النسخة الكاملة

"زحام لا منافسة" .. الأحزاب في مواجهة "الانتخابات" وصراع الصدارة والبعد عن "الحشوات"

الأحد-2024-03-17 12:50 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز -  قريبا جدا وعند الدخول في شيطان التفاصيل يمكن الاستنتاج بأن إرضاء الساخطين والطامحين والراغبين بالمزاحمة في الأحزاب الأردنية حديثة التأسيس والعهد في العمل السياسي الحزبي على عتبة الانتخابات النيابية في البلاد، قد يصبح مهمة صعبة ومعقدة بل شبه مستحيلة وتتطلب الغرق في الهندسة المتعاكسة، وهو أمر قد يدفع مجموعات التخطيط والهندسة التي تحاول تنظيم صفوف الأحزاب بما يمتثل للإرادة السياسية المرجعية والرؤية المطلوبة إلى بذل الجهد الأكبر في محاولة الموازنة ما بين احتياجات الدولة ومساعيها ومفاصل مهمة في تلك الاحتياجات. 

وما بين الرؤية الملكية إلى تقديم تسهيلات خاصة لا بل بعض التنازلات مقابل الخروج بحالة حزبية وسطية مستقرة قابلة للنضج لاحقا تتدرب على كل المعطيات بعد أو من خلال الانتخابات التي يصفها رئيس الهيئة المستقلة موسى المعايطة بانها لبنة أولى في المدرسة والبنية الحزبية المأمولة.

لا تراجع عن العمل الحزبي.

نحو ثلث مقاعد البرلمان المقبل وهو على الأرجح سيتم انتخابه في شهر أب/اغسطس المقبل ستخصص للأحزاب السياسية
ومع غياب وتقليص ظاهرة الاجماعات العشائرية كما يتوقع محللون كثر بينهم الدكتور رامي العياصرة، يمكن القول بأن الأحزاب السياسية تنافس أيضا على اصطياد ما تيسر من نحو 89 مقعدا على الأقل في الدوائر الفرعية المحلية وهذا الزحام الحزبي يؤسس بعض المشكلات.

وأغلب التقدير والتوقعات أن الزحام الشديد بين الطامحين لقيادة القوائم الحزبية والراغبين مستقبلا في بصمة أساسية عند الانحناءات والاستدارة نحو تشكيل حكومة أغلبية برلمانية لاحقا مبرمجة بحيث لا تنجرف، يمكن أن يتسبب بصداع خدماتي وبيروقراطي وسياسي وأمني كبير لأي حكومة قائمة تتعامل معه.

وللتخفيف من أعراض هذا الصداع بدا واضحا ان بعض التنازلات يفترض أن تقدم على سبيل تخفيف الزحام قبل يوم الانتخابات، وهي مهمة قد يتكفل فيها التدخل الرسمي لإبعاد بعض المرشحين من شريحة الوجوه القديمة والتي جربها الشعب الأردني مرارا وتكرارا.

 وقد تتطلب مقتضيات الهندسة أيضا الإنطلاق نحو تعيين بعض الوزراء من قادة الأحزاب الحالية قبل يوم الانتخابات لا بل تعيين حصة لا يستهان بها منهم في مجلس الأعيان لتخفيف عدد المتزاحمين من الذين يعتقدون بأنهم الأجدر في مقاعد الصف الأول في تلك الأحزاب، أو من الذين لا يريدون الشعور بأن المطلوب تحويلهم إلى «حشوات» لصالح بعض التجارب الحزبية بما يتضمنه ذلك من ممارسات إقصائية وأحيانا «انقلابية» على الدور والحضور في ما يثير الاضطراب مبكرا عند التزاحم على المايكروفون وقبة البرلمان المقبل.

أغلب هؤلاء المتزاحمون الطامحون يمثلون شريحة تتصور بأن تأمين فرصتها وصمودها واستقرارها فيه مصلحة لاستقرار الحالة العامة وفيه مصلحة للدولة ولمنظومة القرار والسيادة والسياسة، خلافا لأن رموز الزحام هؤلاء من النوع المنتج للقلق اجتماعيا في حال خروجهم من المنافسة أو عدم وجود حصة لهم عبر قواعدهم الانتخابية والمناطقية والعشائرية لأن واحدة من تجليات المزج بين البوصلة الحزبية قد تتطلب ولو بالتدريج إعادة تنميط الثقل العشائري والاجتماعي.

هنا يقترح القيادي في حزب الميثاق محمد الحجوج ، بأن المطلوب من الجميع الارتقاء إلى مستوى التنافس الإيجابي وليس التزاحم والتصارع بمعنى المضي قدما في الرؤية والبرنامج بما يليق بالرؤية نفسها ويستحقه الشعب من برامج فاعلة تسهر على خدمته.

بكل حال ثمة خطوات تكتيكية يبدو انها أصبحت الآن من مقتضيات إدارة الحالة وهندستها لتجنب القلق أو القلاقل في الوقت الذي تتسع فيه القاعدة الجماهيرية لمسار الرؤية التحديثية للمسار السياسي وهو أمر يدفع إلى التشجيع وقابل حسب المعايطة للتطور في أوساط المجتمع مع التذكير بأن الأقلية فقط هي التي تقود الأحزاب السياسية في كل ديمقراطيات العالم.

خطوة الأردن نحو الديمقراطية الحزبية في غاية الأهمية وبدأ المجتمع عموما يتقبلها، وما يبدو عليه المشهد أن الأطر المرجعية تدافع عن مسارها في هذا السياق بشراسة.

لكن الزحام كبير وقد يتطلب تدخلا لإجراء المزيد من الاندماجات بعد ملاحظة أن الزحام أصبح خصوصا على مقاعد البرلمان شبه المضمونة بإسم الأحزاب بصيغة تعيق الحركة إلى حد ما، ما يتطلب ضمنا خطوات تنظيمية وأخرى تفاعلية قد تشكل مفاجآت أو قد تنسحب عليها نتائج وتداعيات.

والمفترض أن تنظم كل هذه الخطوات قبيل الانتخابات حتى تقل المؤشرات السلبية، وحتى لا تتشكل حالة ابتزازية عنوانها أحزاب الموالاة تحت قبة البرلمان للسلطة التنفيذية لأن المطلوب عمل حزبي منهجي وخطوات عميقة باتجاه ديمقراطية العمل الحزبي الذي ستدفع الدولة كلفته أحيانا من تقاليدها ومن صلاحياتها مقابل تنمية الفكرة الحزبية في المجتمع.

ثمة خطوات اتخذت حتى الآن وثمة خطوات يسهر عليها رسميون وموظفون كبار وعلى الأرجح ثمة خطوات مطلوبة لاحقا ويستبعد كثيرون أن تنافس الأحزاب الوسطية على الأقل أحزاب المعارضة الأساسية في ظل وضعها وتركيبها الحالي ما يرجح حصول اندماجات إضافية لاحقا. ويدفع باتجاه إزالة التجاذبات والاحتقانات الداخلية قبل الاندفاع نحو العمل الانتخابي.

القدس العربي