النسخة الكاملة

المقدم الشهيد صالح شويعر بطل أردني في نابلس

الأربعاء-2023-11-08 11:05 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - محمود كريشان

نفتح دفاتر الخالدين عند ربهم ونتمعن تفاصيل البطولة لمعركة وادي التفاح وفيها قصة بطولة يرويها لـ "الدستور" احد جنود الجيش العربي الذين كان لهم شرف الجهاد والمشاركة فيها وهو الوكيل المتقاعد عبدالله ناصر ابوسحينة الهقيش بني صخر من قرية أم الرصاص حيث يقول:

إنها قصة رائعة كتبت بالدم وكان الاستبسال .. وكان الصمود أسطوريا ، دبابة واحدة يقودها بطل من ابناء القوات المسلحة الاردنية الباسلة ـ قائد كتيبة الدبابات الثانية هو الشهيد المقدم صالح عبدالله شويعر الضابط المتميز في الجيش العربي الأردني ، الذي أطلق عليه النابلسيون اسم الشهيد أبوهاشم ، حيث جاءت هذه التسمية من عبق التضحيات لهذا الجيش الهاشمي الابي ، رغم ان الشهيد شويعر هو أبوعلي أب لثلاثة أطفال علي وناصر وفايز ، حيث وقف المقدم شويعر قبل الالتحام المباشر مع قطعان العدو وقال: "العدو امامنا وثأرنا مخبوء منذ عام 1948 ودم شهدائنا امانة في اعناقنا وعيب علينا ان ما انتقمنا لدمنا ، من يريد ان ينسحب فهو مثل النساء تحرم عليه الشمغ حمرا هدايبها.. ومن يريد الشهادة فليمضي خلفي..لا اله الا الله ، محمدا رسول الله..الله اكبر"..

واضاف الهقيش: بدأت المعركة واستمرت ثلاث ساعات كان جيش الاحتلال الصهيوني دخل مدينة نابلس في الساعة الثانية عشرة بلواء مدرع من بوابة نابلس الشرقية عن طريق وادي الباذان قادما من مدينة بيسان وكان من المقرر أن يلتقي بلواء مدرع آخر يدخل نابلس من بوابتها الغربية وكانت المدرعات قد خرجت من بلدة الخضيرة. وكانت معركة وادي التفاح التي قادها شويعر بحنكته وشجاعته ومعه الشهداء الابرار "سليمان عطية الشخانبة" و "صياح فياض الفقراء" و "راشد موسى نمر العظامات" ، الذين صمدوا في مواجهة الجيش الاسرائيلي الغازي لمدينة نابلس فصدوه ولم يقدر على اجتيازهم الا بعد ان استعان بسلاح جوي .

*المدرعات الغازية
لم تتمكن المدرعات الغازية وبمساعدة الطيران أن تدخل المدينة إلا عند الساعة السابعة مساء وهي لحظة استشهاد المقدم شويعر الذي كان فارسا لم ارى بفروسيته احد ، والذي قضى على اعداد كبيرة من جنود العدو حتى نفذت من دبابته الذخيرة ، ليتجه بتلاحم مباشر مع دبابات العدو يمضي نحوهم غير ابه بنيرانهم واخذ يصدم دبابتهم واحدة تلو الاخرى وتمكن من عطب ثلاث دبابات لهم فقط عن طريق الصدم القوي المباشر الى ان نال الشهادة باذن الله تعالى.

وقد ذكر رئيس بلدية نابلس الاسبق قبل رحيله المرحوم حافظ داوود طوقان عن البطل شويعر حيث قال: في أبشع صباح وكان صبيحة يوم الخميس الثامن من حزيران وعند الساعة السابعة وصلت إحدى سيارات الاطفاء التابعة لبلدية نابلس بلونها الأحمر وقد رفع عليها علم أبيض واتجهت نحوها مسرعا لأرى زميلين من أعضاء المجلس البلدي بداخلها لتأخذنا إلى دار البلدية وسط المدينة، رأيت ما لم أكن أتوقع أن أراه في حياتي جنود وضباط وسيارات "جيب" تنبعث منها أصوات أجهزة الاتصال ومدرعات منتشرة أمام مداخل البلدة القديمة وعلى مفارق الشوارع ، رأينا المجندات اليهوديات.

دخلنا دار البلدية واتجهنا نحو قاعة الاجتماعات ، كان رئيس البلدية المرحوم حمدي كنعان موجودا ومعه عدد من أعضاء المجلس البلدي وأخبرنا أن الضابط الصهيوني الذي احتل المدينة في طريقه إلينا ، وبالفعل دخل علينا وبدون اتفاق مسبق لم ينهض أي واحد منا من مقعده ولم يصافحه أحد منا ، شعر هو بذلك وحاول أن يكون لطيفا ومهذبا . وقال ما معناه باللغة العبرية وترجم الى العربية على الفور: وقع ما وقع وعليكم أن تتعاملوا مع هذا الواقع الجديد خدمة للمدينة والسكان ، أطلب نقل الموتى ودفنهم حالا وأكثريتهم عند مداخل المدينة غربا وشرقا واعادة التيار الكهربائي حتى تتمكن مضخات الماء من العمل ، استدعوا كبار الموظفين وجميع المهندسين والفنيين وقسم الصحة وسأعطيهم التصاريح اللازمة ، ورأيناه يوجه كلامه إلينا ويقول: أريد أن أقول لكم شيئا لا علاقة لكم به ، يوم امس غرب المدينة وعند الظهر تعرضت قواتنا لمقاومة "غير عادية" ، مدرعة للجيش الأردني تصدت لنا وقاتلت بشراسة في النهاية تمكنا منها ودمرناها وقتل قائدها ، احترمه جنودنا فأعدوا له قبرا دفن فيه بعد أن أدى جنودنا له التحية العسكرية.

*موقع الضريح
هذا الكلام أشعرنا أنه قد شد من أزرنا ورفع من معنوياتنا المحطمة وطلبنا زيارة الموقع وتم ذلك ، وصلنا موقع الضريح وقرأنا الفاتحة ووضعنا من حوله بعض الأحجار لتحديد مكانه وبعد ذلك تم بناء ضريح على عجل من الاسمنت وبعد أن وضع أحد مهندسي البلدية ماهر الحنبلي تصميما لاقامة نصب تذكاري في الموقع وبدأنا بالعمل ، أخطر الحاكم العسكري البلدية أن وزير الحرب موشيه ديان يرفض ذلك وتوقف العمل بأمر عسكري احتلالي.
ويضيف طوقان: ضريح شهداء معركة وادي التفاح أصبح معلما استشهاديا ووطنيا كبيرا في مدينة نابلس والأطفال الصغار يستمعون بلهفة إلى الكبار وهم يحدثونهم عنه والجميع وضعوا الضريح بقلوبهم وفوق رؤوسهم ويعتبرونه أمانة غالية في أعناقهم وإلى الأبد.

حينما كنت أشغل منصب رئيس بلدية نابلس لاحظت أن الضريح بدأ يتآكل وأصبح في وضع لا يليق بمقام الشهداء قررت أن نقيم ضريحا واستبدال الاسمنت بالحجر ووضع أسماء الشهداء بشكل بارز وكان ذلك بالذكرى العشرين في شهر حزيران من العام ,1987 وأرى أن من واجبي أن أذكر أن مشيد الضريح رفض أن يتقاضى فلسا واحدا وقال "ثوابي عند الله والشرف الذي نلته من القيام بهذا العمل أكبر من مال الدنيا بأسرها".

وحدة الدم
وفي الذكرى الحادية والثلاثين للسابع من حزيران عام 1998 أحيت مدينة نابلس هذه الذكرى في موقع الضريح وتم تصوير الحفل التأبيني وأخذت الصور وكان العديد من رجالات المدينة وشبابها يشاركون في هذه التظاهرة التي أكدت على وحدة الدم والنضال وأن الشعبين الأردني والفلسطيني أبناء عائلة واحدة وقلت في كلمتي إنها وحدة الدم التي لا يمكن لأحد أن يعبث بها أو ينال منها ، في معركة الكرامة استشهد ابن نابلس البار تيسير هواش وجبلت دماؤه بتراب السلط ومن قبله جبل تراب نابلس بدماء الشهداء صالح عبدالله شويعر ورفاقه.

في كل منطقة وحي من احياء القدس والحال كذلك في نابلس والخليل وسائر ارجاء الضفة الغربية كان للجيش العربي بطولات ما يزال اهالي تلك المناطق ممن عاصروا تلك الفترة يرونها للاجيال..فمن واقعة الجندي الاردني الذي تفحم بعدما تعرض لنيران العدو ، وقد استشهد وهو ضاغط على زناد بندقيته.

كواكب الشهداء من نشامى جيشنا العربي الأردني، والدم الزكي الذي ينير الدروب العربية ويزهر في كل صباح وكل موسم لتشرق ارواحهم الطاهرة وبنادقهم تحرس الطريق وخيط العشق الممتد بين عمان والقدس ونهر آخر من دماء الشهداء يربط بينهما وفي سماء المدينة المقدسة ارواح شهداء ما هانوا ولا استكانوا فالقدس كانت لهم كما هي إربد ومعان والكرك.. في الوجدان والضمير ، وإن الارض شاهدة ولا تملك إلا أن تظهر ما ضمته في بطنها من دماء زكية ورفات طاهرة لشهداء اوفياء ، يؤكدون حقيقة جيش عربي اسسه "الهاشميون" الابرار على التضحية والفداء وبقي على هذا العهد وفيا ابيا ، يحظى برعاية "حبيب الجيش" جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين "رعاه الله".
Kreshan35@yahoo.com
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير