جفرا نيوز -
جفرا نيوز - شكلت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، الأسبوع الماضي، إلى مدينة سان فرانسيسكو، ولقاؤه الرئيس الأمريكي جو بايدن، فرصة نادرة لرؤية الزعيم الصيني عن قرب، وفي بعض الأحيان باستخدام عدد أقل من المعتاد من "فلاتر" تصفية الصور، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
ونشرت الصحيفة الأمريكية تقريرًا عن شي يصفه بـ"أقوى زعيم صيني منذ أجيال"، مشيرة إلى أنه نادرًا ما يكلف نفسه عناء إسعاد أو محاولة إبهار الجماهير من الصينيين، حيث يصاغ ظهوره العلني في الصين عادة بعناية، ويترافق مع ظهوره العلني وجود مسؤولين "متملقين" ومعجبين فرحين.
وفي وقت سابق، قارن الزعيم الصيني سيارات الليموزين الرئاسية مع بايدن أثناء لقائهما على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ "أبيك"، بحسب الصحيفة.
ولفتت إلى أن "شي" شكر بايدن لأنه ذكَّره بعيد ميلاد زوجته بينغ لي يوان، السوبرانو والمغنية الشعبية الصينية الشهيرة، التي سيحتفل بعيد ميلادها، يوم الإثنين المقبل، كما يفعل بايدن، وأجاب "شي" أنه نسي الأمر لأنه كان يعمل بجد.
وأضافت الصحيفة: "لم يكن هذا أداءً استثنائيًا بالنسبة لسياسي عادي، أو حتى بالنسبة لزعماء صينيين سابقين، لكن ظهور الرئيس شي في قمة "أبيك" كان لافتًا للنظر بالنسبة لواحد من أكثر القادة الصينيين استقلالية منذ عقود".
ورأت أن الرئيس شي لا يكشف شيئًا تقريبًا عن حياته الشخصية، رغم انشغال أجهزة الدعاية بتصويره "كرجل الشعب".
وتابعت: "لقد أصبحت السرية المحيطة بالرئيس شي أكثر حدة مع قيامه بتركيز سلطته من خلال سجن أو إحالة منافسيه السياسيين إلى التقاعد، والسيطرة بشكل أكبر على الحكومة المدنية والجيش".
ونقلت الصحيفة عن مشاركين في المحادثات التي جمعت بايدن مع الرئيس الصيني بحضور عدد من مساعدي كلا الرئيسين في مجالات الأمن القومي والاقتصاد، واستمرت لمدة 4 ساعات، قولهم إن شي كان "منضبطًا وحذرًا".
وأفادوا أن "شي" تحدث بطلاقة عن الموضوعات التي أحدثت انقسامًا بين بكين وواشنطن، لكنه لجأ إلى ورقة ملاحظاته، والتزم بالنص، عندما كان الموضوع يتعلق بأوكرانيا أو الأزمة في الشرق الأوسط، وفق الصحيفة.
وتابعت: "لم يغير أي مما رآه الأمريكيون وجهة نظرهم بشكل جذري تجاه الرئيس شي جين بينغ، وهو زعيم صيني يتمتع بالسيطرة على عواطفه وبقبضة حديدية على بلاده".
وأضافت: "الرئيس شي لم يرتدِ قبعة رعاة البقر كما فعل دنغ شياو بينغ في تكساس، العام 1979، ولم يأت حاملاً دمية باندا محشوة كما فعل "جيانغ تسه مين" لدى مشاركته في قمة منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC) في سياتل قبل 3 عقود من الزمن".
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس شي لم يأخذ أي أسئلة خلال قمة أبيك، تاركًا لبايدن الإجابة عن الأسئلة المتعلقة باجتماع القمة وحده ، بينما قدم "شي" خطابًا مكتوبًا بدلاً من ذلك.
وأفادت الصحيفة أن الرئيس شي استعد للقمة على مدى الأشهر الخمسة الماضية، بعد أن ظل بعيدًا عن أنظار المسؤولين الأمريكيين إلى حد كبير، باستثناء اجتماعه السابق مع بايدن، في بالي العام الماضي.
وقام "شي" بدعوة وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر لزيارة الصين، للاحتفال بعيد ميلاده المائة، وأقام احتفالًا له لمدة 5 ساعات، ورأت الصحيفة أن الهدف من ذلك كان بوضوح إرسال رسالة مفادها أن انفتاح الولايات المتحدة على الصين، والذي ساعد كيسنجر في هندسته يمثل عصرًا ذهبيًا تجب إعادة إنتاجه.
وتابعت الصحيفة: " لقد أدى كل هذا إلى تغيير النغمة في العلاقة بين الصين والولايات المتحدة، وعندما كرر الرئيس شي عبارته بأن الكوكب كبير بما يكفي ليتسع لبلدين عظميين، كان شي يشير إلى أن القوتين العظميين عسكريًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا يمكن لكل منهما أن يفتح مجالًا للآخر".
وأشارت الصحيفة الى وجود تلميحات من الرئيس شي أيضًا حول كيفية بقاء وجهات نظره الأساسية دون تغيير، خاصة فيما يتعلق بالولايات المتحدة.
ولفت تقرير الصحيفة إلى أن الرئيس بايدن تحدث عن "المنافسة البناءة" بين البلدين، قائلًا للصحفيين إن "مسؤوليتي هي أن أجعل هذا الأمر عقلانيًا، ويمكن التحكم فيه حتى لا يؤدي إلى صراع.. وهذا هو ما أقوم به".
ورأت الصحيفة أن "شي" لطالما رفض مفهوم المنافسة الموجهة بين البلدين، وقال: "السؤال الأول بالنسبة لنا هو: هل نحن أعداء أم شركاء؟ مضيفًا "هذه هي القضية الأساسية والشاملة"".
وبعد قمته مع بايدن، حضر الزعيم الصيني، البالغ من العمر 70 عامًا، حفل العشاء في سان فرانسيسكو مع رجال الأعمال الأمريكيين، في خطوة سعى من خلالها إلى طلب المساعدة من مجتمع الأعمال الأمريكي لوقف تدافع الشركات الأجنبية ونقل استثماراتها خارج الصين، على حد قول الصحيفة.
شي يلقي كلمة خلال حفل عشاء مع رجال أعمال أمريكيين
ولفتت إلى أنه خلال الحفل تفاعل شي مع الحضور، بمن فيهم إيلون ماسك من شركة تيسلا، وتيم كوك من شركة أبل، ومع مضيفيه السابقين في ولاية أيوا.
وقالت إن "العشاء كان محاولة من الصينيين للتواصل مع مجتمع الأعمال الأمريكي ومع الحكومة الأمريكية، التي فرضت عقوبات على العديد من الشركات الصينية، وقيدت بشدة استخدام الصين لتكنولوجيا الرقائق الأمريكية".
ونقلت الصحيفة عن المدير السابق لمجلس الأمن القومي الصيني، ريان هاس، الذي حضر العشاء الخميس، قوله: "لقد مارس شي "سياسات التجزئة" الليلة الماضية، بطرق لا يفعلها عادة سوى القليل من القادة الصينيين".
وأضاف هاس أن خطاب شي "بدا وكأنه يد ممدودة إلى حد ما" إلى الأمريكيين، مما قد يعكس اهتمام القادة الصينيين بإعادة بناء العلاقات مع مجتمع الأعمال الأمريكي، ويبدو أن النغمة العامة للخطاب مصممة لمحاولة خفض درجة التوتر في العلاقة.
ونقلت الصحيفة عن الأستاذة في جامعة كورنيل الأمريكية، جيسيكا تشين فايس، أن شي "تحدث برباطة جأش، ولمسة من الدفء، لكن خطابه كان سيفًا ذا حدين، فقد استشهد بتاريخ العلاقات الودية بين الشعبين الأمريكي والصيني للتحذير من التعامل مع الصين كدولة خصم".
وأوضحت أنه في المقابل، يقول منتقدو تنظيم حفل العشاء مع الرئيس شي بمشاركة مجتمع الأعمال الأمريكي، إن العشاء بحد ذاته كان "قضية استقطابية"، معتبرين أنه "من المخزي لقادة الأعمال الأمريكيين أن ينفقوا ما يصل إلى 40 ألف دولار مقابل طاولة في هذا الحدث، وأن تتم مشاهدتهم وهم يصفقون للرئيس شي عدة مرات".
ووصفت الصحيفة سلوك "شي" في حفل العشاء بأنه كان مختلفًا كثيرًا عن سلوك الزعماء الصينيين السابقين، وشبهته "برجل الاستعراض، جيانغ، الذي كان يعزف ذات مرة على الغيتار الفولاذي خلال حفل عشاء في هاواي"، لكن الحضور أشاروا إلى أن "شي"، الذي لا يُعرف عنه أنه مرح، كان يبتسم كثيرًا.
نيويورك تايمز