جفرا نيوز -
- نظم منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي، بالتعاون مع مؤسسة الفكر العربي، مساء أمس الاثنين، ندوة بعنوان "أضواء على الفلسفة العربيّة اليوم"، وذلك برعاية وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة.
وشارك في الندوة التي جاءت بمناسبة إطلاق كتاب "العرب والحراك الفلسفي اليوم"، وأدارها الكاتب والمفكر الدكتور جورج الفار، كل من الباحث والمفكر احمد برقاوي بورقة بعنوان "الحاجة إلى التفلسف"، ورئيس الجمعية الفلسفية العربية الدكتور احمد ماضي بورقة معنونة بـ "الفلسفة والفضاء السياسي"، ورئيس الجمعية الفلسفية المصرية الدكتور مصطفى الشنار بورقة بعنوان "هل هناك فلسفة عربية؟"، والورقة الرابعة قدمتها رئيسة قسم الفلسفة في الجامعة الأردنية الدكتورة دعاء علي بعنوان "المرأة العربية والفلسفة".
وقالت الرئيسة التنفيذية للمؤسسة فالنتينا قسيسية في افتتاح أعمال الندوة، إنه من باب الاعتراف بالواقع، لا بأس بالقول إن حال الفلسفة عربيا لا يبدو كما هو مأمول أن يكون. حتى التفكير المنطقي في أساساته الأولى، وإطلاقاته الابتدائية لا يبدو بحال أفضل، بعد سلسلة انتكاسات تعرضت لها منظومة التعليم العربية، أهمها غياب العقل النقدي في التدريس، والاكتفاء بالتلقين من قبل المدرسين، والحفظ من قبل الطلبة، حتى غدت عملية التعليم بمثابة مرسل ومستقبل وليس فيها أي خيارات لعملية تفاعلية يمكن أن تنتج شيئا.
وأضافت أنه ينبغي لنا التأكيد على أن ثمة حاجة عميقة اليوم للعودة إلى التفلسف، ليس في دوائر الأكاديميا والنخب فحسب، بل إلى إشاعة مبادئ التفكير المنطقي في جميع المدارس ودور العلم، لكي نكون قادرين على وضع الأسس الصحيحة للتفكير النقدي، والعقل الجدلي القادر على النقض والإثبات بعيدا عن "الينبغيات" التي ملأت حياتنا خلال قرون.
ولفتت إلى أن الذي يثير الاستغراب كثيرا، هو أن مفهوم الفلسفة لدينا تم حصره، فقط، في النواحي الفكرية النظرية، ولم يتم سحبه على الحياة بجميع أوجهها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهو أمر أسهم في أن تسود نظرة سلبية تجاهها وتجاه المشتغلين، بوصفها "ثقافة فوقية"، ولا تفيد في الحياة العملية.
من جهته قال المدير العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور هنري العويط، إن كتاب "العرب والحَراكُ الفلسفيُّ اليوم"، يندرج في صميمِ رسالةِ التنويرِ والتنميةِ والتطويرِ التي ما فَتِئَت مؤسّسةُ الفكرِ العربيّ تضطلعُ بها منذ إنشائِها في العام 2000، وهو يُجسِّدُ الاهتمامَ البالغَ الذي تُوليهِ للفلسفة، إيماناً منها بأنّها أمضى سلاحٍ في مُحاربةِ آفتَي الجهلِ والتعصّب، وأنْجَعُ الوسائلِ للتغلُّبِ على التخلّف، ومُلهِمَةُ حَرَكاتِ التغيير، ورافعةُ التقدّمِ والنهوضِ الحضاريّ، وإدراكاً منها لمدى حاجةِ جميعِ العلومِ، وحاجتِنا جميعاً، إليها.
وبين أن الكتاب يشتمل على 35 مبحثاً، أعدّها فلاسفةٌ ومفكّرونَ ومثقّفونَ عرب، يؤمِّنُ تَوزُّعُهم على 12 بلداً في الخليجِ والمغربِ وبلادِ الشام ومصرَ ووادي النيل تمثيلاً جغرافيّاً لمختلفِ مناطِقِ العالَمِ العربيّ، ويُضفي تعدُّدُهم على الكتابِ غنىً وحيويّةً بفضلِ تَنوّعِ بيئاتِهم ومُناخاتِهم ومذاهِبهمِ الفكريّةِ والثقافيّة.
وقال المفكر والباحث الدكتور أحمد برقاوي "إن الفيلسوف المبدع لا يسأل ما حاجتي إلى التفلسف، بل هو الذي يطرح السؤال: ما حاجة الآخرين للتفلسف".
وأضاف أن مرجعية الفيلسوف هي الواقع والمعرفة البشرية بكل أنواعها، والمعرفة الفلسفية لا تدعي إطلاقا أنها أجابت عن الأسئلة إجابات مطلقة، ولذلك فإن تعدد إجابات الفلسفة عن مشكلة واحدة من مشكلاتها، دليل على حيوية شديدة لا تتوقف عن الفهم والتفسير.
وقال الدكتور أحمد ماضي، إن الفلسفة تخدم السياسة بصياغتها لنظام أو نسق من الأفكار والقيم والمثل، كما تسهم في تكوين الوعي السياسي.
وبين أن وحدة النظرية والتطبيق أو الممارسة، ضرورية لأن العمل السياسي بحاجة إلى بوصلة، والفيلسوف هو من يحدد الملامح الرئيسة للمجتمع الفاضل، ومغزى وجود الإنسان، ودلالة حياته.
من جهته قال الدكتور مصطفى النشار، إن المفكرين العرب منذ فجر نهضتنا الحديثة في مطلع القرن التاسع عشر، أدركوا أهمية الفلسفة وأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه في تحريك المياه الراكدة، وإيجاد سبل لحياة جديدة تسودها قيم الحداثة والتقدم.
وبين إن التفكير في المستقبل والانشغال بقضاياه بعيدا عن الالتفات إلى الوراء هو ما سنصنع به ومن خلاله التقدم دون أن ننسلخ عن تاريخنا وهويتنا ودون أن نذوب في حضارة ليست حضارتنا. إننا سنصنع مستقبلنا بقيم العصر وآلياته في ذات الوقت الذي لا نملك فيه الانسلاخ أو الإقلاع عن ذاتيتنا وهويتنا، والمسألة هنا ليست مجرد كلام نظري، بل هي واقع نعيشه ونسعى لتحقيق التقدم في إطاره؛ فالوعي بالتاريخ ليس مجرد وعي نظري، بل هو وعي كامن في الذات توقظه متطلبات اللحظة الراهنة في علاقتها بما تريد تحقيقه من تقدم في المستقبل.
الدكتورة دعاء علي، قالت إن "مسارات تطور المجتمعات نحو المستقبل والشكل الذي سيتخذه المستقبل في هذه المجتمعات، هي ما ستحدد وتحكم العلاقة بين المرأة والفلسفة، فإن دعت الحاجة ستكون هناك فلسفة وحضور نسائي في الفلسفة كيفا وكما، بقدر ما تقتضي هذه الحاجة إذا قامت هي بهذا الدور".
وأضافت "حتى لا أكون سوداوية أو أغيب بعض الحقائق، فهناك من وقف إلى جانب المرأة من الفلاسفة مثل ابن رشد الذي انتصر للعقل الإنساني كله ويرى بأن المرأة تستطيع أن تفعل جميع ما يفعل الرجال من حرب وفلسفة ولكن برأيه تختلف النساء عن الرجال في الدرجة.. هذا أيضا تمييز لكن على الأقل نظر للمرأة باعتبارها إنسان"