جفرا نيوز -
تشهد الساحة الرقمية انتهاكات خطيرة تجاه المحتوى الفلسطيني، حيث استُخدمت التكنولوجيا كأداة حرب من قبل الاحتلال الإسرائيلي لحجب الروايات الفلسطينية وتوثيق الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في قطاع غزة. يأتي هذا في إطار ما يُعرف بـ "الإبادة الرقمية”، حيث يتم استهداف المحتوى الفلسطيني وحجب المعلومات التي تعكس حقيقة الأوضاع في المنطقة.
فقد كشفت تقارير متخصصة إن إسرائيل استخدمت الساحة الرقمية ذراعا لحرب الإبادة على غزة، من خلال تغولها التقني عبر منصات التواصل الاجتماعي عبر شركاتها العاملة فى المجال التكنولوجي لحجب جرائم الحرب التي ترتكب ضد المدنيين في قطاع غزة فى محاولة لقتل الرواية الفلسطينة حول الإبادة .
تعرض المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي إلى أكثر من 23 ألف انتهاك رقمي، حيث استحوذت منصات "ميتا” على نسبة 56% من هذه الانتهاكات، فيما سجلت منصة "تيك توك” نسبة 25%، و”إكس” (تويتر سابقًا) 15%، بينما شكلت "ساوند كلاود” نسبة 3.7%..
واستهدف قطاع الاتصالات في قطاع غزة بشكل مباشر وممنهج؛ تعمد فيه الاحتلال الاسرائيلي الى قطع خدمات الاتصالات والانترنت عن القطاع بشكل متكرر ومتصاعد؛ وهو ما فاقم المعاناة وعقّد جهود الانقاذ في القطاع، وعزل السكان وحدّ من قدرتهم على التواصل وطلب الاستغاثة والمساعدة، وأعاق أيضا عمل الصحفيين والمراسلين في الميدان، وتعتبر هذه الأفعال مخالفة للقوانين والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الأعراف الدولية ووسيلة لإخفاء جرائم الحرب.
رصد وحجب:
حيث تم الإعلان حوالي 10 مرات عن انقطاع خدمات الاتصالات بشكل كامل عن قطاع غزة وبالغالب كان تزامن قطعها مع أبشع مجازر الابادة التى ارتكبتها اسرائيل بحق الفلسطينين على مدار عام كامل.
وبحسب تقرير أصدره مركز "صدى سوشال” للحقوق الرقمية الفلسطينية بعنوان "عام من الإبادة الرقمية للفلسطينيين”، والذي شمل رصد الاعتداءات الرقمية التي تزامنت مع الهجمات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، من 7 أكتوبر 2023 وحتى عامٍ كامل، وركز التقرير على الأبعاد المتعددة للإبادة الرقمية، والتي تضمنت حجب المحتوى الفلسطيني، فرض الرقابة على وسائل التواصل، واستهداف الصحفيين الفلسطينيين.
وفقًا للتقرير، خلال الفترة المذكورة، تعرض أكثر من 700 رقم واتساب فلسطيني للحظر، مما أدى إلى عزل السكان وزيادة صعوبة تواصلهم مع العالم الخارجي. وقد شكلت هذه الحالات نسبة 76% من سكان قطاع غزة، مما أسهم في تعميق الأزمة الرقمية وفرض عزلة رقمية شبه كاملة على القطاع.
فيما يتعلق بالصحفيين، ذكر التقرير أن 29% من مجمل الانتهاكات الرقمية استهدفت الصحفيين والصحفيات والمؤسسات الإعلامية.
تلقى "صدى سوشال” أكثر من 1200 شكوى من صحفيين حول محاولات اختراق لحساباتهم الرقمية، بينما أنشئت 16 حسابًا مزيفًا بأسماء صحفيين بهدف تشويه سمعتهم ونشر معلومات مغلوطة عنهم، مما شكل تهديدًا مزدوجًا على سلامتهم الرقمية والجسدية. كما وثق التقرير أكثر من 80 ألف منشور تحريضي إسرائيلي عبر منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك دعوات للإبادة الجماعية، وتبرير العنف والقتل الجماعي بحق الفلسطينيين.
وقد رصد المركز 340 شكوى تتعلق بخطابٍ تحريضي عبر رسائل واتساب ورسائل قصيرة (SMS)، كم رصد المركز نشر 250 معلومة كاذبة ومضللة خلال هذه الفترة، تراوحت بين معلومات خاطئة كليًا أو تلاعب بالسياقات لتبرير الاستهداف العنيف للمدنيين الفلسطينيين.
يشار أن الانتهاك الأكبر للمحتوى الفلسطيني خلال عام الإبادة حدث بقطع الاتصالات بشكل كامل وتام عن قطاع غزة عدة مرات، اذا شهد قطاع غزة قبل العدوان نمواً ملحوظا ًفي مستوى الاتصالات ككل حيث بلغ عدد اشتراكات الهاتف النقال عشية العدوان الاسرائيلي1,041,198 اشتراكاً بناء على بيانات وزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي، وبلغت نسبة الأسر في القطاع التي لديها نفاذ للإنترنت 93% .
استهداف وخسارة:
تعرضت البنية التحتية المغذية لشركات الاتصالات في قطاع غزة الى الاستهداف المتعمّد والمباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث تعمل في قطاع غزة خمس شركات رئيسية وهي (شركة الاتصالات الفلسطينية بالتل، شركة الاتصالات الخلوية جوال، شركة أوريدو، شركة مدى العرب، وشركة فيوجن نت).
وطال الاستهداف المقاسم الرئيسية والفرعية، تعطيل وتدمير لأبراج التقوية وشبكات الألياف الضوئية بالإضافة الى المسارات والخطوط الناقلة الرئيسية التي تربط قطاع غزة مع بعضه ومع العالم الخارجي.
كما يعتبر نفاذ الوقود اللازم لتشغيل المولدات وانقطاع الكهرباء أسباباً إضافية لانقطاع الاتصال عن قطاع غزة.
وأشارت بيانات وزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي الى أنه وقبل العدوان كان هناك 841 برجاَ تابعاً لشركات الاتصالات الخلوية وحتى منتصف نيسان من العام 2024 خرج ما نسبته 75% من هذه الأبراج عن الخدمة، كما وصلت قيمة خسائر البنى التحتية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبريد خلال الستة شهور الأولى للعدوان إلى حوالي 223 مليون دولار أمريكي. أشارت تقديرات الحسابات القومية الربعية للربع الرابع من العام 2023 أي الثلاثة شهور الأولى من العدوان الإسرائيلي والصادرة عن الجهاز الى تأثر نشاط المعلومات والاتصالات في كل فلسطين حيث بلغت القيمة المضافة بالأسعار الثابتة 106 مليون دولار أمريكي في الربع الرابع من العام 2023 مقارنة مع 132 مليون دولار أمريكي في الربع الثالث لنفس العام بانخفاض حوالي 20%.
أما على مستوى الضفة الغربية بلغت القيمة المضافة في الربع الرابع 105 مليون دولار أمريكي مقارنة مع 128 مليون دولار أمريكي في الربع الثالث من العام 2023 بنسبة تراجع بلغت حوالي 18%، أما في قطاع غزة فقد بلغت القيمة المضافة لنشاط المعلومات والاتصالات في الربع الرابع 400 ألف دولار أمريكي مقارنة مع 4.4 مليون دولار أمريكي في الربع الثالث من العام 2023 بنسبة تراجع بلغت 91%.
حصارا رقميا:
وفي تقرير أخر لمركز "صدى سوشال” نشر بعنوان "سياسات مواقع التواصل الاجتماعي كجزء من سياسات الإبادة "، أشار المركز غير الحكومي إلى تصاعد الانتهاكات الرقمية والتعديات الإسرائيلية على خصوصية المستخدمين الفلسطينيين وبياناتهم، ومحاولات حجب "جرائم الإبادة الجماعية” في غزة رقميا من خلال حذف منصات شركة "ميتا” صورا ومشاهد وثقت محرقة الخيام التي نفذتها القوات الإسرائيلية وأشار إلى الأبعاد الخطيرة التي يشكلها حذف مقاطع توثيقية في وقت تواجه فيه إسرائيل اتهامات دولية بالإبادة الجماعية، حيث تستند الفرق القانونية للمواد المرئية التوثيقية في منصات التواصل الاجتماعي كمادة أساسية لتقديم حججها القانونية. وتحدث التقرير عن استمرار منصات التواصل في انحيازها الرقمي ضد الرواية الفلسطينية وممارسة انتهاكات رقمية، مشيرا إلى أكثر من 1300 انتهاك رقمي على المنصات المختلفة خلال الشهرين الماضيين.
وعبر المركز الفلسطيني عن خشيته من حصول الجيش الإسرائيلي على بيانات مستخدمي منصة "واتساب” في غزة واستخدامها في تغذية نظام "لافندر” للذكاء الاصطناعي الذي يستخدمه في قتل الفلسطينيين في القطاع.
وتحدث التقرير عن تسريب الأجهزة الأمنية الإسرائيلية معلومات وبيانات شخصية لفلسطينيين في قطاع غزة، واستخدامها لابتزاز الأشخاص وتهديدهم بنشر صور ومعلومات شخصية إذا لم يتواصلوا معه.
وفي التقرير نفسه، قال مركز "صدى سوشال” إن التحريض الإسرائيلي استمر ضد الفلسطينيين ومناصري فلسطين حول العالم وتركز على الدعوة لإبادة جماعية في الضفة الغربية، تحديدا في المناطق الشمالية منها، واستخدام مصطلحات تؤكد نية الإبادة. وأضاف المركز الفلسطيني أن إسرائيل فرضت حصارا رقميا على قطاع غزة منذ أكثر من 20 عاما، وتدمر شبكات الاتصالات في كل عدوان تعرض له القطاع، آخرها تدمير أكثر من 60% من شبكة الاتصالات والإنترنت خلال الحرب المستمرة منذ 9 أشهر.
وأشار التقرير إلى أن "الظلام الرقمي” الذي يعيش فيه سكان قطاع غزة في ظل قطع شبكات الاتصال يعني عدم المقدرة على الاتصال بلجان الطوارئ والإسعاف لإسعاف المصابين وانتشال المفقودين تحت الأنقاض
وكالات