النسخة الكاملة

يد المستوطن على الزناد وتهديدات بتهجير فلسطينيي الضفة الغربية

الإثنين-2023-10-30 10:42 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - يفتقد وسط مدينة رام الله جزءا من تفاصيله اليوم وإلى الأبد، فلا صوت لبائع المريمية الجبلية، بلال صالح، الذي كان يمكن للمتجولين مشاهدته أغلب أيام السنة وسط المدينة، خلف عربة الأعشاب خاصته.

السبت، كان آخر يوم يطوف فيه المزارع صالح (40 عاما)، جبال قرية الساوية جنوبي نابلس مسقط رأسه وبين حقول أرضه لقطف ثمار الزيتون برفقة عائلته وأقربائه، قبل أن يعدمه مستوطن برصاصة بندقية من نوع "M16" استقرت في صدره.

يقول حامد شاهين ابن عم الشهيد بلال وحموه، إن "بلال توجه برفقة عائلته وشقيقه وأبناء عمه إلى حقول الزيتون خاصتهم بالمنطقة الشمالية من القرية، لقطف ثمار الزيتون، آملا بإنهاء الموسم بأقصى سرعة ممكنة مع تصاعد اعتداءات المستوطنين".

ويضيف، يوم الجمعة الماضي بدأت العائلة بقطف ثمار الزيتون، على الجبل المقابل لمستوطنة "رحاليم" التي أقيمت على أراضي الساوية ويتما، وشاهدت العائلة عشرات المستوطنين برفقة الجيش يرقصون وسط الشارع.

ويقول شاهين: "نزلنا جميعا لقطف الزيتون، بهدف اللمة التي اعتادت العائلة على الاجتماع فيها كل موسم، وبهدف إعانة بعضنا البعض على القطف، ولحماية بعضنا من اعتداءات المستوطنين".

ويضيف، قرابة الساعة العاشرة صباح السبت، شاهد بلال الذي كان أسفل الجبل برفقة زوجته وأطفاله الأربعة وهو يقطف الزيتون، أربعة مستوطنين يرتدون الزي الديني قادمين نحوهم من الطرف الآخر، فأمر عائلته بالمغادرة نحو أرض جدهم في أعلى الجبل، ولكن ما إن وصلوا حتى سمعوا أصوات إطلاق نار في أرض بلال.

أسرع حامد ومن كان من أقربائه تجاه أرض بلال، ليتفاجأوا به ملقى على وجهه فوق بركة من الدماء، بعدما استقر رصاص المستوطن في صدره، فحملوا الشهيد على سلم خشبي باتجاه الشارع الرئيس الذي يبعد قرابة 100 متر عن أرضه، قبل أن ينقلوه بمركبة إلى مستشفى الشهيد ياسر عرفات في سلفيت، حيث أُعلن عن استشهاده.

والشهيد أب لأربعة أطفال أكبرهم (14 عاما) وأصغرهم (6 أعوام)، كانت أعشاب "المريمية، والزعتر، والزعيتمان، والنعنع"، وموسما "التين، والصبر"، مصدر قوت أبنائه، على بسطة صغيرة بمدينة رام الله، وفق ما يؤكد شاهين.

ويضيف: "هذه أول مرة نتعرض لاعتداءات في تلك المنطقة، كونها لا تحتاج إلى تنسيق، لكن هذا العام شهد جنون المستوطنين ومهاجمة أي شيء في ظل إغلاق جيش الاحتلال كل طرق القرية بالسواتر الترابية".

وبارتقاء الشهيد صالح، يرتفع عدد الشهداء الذين ارتقَوا برصاص مستوطنين منذ بداية العام إلى 20 شهيدا، ثمانية منهم منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول الحالي، وفق ما تؤكد هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة، أخذت اعتداءات المستوطنين منحى جديدا من أشكال القمع والترهيب، والوعيد بارتكاب المجازر وتكرار نكبة جديدة كنكبة 1948 بحق الفلسطينيين إن لم يغادروا "طواعية".

ويوم الخميس الماضي، تفاجأ مزارعون من بلدة دير استيا غرب سلفيت بعد انتهائهم من قطف ثمار الزيتون، بمنشورات على مركباتهم علقها مستوطنون، وكُتب عليها "إذا أردتم نكبة مثيلة لنكبة 1948 فوالله ستنزل على رؤوسكم الطامة الكبرى قريبا، لديكم آخر فرصة للهروب إلى الأردن بشكل منظم، فبعدها سنُجهز على كل عدو وسنطردكم بقوة من أرضنا المقدسة التي كتبها الله لنا".

ويقول رئيس بلدية دير استيا فراس ذياب، "إن معدل اعتداءات المستوطنين ازداد بشكل ملحوظ منذ تولي حكومة المستوطنين بزعامة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش الحكم في دولة الاحتلال، وتصاعد بشكل ملحوظ منذ بدء العدوان على القطاع".

ويضيف، أن تعليق المستوطنين منشورات على مركبات الفلسطينيين، يأتي ضمن الأسلوب القديم الحديث الذي يهدف إلى إجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم وإحلال المستوطنين فيها، عبر سياسة التضييق على المواطنين وممارسة أبشع أنواع الاعتداءات.

ويؤكد ذياب أن المستوطنين وجيش الاحتلال يوميا يتعرضون للمزارعين في أراضيهم، ويمنعونهم من قطف ثمار الزيتون، حتى المناطق المصنفة "ب"، لم يعد يتمكن الفلسطينيون من قطف ثمار الزيتون فيها.

وتبلغ مساحة أراضي دير استيا 36 ألف دونم تقع ستة آلاف منها في المنطقة المصنفة "ب"، فيما البقية في المناطق المصنفة "ج"، إلا أن الاحتلال استولى على آلاف الدونمات من أراضيها لصالح المستعمرات.

ويشير إلى أن سلطات الاحتلال خلال عامي 2022-2023، استولت على قرابة 7200 دونم من أراضي القرية لأغراض استيطانية، بعضها دون قرارات معلنة، وأقامت عليها بؤرا أو وسعت مستوطنات قائمة، إضافة إلى ثمانية آلاف استولت عليها في السابق.

ويزداد الحال صعوبة في التجمعات البدوية الفلسطينية في المناطق المصنفة "ج"، التي تشهد تصاعدا ملحوظا لاعتداءات المستوطنين باستخدام أساليب الترهيب والرعب، حتى اضطر عدد من تلك التجمعات إلى النزوح عنها.

وصباح يوم الأحد، كان تجمع عرب الكعابنة في المعرجات غرب أريحا، على موعد مع اعتداء جديد على أهالي التجمع بعدما علق مستوطنون العلم الإسرائيلي على مدرسة التجمع الأساسية، عقب أن ألقوا دمى ملطخة بالدماء أمام المدرسة ذاتها يوم الخميس الماضي.

ويرى المشرف على منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات، أن تلك الاعتداءات تأتي في إطار خلق جو من الرعب والترويع بين الطلبة، ولاستفزاز مشاعر المواطنين، مؤكدا أنها "حدث خطير جدا ويؤشر على بداية التهجير القسري لسكان المنطقة تحت الضغط، ولهذا تبعات جسيمة".

ويؤكد مليحات أن "التجمعات الفلسطينية في مناطق "ج" تخوض حرب وجود مع المستوطنين وجيش الاحتلال الاحتلال، الذين يستغلون العدوان على غزة لإجبار المواطنين على الرحيل وإحلال المستوطنين مكانهم".

ومنذ بدء العدوان، رصدت المنظمة إجبار 10 تجمعات بدوية في الضفة الغربية على الرحيل من تجمعاتها، التي يقطنها أكثر من ألفي فلسطيني في مناطق رام الله والقدس وأريحا ونابلس والخليل، مثل تجمع "وادي السيق، والزتونة، وتجمع المعرجات الوسطى، وعين الزّراعة، وعين الرشاش.."، كما يوضح مليحات.

ويشير إلى أن جيش الاحتلال والمستوطنين نغصوا عيش الفلسطينيين وجعلوا حياتهم جحيما، عبر سياسة ممنهجة بإغلاق الطرق المؤدية إلى تجمعاتهم ومنعهم من التنقل والرعي وتوفير احتياجاتهم، وإطلاق النار وخلق جو من الرعب والهلع لدى الأهالي لإجبارهم على الرحيل.

ويتابع: "هذه أخطر مرحلة وأصعبها على التجمعات الفلسطينية في المناطق المصنفة "ج"، فجيش الاحتلال يأتمر بأوامر المستوطنين، خاصة بعد قرار بن غفير تسليم المستوطنين الأسلحة إذ منحهم فيها رخصة لممارسة القتل والإرهاب وارتكاب المجازر".

ويؤكد أن "الهدف من كل ذلك السيطرة على الأرض وإجبار الفلسطينيين على مغادرتها، لخلق ترابط استيطاني بين مستعمرات الضفة الغربية وأراضي فلسطينيي الـ48، وإبقاء الفلسطينيين في جزر معزولة".

وفا

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير