جفرا نيوز -
جفرا نيوز - يبحث مواطنون، في صويلح، عن قبور ذويهم وأهاليهم، إلا إنهم وجدوا قبورا جديدة حلت محل قبور أهاليهم القديمة في مقبرة «الشركس».
وأعرب عدد من «مواطني» صويلح عن غضبهم بسبب نبش القبور وإخراج عظام المتوفين منها، ودفن متوفين جدد فيها من قبل «سماسرة» يبيعون القبر بسعر يتراوح بين 300 و800 دينار، على حد قولهم.
مقبرة «الشركس» عمرها أكثر من 100 عام، و تتميز هذه المدينة بتنوع سكاني، وتربطهم علاقات اجتماعية وطيدة، ومنهم من يعرفون كل قبر لأي شخص يعود..
وبدأ العبث بالمقبرة منذ 10 سنوات، وفقا لما يقوله أهالي موتى، كانوا يزورون قبور ذويهم بين الحين والآخر وخصوصا في المناسبات للترحم عليهم.
ويؤكد مسؤولون رسميون أن:«المقبرة مغلقة، وسماسرة القبور قد تم تحويلهم للقضاء ولا تمنح الأمانة تصاريح دفن منذ سنتين بالمقبرة»، فيما لاحظت عشرات القبور الجديدة، وقد كتب عليها تواريخ الدفن خلال الشهور الثلاثة الماضية.
ياسر المهر، أحد قاطني صويلح منذ أكثر من 50 عاما، اشتكى من فقدانه لقبر جده وعمه في مقبرة «الشركس» في صويلح الغربية القريبة من منطقة الكمالية.
ويقول المهر، إن «المقبرة تتعرض للانتهاك من قبل سماسرة يزيلون الشواهد والبناء ويرفعون العظام ومن ثم يبيعون القبر بمبلغ يتراوح بين 300 إلى 800 دينار»، موضحا أنه:"تم دفن جدي عام 1987 ومعه عمي، وكنا نزورهما في المناسبات بعد تشييدهما بالاسمنت المقوى والحجر والشواهد».
ويضيف: » في 2018 اختفى القبران ولم نجدهما، واكتشفنا انه تم إنشاء قبرين جديدين لـ(شخصين) على معرفة بهما، وتقدمنا بشكاوى رسمية ضد (سماسرة) يسهلون عملية إخراج التصريح والحفر ودفن الأموات الجدد مقابل الثمن والبالغ 800 دينار».
ويبين المهر: «أننا اكتشفنا أن العديد من مواطني صويلح ممن نعرفهم يعانون المشكلة ذاتها، فلم نتصور يوما ان تباع قبور أهالينا بسبب بعد المقابر الأخرى»، ويشير إلى أنه «أصبح الدفن متاحا في ظل غياب الرقابة ولوجود مصلحة مادية للسماسرة بنبش هذه القبور»، مطالبا بحماية المقبرة الممتلئة بعد تقديم الشكاوى بحق العابثين.
ولم يكن حال احمد المصري بأفضل من المهر، وهو يقطن صويلح منذ 30 عاما، ويقول: «فقدت قبر والدي، بالرغم من الزيارات اليومية والمتابعة، فقد جرى الاعتداء عليه لعدم وجود شواهد»، موضحا أن «هؤلاء السماسرة متمكنون ولولا علاقاتهم مع الحراس لم يتمكنوا من نبش القبور وإخراج الموتى وإلقاء عظامهم في أماكن مجهولة».
ويوضح المصري أنه يوجد انتهاكات عدة في المقبرة، ومنها هدم السور السفلي أربع مرات بعد بنائه لإغلاقها، ومنع الدخول إليها إلا أن العابثين لم يردعهم احد لغاية الآن، فقاموا بهدم السور لإدخال المتوفين الجدد ».
وفي نفس السياق، بين الناشط الاجتماعي صدام السرساوي، أن:» قبر والده قد تم هدمه من قبل السماسرة، ووضعوا قبرا جديدا مكانه».
ويضيف أن «رجال الأمن العام حولوا سماسرة أكُثر من مرة للحاكم الإداري، واتخذ بحقهم إجراءات فعلية وصارمة، إلا أن طمعهم بالمال جعلهم يستمرون في هذه الممارسة، والمقبرة ما زالت مفتوحة، وسورها مهدم مما يسمح لمواطنين بالدفن بواسطة الحفارين والسماسرة لوجود قبور فارغة».
وفي سياق متصل، يبين الوجيه الياس الشيشاني، أن:» هناك مقبرتين في صويلح احدهما مقبرة الشيشان، والأخرى مقبرة الشركس، وقد كان يتم العبث سابقا في مقبرة الشيشان والتي أسست عام 1905، إلا أنه توقف إثر حمايتها من قبل المجاورين ومنع أي شخص من الدخول إليها».
ويضيف: » أما مقبرة الشركس فما زالت تتعرض للانتهاكات، والبالغ عمرها أكثر من 100 عام، من قبل سماسرة انتشروا على عدة مقابر وليس مقبرة الشركس فقط بل اخذ البعض يتاجر بمقابر قريبة من وادي السير أيضا».
وكشف الشيشاني، أن التصاريح الصادرة من الأمانة تمنح شفويا وليس كتابيا، حيث يسمح هؤلاء السماسرة لأنفسهم بالعمل والمتاجرة بالقبور خفية إلا أن الأجهزة الأمنية لاحقتهم مؤخرا نتيجة الشكاوى، ومنها شكوى تقدم بها مواطن فقد قبر والدته قبل شهر، والتي دفنت أوائل التسعينيات.
وطالب الشيشاني وقف هذه الانتهاكات الدينية وغير الأخلاقية واحترام حرمة الأموات الموجدين فيها منذ أكثر من 70 عاما».
وسائل اعلام محلية و من خلال زيارتها للمقبرة وجدت العديد من القبور الحديثة، ولم يمض عليها سوى اشهر فقط، وهي منتشرة في مختلف أنحاء المقبرة، إلى جانب هدم جزء كبير من السور السفلي للمقبرة.
نائب أمين عمان والعضو المنتخب في منطقة صويلح محمد القيسي، قال إن «الأمانة لاتمنح أي تصريح للدفن في المقبرة» مبينا انه:» لا يوجد تصاريح ألا إذا كان هناك فراغ حقيقي في القبر لدفن إبن مع أبيه أو أبنة مع والدتها،وهي حالات نادرة جدا، أو في مساحة تم استملاكها بدل طريق بديلة»، مشيرا إلى أنه:"تم استحداث منطقة صغيرة قبل عام تابعة للمقبرة كانت جزءا من شارع وهذه المنطقة محدودة جدا، حيث انتهى الدفن فيها».
ويضيف أن:"هناك 90% من سكان صويلح يدفنون حاليا موتاهم في مقبرة شمال عمان أو في مقبرة سحاب، حيث أن المقابر الخاصة والبالغ عددها 22 منطقة في العاصمة ممتلئة والأمانة حاليا أوجدت مقبرة جديدة شرق العاصمة لتكون بديلا عن مقبرة سحاب».
ويشير القيسي أن:» هناك سماسرة وأشخاص امتهنوا المتاجرة بالقبور وتم ضبطهم وتحويلهم للقضاء قبل سنتين، والأمانة وضعت أربعة حراس من موظفيها لحراسة المقبرة وقد تم توقيع السماسرة على كفالات عدلية ومالية لمنعهم من العودة إلى انتهاك حرمات الموتى».
من جانبه، يقول الحاكم الإداري لمنطقة شمال عمان رامي البدر «إنه تم اتخاذ إجراءات إدارية وقضائية بحقهم إلا أن العقوبات ليست حلا لهذه المشكلة»، ويضيف أننا بالتعاون مع الأمانة ودائرة الأراضي نبحث عن أراض لتكون مقبرة لموتى لواء الجامعة تلبية لمطالب أهل اللواء».
وفي سياق متصل، بينت دائرة الإفتاء «للرأي »، في فتوى رقمها (3272) حول أحكام الدفن والمقابر بأنه «لا يجوز نبش قبر الميت ونقله لغير عذر شرعي؛ لأن في ذلك هتكا لحرمته كما قال الإمام النووي: «نبشه بعد دفنه للنقل وغيره حرام إلا لضرورة بأن دفن بلا غسل أو في أرض أو ثوب مغصوبين أو وقع فيه مال أو دفن لغير القبلة».
وأضافت الفتوى «بما أن كل ميت دفن في قبر مستقل، فلا عذر للمطالبة بالانتقال، ومن المعلوم أن شغل الأموات في قبورهم أكبر من هذه الأوهام، وعليه لا يجوز نبش القبر بعد الدفن، ما دام دُفن في مقابر المسلمين العامة؛ لما في ذلك من هتك لحرمة الميت».
الرأي - خالد العجارمة