الحياة أخذ وعطاء يا حكومة
Friday-2012-10-26 11:34 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - خاص
على برنامج ستون دقيقة ظهر رئيس الوزراء عبد الله النسور في حوار موجه للشعب الاردني يمهد لإجراءات ضرورية لتجنب نكسة اقتصادية ، وشرح مطولا حيثيات عجر الموازنة ومخاطر الاستمرار في دعم اسعار المحروقات ، محذرا من زعزعة استقرار الدينار وحدوث التضخم الذي سيضعف القوة الشرائية للعملة المحلية ويدفع اسعار السلع إلى مستويات كارثية .
نعلم بصحة مجمل ما قاله الرئيس ، وان الوضع ناتج عن تراكم في السياسات الخاطئة من جهة والازمات الاقتصادية العالمية والاقليمية المتلاحقة ، ونعلم بان الخيارات المتاحة محدودة ، كما نعلم بان الاشهر القليلة القادمة هي الوقت المناسب لاتخاذ هذه الخطوة قبل التئام المجلس النيابي الجديد الذي يتوقع ان يمانع بشدة استكمال برنامج رفع الدعم لاسعار المحروقات والسلع الاساسية ، تجنبا لسقوطه في امتحانه الاول امام المواطن .
فالرئيس النسور يجد نفسه امام تحديين متضاربين ، إما تحقيق المصلحة العليا لحماية الدينار ، وإما ارضاء الناس وتلافي الاخطاء للعبور إلى تشكيل حكومة جديدة بمشاركة كتل نيابية فاعلة في البرلمان الجديد ، وهي معادلة صعبة لن تتحقق بإجراءات صغيرة كمنع التعيينات او الغاء تعيينات للحكومة السابقة او حوار مداهن هنا وهناك .
وعلى الرئيس ان يدرك بان المواطن وان اقتنع بكلامه في برنامج ستون دقيقة ، سيرفض فكرة رفع الدعم كونه سئم الاجراءات الحكومية المتراكمة على مدى عشرين عام ، بسبب اساليب الجباية التي نصح بها فصحاء وزارة المالية من ضرائب ورسوم معقدة لم تترك باب رزق في القطاع الخاص إلا ودخلته حتى شعر المواطن بالاختناق .
لابد لرئيس الوزراء ان يعطي حتى يأخذ ، ولابد ان يشعر المواطن بالنوايا والافعال الحسنة حتى لا يضطر إلى قلب الطاولة على رأس الحكومة وينصاع للمتربصين بالدولة من جهة ثالثة كما حدث في انشودة الفساد ، اما حل التعويض النقدي السنوي او الشهري فهو حل جزئي وغير كاف ، نسبة للأثر السلبي الشامل المتوقع لارتفاع اسعار المحروقات ، فالتاجر سيضاعف ربحه والناقل والطبيب والمهندس وكل صاحب مصلحة لتصبح الحسبة ظالمة للمواطن ، ولن ينفع حينئذ استهداف الكماليات او مراقبة الاسعار و غير ذلك من الاجراءات التقليدية .
فان كانت الاقلام جفت والصحف رفعت بمسالة رفع الدعم ، ننصح رئيس الوزراء بالتقليل من الكلام وبدء التفكير والعمل لاتخاذ اجراءات تشعر المواطن بانه استعاد شيئا من الحكومة ، كإعادة النظر في الغرامات وتخفيض الرسوم والضرائب الجمركية ، او رسوم الجامعات او رسوم تراخيص البناء او رسوم تسجيل ونقل ملكية العقار و رسوم ترخيص المركبات ونقل ملكيتها ، ورسوم المهن والبلديات ورسم الرصيف وتكاليف التعبيد والتزفيت واثمان القبور ... ومخالفات السير ، وسلسلة الضرائب الإضافية وغيرها .
لا نتوقع من الحكومة التخلي عن كل ذلك كله ، لكننا نامل بان توازن بين مصلحة رفع الدعم وبين افساح المجال لكي يتنفس المواطن قليلا ، واحتواء الاحتقان الذي وصل حده في اجواء التأزيم التي نعيشها ، والتحديات السياسية الماثلة امام الدولة بشكل عام .

