي منذ بدأت الحرب الإسرائيلية على لبنان.
اللقاء الأهم لميقاتي والذي يتعامل معه الأردن باعتباره رجل المرحلة حصل في قصر الحسينية حيث مباحثات مع الملك عبد الله الثاني مباشرة وتأكيدات ملكية على دعم سيادة وأمن واستقرار لبنان وهي نفسها العبارة التي تستخدم بالعادة في سياق سياسي ودبلوماسي أردني لدعم حكومات الدول التي يستهدفها القصف الإسرائيلي.
وتحدّث الملك في اللقاء الذي تم في قصر الحسينية عن أقصى الجهود التي تبذلها بلاده لوقف الحرب على لبنان الشقيق وأعلن عن وقوف الأردن التام مع لبنان بعد المعاناة الناتجة عن الحرب محذرا مجددا من توسّع إقليمي للحرب يلحق الضرر في جميع الأطراف.
المهم أيضا أن ميقاتي الذي تعتبر عمان مقر اقامته الثاني بالعادة حظي لأول مرة باستقبال رسمي في مقر رئاسة الوزراء "الدوار الرابع” والتقى نظيره الأردني جعفر حسان بوجود وزير الخارجية أيمن الصفدي الذي يتحرك بدوره الآن في عمق المعادلة اللبنانية باعتباره يمثل مبادرة اردنية سياسية دبلوماسية تهدف لوقف إطلاق النار على لبنان وبنفس الوقت تقديم ما يمكن من الإغاثة والمساعدات حيث وصلت 7 طائرات نقل عسكرية أردنية إلى بيروت.
وحيث تشير أوساط ميقاتي إلى أن الأردن لعب دورا خلف الكواليس في الضغط على الأمريكيين لوقف عمليات القصف العنيفة للعاصمة بيروت.
ويعد ميقاتي صديقًا قديمًا للأردن، لكن دعم حكومته ومنصبه باستعراض دبلوماسي وسياسي رفيع المستوى خطوة مستجدة برأي المصادر الدبلوماسية تشير إلى أن الأردن لديه قرار بإزالة التحفّظ عن الاقتحام والمبادرة في الملف اللبناني الموصوف في عمان دوما بأنه شائك ومعقد.
وسبق لميقاتي أن نصح الصفدي عندما زار بيروت على متن طائرة عسكرية بالانفتاح على رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري باعتباره مفوض هو الأقرب لحزب الله والمقاومة إذا ما تبرمجت مبادرة أو تسوية لوقف إطلاق النار وعقد فعلا لقاء بين الصفدي وبري في إطار نصيحة الميقاتي كما أشارت في تقريرٍ سابق لها.
حفاوة استقبال ميقاتي في عمان وتكثيف برنامجه بعد مباحثات برئاسة الوزراء بلقاء ملكي رفيع مؤشر لفت نظر السياسيين والدبلوماسيين في الأردن وسط انطباع أن الرئيس ميقاتي وجد في الصديق الأردني جهة موثوقة عربيا يمكن أن تساعد في إسناد خطته التي عرضها على الفرقاء في بلاده بعنوان الحفاظ على وحدة الجبهة الداخلية.
ما بحثه ميقاتي ويبحثه مع الأردنيين الآن خلف الستار هو خطة لحسم الملفات العالقة دوليا بمعنى تعيين رئيس الجمهورية والانتقال من صفة حكومة تصريف الأعمال إلى صفة حكومة مستقرة ولديها ثقة برلمانية ثم عقد حوارات وطنية على اساس التصدي للعدوان الإسرائيلي.
تلك الخطة بدأت ملامحها الأولى مع مباحثات الصفدي – ميقاتي – بري – في بيروت وفي عمان يفترض أن تستكمل التفاصيل مع أطراف اخرى تقول بعض المصادر والاوساط انها موجودة في العاصمة الأردنية أيضا بما فيها ممثلين للولايات المتحدة الأمريكية.
ما يدعمه الأردن حصرا ضمن سيناريو ميقاتي هو التصور القائل إن الانتقال من حالة الإستعصاء الداخلي إلى حالة مؤسسية بخطوات أسرع في ظل العدوان الإسرائيلي يمكن أن يساعد ويساهم في اختراقات او صفقة تسمح بإعادة التفاوض مع المجتمع الدولي والأمريكيين ثم الإسرائيليين لبحث عن تسوية سياسية بدلا من التصعيد العسكري.
ما يُعيق تفاهمات ميقاتي عمان حسب مصدر دبلوماسي غربي حتى الآن هو إصرار الرئيس بري على أن الإسراع بخطوات المعالجة الداخلية في ظل استمرار القصف لن يكون مهمة سهلة وميسورة وإشارته إلى أنه من غير المنصف للمقاومة اللبنانية مطالبتها بكسر وحدة الساحات الآن بمعنى الحرص على تسوية في لبنان تلحقها بضمانات ما وفورا أخرى في غزة.
الرأي اليوم