النسخة الكاملة

محاولات للعبث بالإنتخابات : حسم ملكي والهيئة المستقلة تكشر عن أنيابها

الإثنين-2012-09-24 01:49 am
جفرا نيوز - جفرا نيوز - ثمة خلفيات وأسباب دفعت رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات الأردنية الدبلوماسي المخضرم عبد الإله الخطيب للتكشير عن أنيابه السياسية مساء السبت والإدلاء بمحاضرة نارية تخللها عدة مفاجآت. الخطيب وبوضوح سجل عدة ملاحظات منهجية مسبقة وإستثمر حديثا مباشرا للملك عبدلله الثاني حول عدم السماح لأي جهة بالتدخل في مسيرة العملية الإنتخابية لكي يمارس بدوره- أي الخطيب- إنقضاضا سياسيا وإعلاميا على بعض الجهات التي تحاول التأثير في المجريات.
لذلك تحدث الخطيب لأول مرة بلغة تعترف ضمنيا بحصول عمليات عبث وتزوير في إنتخابات الماضي بإسم النظام نفسه معتبرا أن الحديث الملكي عن عدم السماح لأي جهة بالتدخل يعبر عن الإرادة السياسية بإزالة الشكوك والإنطباعات السلبية التي تكونت نتيجة ممارسات عبثية وغير مسئولة تستدعي المواجهة.
قبل ذلك لم يعترف أي مسئول بهذه الصراحة والمباشرة بحصول ممارسات مراهقة في إنتخابات عامي 2007 و2010 اللتين شهدتا تزويرا مؤكدا لإرادة الشعب.
وليس سرا أن الهدف من هذا الخطاب يتمحور حول جهات رسمية وشعبية داخلية يقال أنها تتفلت وتحاول المساس بنزاهة الإنتخابات عبر (رعاية) وبناء تحالفات داخلية مبكرة وتقديم الدعم المالي المالي والإسناد المؤسسي لمرشحين دون غيرهم في بعض المناطق, الأمر الذي كان علنيا ومكشوفا طوال الأسابيع الماضية حسب الناشط السياسي محمد خلف الحديد.
إنقضاضة الخطيب تضمنت أيضا إعترافا نادرا بالمقابل وخارجا عن المألوف بأن بعض الدوائر الرسمية بدأت فعلا (بمخالفة القانون) ولا تقوم بواجبها فيما يتعلق بتأسيس منظومة النزاهة.
ذلك عندما عبر الخطيب عن إستغرابه من محاولات لبدء حملات انتخابية بصورة مخالفة للقانون قائلا: أود أن أعبر عن الاستغراب لعدم قيام جهات مخولة بموجب قوانينها بتنفيذ طلب الهيئة إزالة اللافتات والإعلانات التي تحمل أسماء أشخاص يقومون بتلك المخالفات.
عمليا يعرف الأردنيون أن جهة رسمية محددة مخولة بذلك هي بلدية العاصمة عمان والمجالس البلدية ودوائر الحكام الإداريين في المحافظات فقد تبرعت أمانة العاصمة مسبقا بإقامة حملات دعائية لم تطلب منها من باب النفاق البيروقراطي المعتاد كما سمح رئيس البلدية بالدعاية الإنتخابية خلافا للقانون في بعض المناطق.
وفي مناطق أعمق خلف الكواليس يشتكى مسئولون من أن بعض الدوائر الرسمية تتبرع بتقديم خدمات غير مطلوبة تضر بشفافية العملية الإنتخابية فيما حصلت مقاومة بيروقراطية تلقائية لأعمال الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات داخل بعض المؤسسات الرسمية التي لم تعتاد بعد على الأمر.
برز ذلك بوضوح في مؤسسات من طراز الأحوال المدنية ودوائر بعض الحكام الإداريين وكذلك مقر رئاسة الوزراء وبعض الوزراء إضافة لبلدية العاصمة عمان.
الجرعة التي تقدم بها لتعزيز منظومة النزاهة في الإنتخابات المقبلة والتي ظهرت على لساني الملك عبدلله الثاني وعبد الإله الخطيب صعدت إلى سطح الأحداث بعد ثلاثة مستجدات حصلت وأثارت جدلا في الساحة.
المستجد الأول تمثل في تقديم التيار الإسلاميين لأدلة غير مؤكدة على إصدار بطاقات إنتخابية لبعض الأشخاص بدون طلبها وفقا للأصول في حمأة السعي لزيادة عدد المسجلين.
الثاني كان على صلة بشيوع معلومات عن إتصالات ولقاءات تقوم بها مؤسسات رسمية وأمنية مع بعض المرشحين وفي بعض الأوساط تتدخل ضمنيا بخارطة الترشيح مسبقا فيما برز المستجد الثالث عندما أثار لقاء عقده مسئول كبير مع 23 نائبا في البرلمان الحالي تحت عنوان الإستعداد لتشكيل قائمة وطنية وهو لقاء قال الكاتب فهد الخيطان أنه كان عبارة عن خطأ ونظم خارج السياق ولن يتكرر.
..هذه الأخطاء وغيرها إعترضت عليها بشدة الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات التي حصلت على (ضوء أخضر) ملكي يدعم معاييرها الدولية, الأمر الذي يفسر بروز رسالة التحذير الملكية التي تبعها رسالة الخطيب الواضحة التي تخاطب بدورها (المتحرشين) محليا بالهيئة وبالإنتخابات داخل مراكز القوى والنفوذ.
لذلك ركز الخطيب في محاضرة له السبت على أن أي عبث مقصود في العملية الانتخابية سيكون له نتائج وخيمة على بلدنا ومستقبله، والهيئة مصممة على عدم القبول به أو السكوت عنه بغض النظر عن مصدره، وهي ملتزمة بأن تعتمد الصدق والمكاشفة مع القيادة والمواطن، فهذه مسؤولية لا تحتمل العبث أو الاستهتار.
وعبر الخطيب عن امله ان يتم منح الهيئة المجال اللازم الذي يمكنها من القيام بعملها دون تدخل أو إعاقة، وان تكون خارج أي تجاذب وعدم الزج بها في أية قضايا خلافية، مشيرا الى ان البعض حاول استخدام اسم الهيئة والزج به لأهداف ضيقة قاصرة لا علاقة لنا بها.
وإنتقد الخطيب من يقولون بأن المجتمع الأردني ليس جاهزا للمعايير الدولية في الإنتخابات وقال: أننا نؤمن أن الأردن والمواطن الأردني جديران بأفضل المعايير، إذ لا يعقل أن يكون تطبيق هذه المعايير ممكناً في دول تقدم بلدنا عليها في العديد من معايير التعليم والتنمية الاجتماعية في الوقت الذي يدعي فيه ذلك البعض عدم تمكننا من تطبيقها والالتزام بها.
وقال إن موضوع المال السياسي يشكل مصدراً للقلق لدى شرائح واسعة من أبناء بلدنا، ورغم تضمن قانون الانتخاب لنصوص تحدد العديد من المخالفات والجرائم الانتخابية وعقوباتها، إلا أن الأهم هو خلق بيئة وطنية رافضة، تحول دون تمكين من يهدف لاستخدامه من تحقيق غايته. فإذا كانت محاولة شراء الأصوات تمثل إفلاساً سياسياً لمن يقوم بها فإن القبول بالتجاوب مع مثل تلك المحاولة يمثل إفلاساً أخلاقياً، فلا يمكن تصور أن يتنازل من يهمه وطنه عن حصته في تقرير مستقبله مقابل أي ثمن.
واكد ان الهيئة المستقلة للانتخاب مصممة على اعتماد الانفتاح التام والإفصاح الكامل عن كل ما تقوم به من إجراءات، ولن تعمد إلى أية ممارسة فوقية وستمارس عملها انطلاقا من الإيمان الراسخ بأن المواطن هو الطرف الأهم في هذه العملية.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير