جفرا نيوز -
فرح سمحان
في التوقيت الأكثر مأمونية وحسمًا للجدل وسط إقليم ملتهب وتطورات سريعة غير متوقعة؛ تأتي تصريحات الملك عبدالله الثاني لتفسر للمجتمع الدولي مفاهيم كثيرة، وبلغة أقرب إلى "نوتستالجيا" العالم السياسي ، وهي تذكير بثوابت وخطوط حمراء أردنية لن تتبدل حتى مع الضغوط وسيناريوهات جس النبض التي يحاول بعض الأطراف الترويج لها بطرق مختلفة.
الملك خلال مشاركته في أعمال قمة دول جنوب أوروبا "ميد 9" بمدينة بافوس القبرصية، أكد على محاور مهمة سبقها تصريحات ساذجة وفيها تطاول على السيادة الأردنية من قادة الاحتلال المتطرفين، الأمر الذي سرعان ما تداركه الدبلوماسية الأردنية، ودعمه حديث الملك الذي كرر ولمن يريد أن يفهم؛ أن الأردن لن يكون ساحة للصراعات الإقليمية؛ أي أن تخليص الحسابات بين الأطراف كافة لن تكون المملكة طرفًا فيه ؛ أي لا رمادية في توصيف المواقف عندما تتعلق القصة والحيثيات بالسيادة والأمن.
الأردن وبطبيعته التي تضعه كنقطة اتصال مركزية بين دول تشتعل وفي حالة تأهب لأي رد؛ سيكون الناطق الرسمي لتفسير وتحليل ما يحدث ومن زاوية أقرب إلى تشخيص الحالة بذكاء وسرعة بديهة ؛ لذلك يأتي خطاب الملك على أنه الأكثر اتزانًا ووضوحًا في المحافل العالمية، وهنا جاء التأكد أيضا على أن الأردن يتحدث في كل القضايا بأهمية متساوية دون مفاضلة، لكن الذي أفرد خطاب الملك بشيء من التميز المهم خلال بافوس، هو الإشارة إلى أن التهدئة الشاملة في المنطقة لن تكون إلا بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، على عكس بعض الخطابات التي تريد أن تحل الحرب في لبنان دون غزة أو العكس، وهذا بطبيعة الحال لن يخدم المنطقة والعالم .
غزة وما يحدث فيها كان حاضرًا على لسان الملك من بافوس ، في وقت يحاول قادة الاحتلال تجيير الأنظار على اتجاهات محددة فقط ، وخلط جميع الأوراق مع بعضها، وهنا أعاد جلالته الحديث عن ضرورة مضاعفة وإيصال المساعدات إلى القطاع المنكوب منذ عام دون تأخير، الأمر الذي يوصل رسالة مفادها أن المملكة ومن خلال الإنزالات الجوية التي تنفذها القوات المسلحة "الجيش العربي" ، مستمرة في دورها تجاه غزة ، وحتى اللاءات الثلاث التي أشار ويُشير إليها الملك في خطاباته كافة كلا للتوطين ، كلا للوطن البديل، والقدس خط أحمر، هي شيفرة الموقف الأردني لكل من يعتقد ولو برهة أنه سيتغير.