النسخة الكاملة

نضال الفراعنة يكتب :عبدالله الثاني أكبر من "عيد ميلاد".. أو "عدّاد سنوات" هو "ملكنا ونجاحنا وطمأنينتنا"

الثلاثاء-2024-01-30 08:19 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز| نضال الفراعنة- خاص

يدخل جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين اليوم أول أيام عامه الثالث والستين، بعد أتمّ من عمره الميمون 62 عاما قضى نحو 40 عاما منها ملتحفا رمال الصحراء الساخنة جنديا وضابطا في القوات المسلحة الأردنية "مصنع الرجال"، مؤديا تدريباته وواجباته تحت شمس قاسية فهي تقسو أحيانا لتنتج الرجال، الذين ينامون بـ"عيون مفتوحة" صونا لـ"الأرض والعرض".

وعلى مبعدة نحو أسبوع من الذكرى الخامسة والعشرين لتوليه سلطاته الدستورية ملكا، ظل الجيش والأرض والعرض "هواجسه الأولى" بلا توقف، فهو الذي نام ذات ليلة كانت فيها أسرته تتكون من زوجة وطفلين، لكنه استيقظ على "عائلة كَبُرَت كثيرا" كان قوامها لا يقل عن 7 ملايين نسمة وقتذاك.

وفي ظل ظروف سياسية واقتصادية معقدة قالت عنها تقارير غربية وقتذاك أن عبدالله الثاني لن يتمكن من حملها أو التعامل معها، قبل أن تصبح تلك الظروف على تعقيدها "شربة ماء" إزاء ما احتمله الملك والأردن والأردنيين في "ربع القرن" التالي لحلفه اليمين في لحظة أردنية "حزينة ومهيبة"، لا يمكن أن ينساها أي أردني عايشها.

أتذكر وقتها حينما كنت في أول العمر وقتذاك كيف بكينا وبكى شيوخنا وكبارنا حين تأهب عبدالله الثاني أمام صورة والده الراحل العظيم في قاعة البرلمان، وهي لحظة وجدانية أردنية لا يمكن أن تتسرب من الذاكرة، إذ أن ذلك "الاستعداد العسكري" أمام صورة ملك لا يزال مسجى في أحد أجنحة المدينة الطبية قد خففت من الحزن الأردني، وأعطت إشارة للأردنيين أن "الأمانة مصانة"، وأن الأردن سيعبر صعابه الثقيلة، كما سيعبر الأردنيين "حزنهم ومصابهم" لحظة وفاة ملك لم يعرف أكثر من 80% من الأردنيين وقتذاك ملكا سواه.

ما إن تطل سنويا ذكرى ميلاد الملك المعظم حتى يندفع إلى الذاكرة مجددا شريطا هائلا من الذكريات والمواقف والأزمات التي عبرناها سوية مع الملك الذي شاهدناه مرارا على "خط النار الأول"، مرة يجابه ببزته العسكرية "خلايا نائمة"، ومرة يعاون رجال الدفاع المدني بإطفاء حرائق غابات، ومرة يواسي عائلة أردنية مكلومة، ودوما رأيناه حانيا على أبنائه داعما لهم، مفتخرا بهم، فهذا الملك هو "واحد منا" كما نقول بالعامية، ودائما خذلتنا ألسننا حين نناديه بـ"أبو حسين" دون ألقاب، فهو أب وصديق وقائد صبور وحكيم لم ينجح "الصغار" يوما في جره إلى "الألعاب الصبيانية".

راقب الأردنيين الملك وهو يكبر أمامهم أزمة بعد أزمة، وكيف أن الشيب قد غزا شعره ولحيته، وكيف أنه ظل جبلا راسخا لا يعرف التردد أو الهزيمة، إذ أصدق ما يمكن القياس عليه هو "نبرة التحدي" التي ألقاها في وجه إسرائيل من "المسافة صفر" حين انفجرت جريمتها في قطاع غزة، وكيف أن الأردن قد أصبح "شوكة" في حلق إسرائيل التي اشتكت في دوائرها الدبلوماسية المغلقة من "عناد الملك ونبرته الغاضبة".

جلالة الملك عبدالله الثاني صان الأمانة، وعبر بنا أزمات ثقيلة شكّ كثيرون بعدها بـ"استمرار الأردن"، ولكن الأردن تحت قيادة "الجندي الأول" عبدالله الثاني تمكن من تحويل أزماته على ثقلها إلى "قصة نجاح" أصبحت مضرب مثل في عواصم قريبة وبعيدة.

أطال الله عمر "جلالة سيدنا"، وأدام ولي عهده وعضيده الأمين سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي يبدو أنه قد استدعى إرث جده الراحل العظيم الحسين، وأنه لن يحيد عن نهج والده الذي "نام في طائرة.. واستيقظ في أخرى" فوق الغيم دفاعا عن فرصة سياسية أو اقتصادية يمكن أن تُقوي الأردن أكثر وأكثر، إذ يصح فيه ما قاله الشاعر العراقي العظيم محمد مهدي الجواهري في جلالة الملك الراحل:

يرقى الجبال مصاعبا ترقى به ويعاف للمتحدرين سهولا - حفظ الله الأردن و"سيدنا"