جفرا نيوز -
جفرا نيوز - باتت حالة "الاحتقان السياسي” بين الأردن وإسرائيل، جراء الحرب المستمرة على قطاع غزة، تسيطر على المشهد العام للعلاقات بين البلدين، وسط مخاوف المملكة من تهديد "وجودي” بسبب إصرار تل أبيب على مسألة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
ولا يكاد يخلو يوم من تصريحات لمسؤولي البلدين، تظهر عمق الأزمة فيما بينهما، حتى وصل الأمر إلى اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين، والتي دخلت قبل أيام في عامها الثلاثين؛ حيث أشارت عمّان إلى أنها "ستكون وثيقة على رف يغطيه الغبار في خضم ما ترتكبه إسرائيل من جرائم”.
والاثنين الماضي، وافق مجلس النواب بالإجماع على مراجعة الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل على خلفية هجمات الأخيرة على قطاع غزة.
كما أعلن وزير الخارجية أيمن الصفدي وقف توقيع اتفاقية لمقايضة المياه بالطاقة مع إسرائيل، بعد استهداف محيط المستشفى الميداني الأردني في قطاع غزة، الأربعاء، وجرح 7 من كوادره.
جلالة الملك عبد الله الثاني، وصف استهداف المستشفى بـ”الجريمة البشعة”، لافتا إلى أنه "سيتم اتخاذ كل الإجراءات المناسبة للتعامل مع الهجوم”.
وفي 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلن الجيش إصابة 7 من كوادره العاملين في المستشفى الميداني بغزة الذي تأسس قبل 14 عاما، وذلك خلال محاولتهم إسعاف فلسطينيين أصيبوا في قصف إسرائيلي.
وسبق أن أكدت عمّان أنها ستستخدم كل الأدوات المتاحة لوقف الحرب، والتي بدأتها بحراك دبلوماسي واسع، ثم أعقبتها بسحب سفيرها لدى تل أبيب في الأول من شهر نوفمبر الجاري.
أما خيار المواجهة العسكرية بين البلدين فهو أمر مستبعد، حيث اعتبر المحلل العسكري اللواء مأمون أبو نوار "أن التعزيزات العسكرية (على الحدود مع فلسطين) أمر طبيعي في ظل الظروف الحالية، فالأردن يسعى إلى تأمين حدوده لمواجهة أي طارئ وتهديد قد ينتج عن الأحداث في الأراضي الفلسطينية”.
حديث أبو نوار، جاء تعقيبا على ما تداولته حسابات مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي، عن مشاهد لتعزيزات عسكرية أردنية باتجاه الحدود مع فلسطين، ودعوات من قبل مستوطنين إسرائيليين لسكان الضفة بالهجرة إلى الأردن.
من جهته، أكد رئيس الوزراء بشر الخصاونة ما جاء في كلام أبو نوار، وذلك في مقابلة مع قناة العربية السعودية، الإثنين،
عندما قال: "نتعامل مع العدوان على غزة وكأنه على حدودنا وليس في بقعة أخرى من الكوكب، فأنت تتحدث عن واقع ومأساة واعتداء واشتباك وحرب تبعد أقل من 60 كيلو مترا جويا”.
وأضاف: "من الطبيعي أن ينتشر وأن يمتد الجيش على هذه الحدود لاعتبارات متعددة، للوقوف بوجه أي محاولات للتسلل قد تعرض مواطنينا للخطر، وللتصدي لأي محاولات قد تخطر على بال متطرف من الطرف الآخر للقدوم باتجاهنا”.
جميع المعطيات السابقة تشير إلى أن الأردن أصبح في مناكفة سياسية مع إسرائيل، ما يفتح باب التكهنات حول الخطوة القادمة لعمّان، وسط استبعاد لورقة "الانفتاح” على المقاومة الفلسطينية.
ضبط التصريحات
المحلل السياسي عامر السبايلة، أنه "لن يحدث أي تغيير على ما تم اتخاذه من قرارات، ولن يكون هناك انفتاح على المقاومة”.
وأشار إلى أن "التصريحات الأردنية هي في إطار التصعيد الدبلوماسي، وما بعد ذلك سيكون خطوات عملية، وهذا مستبعد جداً”.
ولفت إلى أن "الولايات المتحدة هي الضامن لعلاقات عمان وتل أبيب، وهي الضابط لها، واللاعب الأكبر المؤثر على كلا البلدين”.
وأكد أن الأردن "ما زال يدور في فكرة التصريحات الدبلوماسية التصعيدية التي لا يمكن ترجمتها فعلياً على أرض الواقع”.
كما بيّن بأنه "يحاول أن يرسل رسائل، لكن إذا كانت الغاية منها إحداث شعبية داخلية، فإن هذه السياسة قد تجلب نتائج عكسية على صعيد الرأي العام”.
واستدرك في السياق ذاته "كثرة التصريحات دون إحداث خطوات ستأتي بمفعول عكسي، وستعكر أجواء مستقبلية بالنسبة للمملكة للعب أدوار سياسية في المرحلة القادمة”.
ورأى أنه "من الأفضل ضبط التصريحات والقيام بخطوات عملية والالتفات إلى الداخل الأردني بصورة أكبر”.
مرحلة حرجة
خلدون حينا، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب ، قال: "بالنسبة للأردن، كل الخيارات مطروحة، فأمننا واستقرارنا خط أحمر”.
وتابع: "رأي الحكومة ومواقفها فيما يتعلق بالعدوان على غزة وما يجري داخل الأراضي الفلسطينية، يمثل رأينا في مجلس النواب”.
ومضى قائلا: "نحن في مرحلة حرجة وحساسة، وجميعنا في خندق واحد، حكومة وبرلمانا وشعبا”.
وزاد: "جميع أطياف الشعب الأردني تتوحد خلف قرارات القيادة لما فيه مصلحة الوطن، ونحن مع أي قرار يهدف في محصلته إلى وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”.
وأكد حينا في ختام حديثه أن "سيادة الأردن فوق كل اعتبار، ولن ندخر جهداً بالتشارك مع الجميع للحفاظ على ذلك، ولن نقبل المساس بأمننا الوطني مهما كانت طبيعة القرارات التي تحول دون ذلك”.
تحالفات متوازنة
بدر الماضي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية، قال: "لا أعتقد أن الأردن سيتجه في تحالفاته القادمة مع حركات المقاومة في المنطقة؛ لأن ذلك سيكون خارج سياق تفكير الدولة الأردنية، القائمة علي التعاون مع وحدات النظام الدولي كافة”.
وتابع: "في نفس الوقت، سيجد الأردن صعوبة بإعادة العلاقة مع الكيان الإسرائيلي بنفس الطريقة التي كانت قبل 7 أكتوبر”.
وأردف: "لذلك، على الأردن أن يبحث عن خيارات جديدة، تؤشر إلى توازن في التحالفات بحيث لا تكون مغرقة في التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وأن لا تأخذ الطرف المعادي كليا”.
لذلك فإن الخيارات الأردنية "تستدعي التوجه نحو تركيا وقطر في المرحلة القادمة، وذلك لتوازن مواقف هاتين الدولتين”، وفق الماضي.
وتساءل الأكاديمي الأردني عن ماهية الخيارات القادمة لبلاده، لافتاً أنه "تم استخدام "المتاح منها، وهي سحب السفير من إسرائيل، ووقف اتفاقية الطاقة، والتلويح باتفاقية السلام”، مستبعداً قطع العلاقات مع تل أبيب أو إلغاء اتفاقية وادي عربة.
واستطرد: "الأردن أراد أن يوصل مجموعة من الرسائل السياسية، وقد وصلت، أما خيار المواجهة العسكرية فهو مستبعد ولن يحدث، إلا إذا اختارت إسرائيل ذلك من خلال محاولات التهجير إلى أراضي المملكة، والذي تعتبره عمّان تهديدا وجوديا للمصالح الوطنية العليا للدولة الأردنية”.
(الأناضول)