النسخة الكاملة

ضرر اقتصادي لغياب الفلسطينيين عن مواقع البناء "الإسرائيلية"

السبت-2024-03-23 09:23 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - يرتفع صرير حاد نتيجة احتكاك شفرة منشار كهربائي بأنابيب معدنية في أحد أركان مخزن يجري بناؤه عند سفوح تلال القدس. وبعيدا على الجانب الآخر من القاعة المعتمة، يعكف عاملان على معالجة حفرة في الأرضية. وبخلاف هذا، فالموقع خال تماما.

ويعمل الآن 25 عاملا فقط في المبنى المؤلف من ثلاثة طوابق، وقبل ستة أشهر كان يعمل هناك 125 عاملا.

والعمال الغائبون عن هذا الموقع هم من بين قرابة 200 ألف فلسطيني اعتادوا القدوم يوميا من الضفة الغربية بالإضافة إلى 18500 من غزة، وجميعهم الآن ممنوعون من دخول إسرائيل منذ بداية حرب غزة بسبب مخاوف أمنية مما تسبب في ضرر اقتصادي على جانبي الحدود.

ومن بين هؤلاء العمال هناك قرابة 80 ألف فلسطيني متخصصين في أعمال الحديد والأرضيات وتجصيص الحوائط ممن يقومون عادة بالأعمال الأولية الشاقة في معظم مواقع البناء الإسرائيلية.

وبالنسبة للفلسطينيين، فهذا يعني حرمان العائلات فجأة من دخل العمال الذين يمكنهم كسب أجور في إسرائيل تفوق بأمثال كثيرة ما يحصلون عليها في وطنهم.

وقال محمد دبوس الذي ظل لسنوات يأتي من قريته نعلين في شمال الضفة الغربية للعمل في البناء في إسرائيل "إحنا اعتمادنا الرئيسي وشغلنا في إسرائيل... بالنسبة للعامل اتدمر، يعني أنا من الناس اللي اتدمرت، عندي اثنين في الجامعات... يعني العامل يبقى اعتماده على إسرائيل وهذا ما فيهش شغل، شو تتوقع منا؟ فيش فيه بدائل عند العامل أن يروح يجيب مصروف لأولاده... معظم الناس فيه عندها التزامات، اللي باني بيت على شيك (قروض) اللي شاري سيارة على شيك، جميع هؤلاء اتبهدلوا... ما حدا بيسد محلنا، ما حدا بيحل محل العامل الفلسطيني، ما حدا بيسد. أول شيء بيجيب (العامل الأجنبي) مصريات (فلوس) بتطلع برة، احنا مصرياتنا (فلوسنا) بتضل (تبقى) هنا بالدولة هذه، ثاني شيء العامل اللي بده يجيبه ما بيعرف شو بده يشغله من لغة، ومن جميعه".

وفاقم فقدان الأجور التأثير الاقتصادي السلبي الناجم عن الحرب في غزة والاضطرابات في الضفة الغربية. وذكر تقرير لمنظمة العمل الدولية هذا الأسبوع، أن البطالة في الضفة الغربية وقطاع غزة من المتوقع أن ترتفع إلى أكثر من 50%، مع فقدان 500 ألف وظيفة إجمالا.

توقف مفاجئ

وبالنسبة لإسرائيل، أدى إغلاق الحدود في أعقاب عمليات السابع من تشرين الأول، إلى توقف مفاجئ لأعمال البناء. وانخفض بناء المساكن 95% في أواخر العام الماضي، مما ساهم في تقلص 19% إجمالا في النشاط الاقتصادي.

وتضررت قطاعات أخرى، مثل الزراعة والخدمات، لكن لم يتأثر أي قطاع مثلما تأثر قطاع الإنشاءات الذي يمثل 6% من اقتصاد إسرائيل البالغ حجمه 500 مليار دولار.

وتعافى القطاع منذئذ إلى حد ما، معتمدا جزئيا على العمال الذين يتم جلبهم من الدول الآسيوية، لكن 40% من أعمال البناء ما زالت متوقفة.

وقال آدي بريندر، رئيس قسم الأبحاث في بنك إسرائيل، إن هذا سيؤدي إلى تقلص الاقتصاد الكلي بين 2 و3%، استنادا على وتيرة توافد البديل من العمال الأجانب. وقد يؤدي توقف البناء إلى تفاقم نقص المساكن مما يذكي التضخم.

وكان من المفترض أن يكون المستودع الذي يجري بناؤه عند سفوح تلال القدس جاهزا في كانون الأول، والآن تأمل شركة المقاولات، ليمور براذرز، في الانتهاء من المشروع بحلول الصيف.

وقال أحمد شارح، مدير شؤون الموظفين والخدمات اللوجستية في الشركة "اليوم، لا نتطلع إلى تحقيق ربح. نتطلع إلى إنهاء المشروعات وتفادي خسارة أموال أكثر مما فقدناه بالفعل منذ بداية الحرب".

ويقول مقاولون إنهم يخسرون الأموال ويشعرون بالقلق من الغرامات التي يفرضها العملاء بسبب عدم الالتزام بالمواعيد النهائية. كما زادت بشدة أجور من بقي من العمال.

وقال راؤول سروجو، رئيس جمعية بناة إسرائيل "كل يوم، كل أسبوع، يفشل المقاولون أو يتوقفون عن العمل في القطاع بقرارهم الخاص".

وتعكف إسرائيل سريعا على توظيف عشرات الآلاف من العمال الأجانب، وتخصص حصة 65 ألف عامل مصرح لهم بالقدوم من دول مثل الهند وسريلانكا وأوزبكستان.

وهناك أحاديث أولية عن السماح للفلسطينيين بالعودة. ويشعر بعض مسؤولي الأمن الإسرائيليين بالقلق من أن يفاقم فقدان العائدات في الضفة الغربية عدم الاستقرار هناك.

وقال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن مجلس الوزراء سيناقش "برنامجا تجريبيا محدودا" للسماح بدخول الفلسطينيين.

وقال يهودا مورجينسترن، المدير العام لوزارة البناء والإسكان، إن "التقديرات تشير إلى أن العمال الفلسطينيين سيعودون، والسؤال هو متى وكم عددهم... حتى لو عاد جميع الفلسطينيين، فإننا لا نزال بحاجة إلى مزيد من الأيدي العاملة".

وقال مسؤول أمني إسرائيلي إنه إذا سُمح للعمال الفلسطينيين بالعودة، فسيخضعون لتدقيق وتفتيش أشد صرامة عن ذي قبل عند المعابر.

وما زال بعض المتشددين الإسرائيليين يعارضون ذلك ومن بينهم رؤساء بلديات.

وقال آفي إلكاباتز، رئيس بلدية العفولة، وهي مدينة صغيرة في الشمال "جلب هؤلاء العمال إلى إسرائيل يعني المخاطرة بحياة السكان وأنا لست مستعدا لذلك... هناك حلول كثيرة لجلب العمال الأجانب من دول مختلفة دون تعريض حياة المواطنين الإسرائيليين للخطر".

رويترز

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير