جفرا نيوز - وصل الأردن إلى مرحلة حرجة في عدد طلبة المدارس الذين أصبح التبغ جزءا من سلوكياتهم ويبتاعونه "بالفرط، سيجارة سيجارة" من أماكن لا تبعد عن مدارسهم سوى أمتار دون إدراك لمخاطره الجمة على أجسادهم الغضة حد إصابتهم بأمراض خطيرة لا ترحم.
وأكد أخصائيون اجتماعيون ومسؤولون وأطباء أن نقطة البداية في هذه المشكلة تكمن في دور الأسرة في الحماية والرقابة، ثم في عدم تفعيل القانون بشكل حازم جدا وتحقيق الردع العام والخاص، أما السبب الثالث فهو أن التدخين أصبح "ممارسة غير مستنكرة بل مقبولة في المنزل والشارع والأماكن العامة وعلى مرأى من الأطفال”.
وأشارت الدكتورة لاريسا الور العضو المؤسس لجمعية "لا للتدخين" إلى أن دراسة مسحية أجرتها الجمعية بالتعاون مع مكتب مكافحة السرطان العام الحالي بعنوان "حماية أطفال المدارس من تكتيكات الترويج لمنتجات التبغ"، كشفت مدى انتشار نقاط البيع في محيط 150 مترا من المدارس في منطقتين في عمّان.
وبحسب الدراسة فإن 70 في المئة من المحلات حول 94 مدرسة تبيع منتجات التبغ، و20 في المئة منها تبيع منتجات التبغ بـ"الفرط"، وحوالي 80 في المئة من هذه المحلات لم تضع لافتة تحظر بيع منتجات التبغ للقاصرين.
70 في المئة من المحلات حول 94 مدرسة تبيع منتجات التبغ و20 في المئة منها تبيع منتجات التبغ بـ"الفرط"
وقالت الور إن دراسة حول أرقام التدخين بين طلبة المدارس بينت أن نحو 25 في المئة من طلبة المدارس بعمر 13 إلى 15 سنة من المدخنين، وأن أكثر من 50 في المئة منهم كان بمقدورهم شراء التبغ بسهولة من المحلات التجارية، وفي المسح الذي أجري عام 2019 للبالغين تبين أن نسبة الإقبال على السجائر العادية بلغت 66 في المئة، والسجائر الإلكترونية 15 في المئة، وأن الفئة العمرية التي تتراوح بين 18 و44 عاما هي الأكثر استهلاكا للتبغ مقارنة بالفئة العمرية 45 - 69 عاما، مشيرة إلى تزايد انتشار التدخين بالتزامن مع السماح بالسجائر الإلكترونية والتبغ المسخن وجاذبية هذه المنتجات الجديدة بسبب تعدد نكهاتها التي تتراوح بين الموز والكرز والفراولة والتفاح، وكلها نكهات محببة للأطفال.
ورجحت أن يكون التعرض القسري للتدخين هو الدافع الأول لليافعين للإقبال عليه، مشيرة إلى أن التعرض للتدخين السلبي قد يكون أشد وقعا بسبب تأثيره على المنطقة الأمامية للدماغ وعلى نمو الرئتين. وأوضح الدكتور غيث عويس مدير مديرية التوعية والإعلام الصحي بوزارة الصحة أن الطلاب من عمر 12 إلى 16 عاما يميلون لاستكشاف أمور جديدة بجرأة أكبر ومنها التدخين، محذرا من تأثيراته السلبية على التحصيل العلمي وتراجع نموهم.
وأكد عويس أن إحدى الدراسات أثبتت انتشار التدخين بين طلبة المدارس، مشيرا إلى أن انتشار التبغ بأشكال ورسومات ونكهات متعددة يعتبر جاذبا للطلاب في غياب إدراك المخاطر المترتبة على ذلك.
وقال إن وزارة الصحة عملت على سن التشريعات ووضع مسودات لعدد من القوانين منها قانون الصحة العامة الذي يمنع التدخين بكافة أشكاله في الأماكن العامة والتي قد يتعرض فيها الأطفال للتدخين السلبي، وغلظ العقوبات على المدخنين في المدارس ودور الحضانة، وهذا العام تمت تسمية ما يزيد عن 400 ضابط ارتباط يحملون الصفة العدلية حيث كان عددهم 300 تقريبا العام الماضي، وتم العمل من قبلهم على مخالفة وإغلاق منشآت غير ملتزمة بالقانون.
وبين أن عدد الزيارات التي قام بها ضباط الارتباط العام الحالي بلغ 4 آلاف و500 زيارة تقريبا نتج عنها توجيه حوالي 740 إنذارا للمنشآت المخالفة، بينما قام ضباط الارتباط العام الماضي بتنفيذ حوالي 8 آلاف زيارة نتج عنها ما يقارب 870 حالة مخالفة.
وأضاف أن عدد عيادات الإقلاع عن التدخين سيرتفع هذا العام إلى 29 عيادة، مشيرا إلى أن البداية كانت بـ5 أطباء في حين بلغ عدد الأطباء المدربين لهذه الغاية 68 طبيبا هذا العام، وتتراوح نسبة المقلعين عن التدخين من مراجعي هذه العيادات بين 6 و9 في المئة.
لاريسا الور: التعرض القسري للتدخين قد يكون هو الدافع الأول لليافعين للإقبال عليه
لاريسا الور: التعرض القسري للتدخين قد يكون هو الدافع الأول لليافعين للإقبال عليه
وأشارت منتهى العيدي أخصائية الأمراض الصدرية واعتلالات النوم لدى الأطفال إلى صعوبة إقناع المراهقين الذين اعتادوا التدخين بإيقاف هذه الممارسة خاصة إذا كان الطفل محاطا ببيئة من المدخنين، وما يتبع هذه العادة من احتمالية زيادة مرات دخولهم إلى المستشفى نتيجة الانتكاسات المتكررة جراء عدم إيقاف الدخان.
وقالت العيدي إن أكثر ما يتعرض له الأطفال المدخنون هو التهابات الأذن الوسطى بالإضافة إلى الإصابة بالربو في مرحلة عمرية مبكرة لأن التدخين يضعف وظائف الرئة، مؤكدة أن التدخين بعمر مبكر وزيادة سنوات التدخين يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان والأمراض القلبية الوعائية.
وقال المرشد التربوي الدكتور بهاء الشواقفة إن عقوبة الطالب المدخن داخل المدرسة تبدأ من توجيه إنذار وتتدرج إلى الفصل من المدرسة، مؤكدا أن تقليد الطالب لمحيطه هو السبب الأول في أن يصبح مدخنا. وقالت الأخصائية النفسية والتربوية حنين البطوش إن التدخين أصبح ظاهرة منتشرة في المدارس وبنسب عالية بسبب فضول التجربة لدى فئة المراهقين واعتقادهم الخاطئ بأن التدخين من علامات البلوغ.
وأكدت أهمية تصحيح الاعتقاد الخاطئ بين المراهقين حول أن التدخين يسحب التوتر والقلق ويخفف من العصبية، معربة عن الأسف من تراجع رقابة الأهل على أبنائهم وسهولة الحصول على منتجات التدخين في ظل عدم إنفاذ القانون بشكل فعلي وواقعي. وأشارت إلى أن العقوبة تطبق فقط داخل المدرسة على من يدخن فعليا بينما لا يعاقب حامل علبة السجائر أو الولاعة أو من يدخن خارج أسوار المدرسة.
وأكدت الدكتورة نور عبيدات مديرة مكتب مكافحة التبغ والسرطان في مؤسسة الحسين للسرطان أن التدخين في سن مبكرة يترتب عليه صعوبة في الإقلاع عنه وتزداد احتمالية حدوث السرطان خاصة سرطان الرئة الذي يعتبر أحد 15 نوعا من السرطان.
العرب