جفرا نيوز -
جفرا نيوز – د. محمد أبو بكر
قبل ما يقارب العشرين عاما حضرت ما يسمى المؤتمر العام لأحد الأحزاب ، وفوجئت بكلمة من قبل ممثل للجان الثورية الليبية التي كانت سائدة في عهد العقيد معمر القذافي ، استغربت الأمر ، ثمّ تساءلت .. لماذا يلقي هذا الشخص كلمة في مؤتمر لحزب أردني ؟
شخصيا ؛ كنت على معرفة تامّة بارتباط الحزب بليبيا تنظيميا وماليا ، ويمكن القول بأن ( لحم أكتاف الحزب المذكور من خير ليبيا ) في ذلك الوقت ، لم تجر الجهات المسؤولة أي تحقيق مع الحزب ، رغم أن ما جرى مخالف تماما لقانون الأحزاب الذي يمنع الإرتباط مع جهات خارجية .
ماذا يمكن لنا أن نسمّي المال الذي كان الحزب يحصل عليه في ذلك الوقت من جهات خارجية ؟ هل هو مال سياسي أم مال أسود ؟ هنا يجدر بنا التفريق بين هذين النوعين من المال ، ناهيك عن تلك الأموال التي يجري إنفاقها ببذخ خلال الحملات الانتخابية لبعض المرشّحين ، وخاصة عمليات شراء الأصوات والتي تجري أمام الملأ.
مؤخرا ؛ أطلق أحد قادة الأحزاب تصريحا تناول فيه مصطلح المال السياسي ، موجها الإتهامات لجهات حزبية دون ذكرها ، وطيلة أكثر من ثلاثين عاما من المسيرة الحزبية ، لم يجرؤ مسؤول حزبي على توجيه مثل هذه الإتهامات ، فالجميع في الهمّ شرق !
المال السياسي ليس تهمة أبدا ، هذا إذا ما عرفنا المعنى الحقيقي له ، فمن حق الحزب السياسي الحصول على المال لممارسة نشاطاته والقيام بحملاته الإنتخابية ، بشرط أن يكون هذا المال مشروعا ومن داخل الأردن ، والمال السياسي هنا يشبه المال المخصص للزراعة أو البيئة أو السياحة أو غير ذلك .
في حين أنّ المال الأسود مال مشبوه ، يقصد منه القيام بأعمال لا يقبلها المجتمع ، ويمكن تكريسه للقيام بما يضرّ الدولة أو الأفراد ، وعملية شراء أصوات الناخبين في الانتخابات يمكن اعتبارها ضمن المال الأسود .
الحالة الحزبية الراهنة لا تتحمّل مثل هذه الإتهامات ، فنحن مازلنا في الخطوات الأولى لهذه المسيرة الجديدة والمتجددة ، وهناك طموحات مشروعة لدى العديد من الأحزاب للمشاركة في العملية الانتخابية والوصول إلى المجلس النيابي ، وهي تحتاج فعلا لمال سياسي ، وليس لمال أسود .
إطلاق هذه الإتهامات فيه إضعاف للعمل الحزبي وربما التشويش عليه بصورة أو بأخرى ، وتأثيرات مثل هذه التصريحات سلبية جدا ، ويمكن لها أن تحدّ من ثقة المواطنين بالأحزاب الجديدة أو تلك التي قامت بتصويب أوضاعها حسب القانون .
إشارة خطيرة في تلك التصريحات تمثّلت في القول بأنّ قادة حزبيين سيواجهون السجن ، فإذا كان الأمر كذلك ؛ فهاهي هيئة النزاهة ومكافحة الفساد موجودة ويمكن الوصول إليها ومخاطبتها بالأدلّة والوثائق .
لا أحد يرغب بمثل هذه القنابل ، ولا أحد يقبل مثل هذه الإتهامات ، في الوقت الذي بدأت فيه أحزاب تحضيرات جديّة للانتخابات ، وأعلنت عن شروطها للترشيح ، وحتى اللحظة الراهنة مازلنا نقول .. ياااااهادي !