جفرا نيوز -
إسماعيل الشريف
«كلما تغيرت الأشياء بقيت على حالها» - جان باتيست ألفونس، كاتب فرنسي
بعد وفاة الخليفة الأموي يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، ابتهج الناس واستبشروا خيرًا، إذ كانت فترة حكمه دموية وقاسية. ففي عهده وقعت معركة كربلاء التي استشهد فيها الإمام الحسين وأهل بيته، كما شهدت تلك الفترة واقعة الحرة، حيث استباح جيشه المدينة المنورة لمدة ثلاثة أيام. خلفه عبد الملك بن مروان، ولم يختلف حكمه كثيرًا عن سلفه في القسوة وسفك الدماء. فقد ارتبط حكمه بشكل وثيق بعامله الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي يُعد أحد أشهر الطغاة في التاريخ الإسلامي، ويقال إن يديه تلطخت بدماء أكثر من مئتي ألف شخص.
وبالمثل استبشر الألمان برحيل الإمبراطور فيلهلم الثاني الذي ورطهم في الحرب العالمية الأولى، ليأتي بعده هتلر الذي قادهم إلى دمار أكبر في الحرب العالمية الثانية. وعندما رحل الطاغية المشهور موغابي عن حكم زيمبابوي، خلفه منانغاغوا، الذي كان نظامه أكثر فسادًا ودموية من سلفه.
تذكرت هذه القصص وأنا أقرأ تحليلات الكتّاب وهم يقارنون بين المرشحين ترامب وهاريس، ويحاولون الإجابة عن السؤال:
من هو الأفضل لنا؟.
في الرابع من تموز عام 2009، وقف الرئيس الأمريكي أوباما على منصة جامعة القاهرة في خطاب اعتُبر تاريخيًا وحمل عنوان «بداية جديدة». دعا أوباما في هذا الخطاب إلى فتح صفحة جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، بعد فترة حكم سلفه جورج بوش الابن الذي احتل العراق ودمّره، وأسفر عن مقتل حوالي ستمئة ألف عراقي، تاركًا البلاد في فوضى وحرب أهلية راح ضحيتها ما لا يقل عن مئة ألف عراقي آخر.
لكن أوباما لم يكن أفضل من سلفه بعد هذا الخطاب، فقد ألقى قنابل على العالم العربي في العراق وسوريا وليبيا تفوق ما ألقاه بوش، وأطلق مشروع الاغتيالات باستخدام الطائرات المسيرة، مما أسفر عن مقتل آلاف الأبرياء.
وعلى الرغم من أن أوباما دعا في خطابه إلى حل الدولتين وإنهاء العنف في فلسطين، إلا أنه في عهده تم إبرام أكبر صفقة مساعدات في تاريخ الولايات المتحدة للكيان الصهيوني، بلغت 38 مليار دولار على مدى عشر سنوات. كما استمر حصار غزة، وتوسعت المستوطنات، واستمرت سياسات الكيان الصهيوني في قتل واضطهاد الشعب الفلسطيني.
وفي خطابه، تحدث أوباما أيضًا عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية التي يجب أن تسود في العالم العربي. لكن ما حدث كان الفوضى الخلاقة ودمرت عدة دول عربية.
لذلك، وبقول واحد، لا فرق بين رئيس وآخر بالنسبة لمنطقتنا، مهما بلغت قوة الرئيس أو كاريزمته أو دعمه الشعبي. فالسياسة الأمريكية في منطقتنا تُبنى على ثلاثية: الدعم غير المحدود للكيان الصهيوني بغض النظر عن التكلفة، والتحكم في النفط، ومواجهة إيران. أما فيما يتعلق بالدول العربية، فإنها تعاقب الدول التي تخرج عن سياستها، وتكافئ الدول التي تقف معها، وتُحيّد الباقية.
لقد كشف لنا طوفان الأقصى هذه السياسة بشكل واضح للغاية، حيث شاركت الولايات المتحدة مع الكيان الصهيوني في إبادة الشعب الفلسطيني الذي عوقب لأنه تمرد على جلاده. كما كافأت الدول العربية التي وقفت معه، وحيدت باقي الدول العربية حتى لا تتدخل في وقف الإبادة الجماعية. وظهر جلياً أن دماء العرب لا قيمة لها، فلم تصدر كلمة إدانة واحدة لجرائم الحرب التي تُرتكب في غزة، أو لتفجيرات البيجرات في لبنان، التي تُعد جريمة حرب واضحة.
مهما كان لرئيس الجمهورية تعاطف مع دولنا أو رغبة في إنصافنا، فإنه لا يستطيع الخروج عن المسار المرسوم له.
أقول إنه لا فرق بين رئيس وآخر، وبغض النظر عن هوية الرئيس القادم، سيستمر قتلنا وتهجيرنا وذبح أطفالنا وزعزعة استقرار المنطقة.
بعيدًا عن التحليل والقصص والفلسفة، سأجيبك إجابة واضحة ومباشرة: من الأفضل، ترامب أم هاريس؟ أقول كما قالت الأمثال العربية: «شهاب الدين... من أخيه!»