جفرا نيوز -
جفرا نيوز - مندوبا عن رئيس جامعة اليرموك الدكتور إسلام مسّاد، رعى عميد كلية العلوم التربوية الدكتور أحمد الشريفين، الندوة التي نظمتها الكلية حول الأبعاد النفسية لأحداث غزة، والتي تأتي في إطار التزام جامعة اليرموك بالمسؤولية الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية، وتعكس رؤيتها في دعم القضايا العربية العادلة في مواجهة التحديات الصعبة وبناء مستقبل أفضل.
وأكد الشريفين استعداد الكلية لتقديم الندوات التوعوية انطلاقًا من زوايا علمية متخصصة، مرتبطة بالعلوم التربوية والنفسية، لافتا إلى أهمية تعزيز التوعية بالرعاية النفسية في المدارس والمجتمعات، بهدف تحقيق تحسين مستدام في حياة الأفراد المتأثرين بشكل مباشر أو غير مباشر، مشيرا إلى الدور الريادي المستمر الذي يقوم به الأردن في دعم القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وتحدث في الندوة، التي عقدت في مدرج الكلية، وأدارها الدكتور مؤيد مقدادي، كل من الدكتورة منار بني مصطفى، والدكتور فراس قريطع.
وقالت بني مصطفى، إن صدمة الحرب تتسبب بالعديد من الأعراض النفسية والجسدية للأفراد، أبرزها الإحساس بالخوف والحزن الشديد واليأس أحيانا، والترقب والقلق المستمر من المستقبل، وصعوبة السيطرة على الانفعالات والمشاعر كالبكاء والصراخ والاحساس بالإحباط والغضب والتوتر واليأس والاكتئاب.
وأشارت إلى أن الأحداث التي ترتبط بالحرب تؤدي للصدمات النفسية، من خلال التعرض للقصف وإطلاق النار مباشرة والتهجير القسري والتعرض للضرب والتعذيب وفقدان أحد أفراد الأسرة والاحتجاز في مكان ما، ومشاهدة أحداث العنف وعدم الحصول على موارد الحياة الأساسية كالدواء والغذاء، لافتة إلى أن الصدمات النفسية للحروب تختلف تبعا لعوامل عديدة، أبرزها الجنس والمرحلة العمرية، فمثلا وجدت الدراسات النفسية أن النساء والأطفال هم الأكثر تأثرا والأكثر ضررا، على الرغم من أن الرجال قد يكونون في خط الدفاع الأول، بالإضافة إلى عوامل القرب والبعد من أحداث الحرب.
وتابعت: العالم بدأ ينتبه لعامل هام ومهم في التأثير فيما يخص الصدمات النفسية في ضوء العدوان الدائر على قطاع غزة، وهو عامل الإيمان والثبات، من خلال الإيمان بالله المستمدة من العقيدة الإسلامية، والثبات على الموقف وعدالة القضية الفلسطينية، وهو ما لا يتم الانتباه له في الحروب عادة، فقد لاحظت كل شعوب العالم حجم الإيمان الموجود لدى أهل غزة، رغم ما يقدموه في "لحظة" من شهداء وجرحى، ومع ذلك "يحمدون الله" مباشرة بكل رحابة صدر على ما يتعرضون له من عدوان سافر.
ولفتت بني مصطفى إلى وجود دراسات علمية أُجريت على قطاع غزة خلال العشر سنوات الأخيرة، أظهرت هذه الدراسات أن السكان في القطاع بشكل عام لديهم زيادة واضحة في انتشار الأمراض والاضطرابات النفسية، كما وأن الأطفال والمراهقين من 10-19 عاما تظهر لديهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بنسبة 32.7٪
من جهته، من جهته، قال قريطع إن هناك أثارا نفسية للمشاهد المؤلمة في غزة على الأفراد بشكل عام والأطفال بشكل خاص، مبينا أن هناك اختلافات بين الأفراد في درجة تأثرهم بالأحداث الجارية، فالأطفال والأشخاص الذين يتصفون بالهشاشة النفسية هم أكثر عرضة للتأثر بهذه الأحداث وقد تظهر عليهم بعض الأعراض كالشعور الدائم بالخوف والتوتر والحزن العميق والشعور بالذنب بالإضافة إلى اضطرابات النوم والأكل والانسحاب الاجتماعي
ولفت إلى الآثار النفسية لمشاهد القتل والتدمير القاسية قد تظهر بعد أسابيع أو ربما أشهر ويستمر تأثيرها لفترات طويلة بحسب طبيعة الشخص المتأثر بها وبنيته النفسية، مؤكدا أنه وبالرغم من قسوة ما يجري في غزة إلا أن البعض يمتلك سمات شخصية تساعده في تحسين المناعة النفسية وتجعله أقدر على مواجهة الصدمات.
وأشار قريطع إلى أن هنالك العديد من الاستراتيجيات التي تساهم في الحد من التأثير السلبي لمشاهد العنف على الأشخاص كالتنفيس الانفعالي والابتعاد عن الكبت المستمر للمشاعر والتواصل مع شبكات الدعم الاجتماعي وإعادة تأطير التفكير حيث إن أفكارنا هي التي تصنع مشاعرنا بالإضافة للحفاظ على الإيقاع المعتاد للنشاطات اليومية وتعزيز الجوانب الروحية.
وعن أطفال غزة، أكد أنهم يمرون في مراحل نمائية حرجة تتطلب منا الاهتمام بهم ومنحهم بيئة آمنة تساعدهم على النمو النفسي والعقلي بعيدا عن الصدمات من خلال عدم تعريضهم بشكل مباشر للمشاهد المؤلمة والحديث معهم عما يجري بما يتناسب مع أعمارهم وتشجيعهم على الحديث عن مشاعرهم والمشاركة في النشاطات التعبيرية والترفيهية.
كما وقدمت كل من بني مصطفى وقريطع مجموعة من الاستراتيجيات التكيفية الممكنة للتخفيف من حدّة الآثار النفسية للحرب على الفئات التي تعايشها، وعلى الفئات التي تتابع مشاهدَ من آثارها عبر شاشات التلفزة، ومواقع التواصل الاجتماعي.
في ذات السياق، أشارا إلى العوامل التي تجعل بعض الفئات تعاني من مستويات عالية من التوتر النفسي والصدمة جرّاء الحروب وويلاتها، كفقد الأقارب أو الضرر الجسدي أو الضرر المادّي، لافتين إلى أنهم يقعون ضمن الفئات الأكثر حاجة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتوفير بيئة تعليمية واجتماعية تساعد في تحسين حالتهم النفسية وتجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع التحديات، كما تم التأكيد على الاضطرابات النفسية المحتملة كنتيجة لتلك الأحداث الصادمة.
وفي نهاية الندوة، تم فتح باب النقاش والحوار، الذي شارك فيه مجموعة من الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية، تناول جميع القضايا المطروحة بصورة علمية تربوية.