جفرا نيوز - راية محمود
نشرت الزميلة رنا الصباغ اليوم مقالا في موقع جو ٢٤ عبرت فيه عن رأيها المعارض لمشروع قانون الجرائم الالكترونية الذي أقره مجلسا النواب والأعيان.
قدمت الزملية الصباغ في مقالها رأيا معارضا لمشروع القانون، وحذرت من أثره في ضوء استخدامه "عبارات فضفاضة" من نوع التصدي لـ "الأخبار الكاذبة والكراهية والقدح والذم."
هذا رأي الزميلة الصباغ الذي تعبر عنه بحرية في وسيلة اعلام أردنية ونحترمه. لكن الزميلة الصباغ قدمت في مقالها توصيفا لبعض مجريات لقاء مغلق جمع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي مع ممثلي السفارات الأوروبية في الأردن.
الملاحظ أن الزميلة الصباغ لم تورد رأي وزارة الخارجية حول مجريات اللقاء، أو دقة ما نقلته عن مصادرها الدبلوماسية.
اتصلت جفرا بالناطق الرسمي باسم الخارجية وسألته إن كانت الزميلة الصباغ حاولت التواصل معه لأخذ رأي الوزارة حول اللقاء، فأجاب أن ذلك لم يحدث.
مصادر أكدت لجفرا أن الرواية التي قدمتها الصباغ لمجريات اللقاء ليست دقيقة.
تقول الزميلة الصباغ في مقالها بناء على أن سفيرتي ايرلندا وبريطانيا تحدثتا حول مشروع القانون بدبلوماسية عالية، بينما تكتب أن الصفدي تحدث ب "صرامة غير دبلوماسية."
والسؤال هنا كيف حددت الصباغ ما هي الدبلوماسية العالية، وما هي الصرامة غير الدبلوماسية ؟
المعلومات التي حصلت عليها جفرا تفند ما كتبته الزميلة الصباغ.
المصادر قالت إن الصفدي التقى سفراء وممثلي سفارات الدول الاوروبية في سياق اللقاءات الدورية التي يجريها معهم.
تحدث الصفدي عن القضية الفلسطينية وجهود حل الأزمة السورية وقلق الأردن من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين. ولم يتطرق الصفدي في حديثه إلى مشروع قانون الجرائم الاكترونية، فهذا ليس من اختصاص وزارة الخارجية.
وكما هي العادة في كل لقاءاته مع سفراء الدول الاوروبية وغيرهم، أنهى الصفدي حسب المصادر حديثه بدعوة السفراء لتقديم أي مداخلة وطرح أي سؤال.
وعلى عكس ما نشرته الزميلة الصباغ، كانت سفيرة الاتحاد الأوروبي أول المتحدثين، فتناولت قضايا سياسية ثم تناولت مشروع القانون وما يثار من مخاوف حول أثره.
وهنا، حسب المصادر، رد الصفدي بما مجمله أن تنظيم الفضاء الالكتروني هو جهد تقوم به كل الدول، وأن الأردن لا يستهدف التضييق على حرية التعبير بل حماية المجتمع والأفراد من أي ممارسات تعتدي عليها. وأشار حسب المصادر التي تحدثت اليها جفرا أن نسخة مشروع القانون الذي قدمته الحكومة خضعت لتعديلات من البرلمان. وأكد الصفدي أن لا شيء نهائيا وأن امكانية تعديل مشروع القانون متاحة دستوريا إن ثبت الحاجة لذلك مستقبلا. كما أشار الصفدي إلى أن عدة دول قدمت تشريعات مرتبطة بالفضاء الالكتروني وعدلتها انطلاقا من أن هذه مساحة جديدة تحاول كل الدول التعامل معها وتنظيمها وتتعلم من تجاربها.
بعد ذلك، وحسب المصادر، تحدثت السفيرة الايرلندية ب"لغة دبلوماسية" وأجابها الصفدي بشكرها على أرائها لكنه طلب منها تحديد منطلقات قلقها للرد عليها وللاستفادة منها.
ما طلبه الصفدي هو نقاش موضوعي مفصل حتى يقدم إجابة مفصلة.
وحسب مصادر جفرا، تحدثت السفيرة البريطانية بعد ذلك ملوحة بإلغاء بلدها مشروع مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الاكتروني والسييراني، وقدمت بلغة تلقينية "غير دبلوماسية" تخوفاتها من القانون، وأشارت إلى مخاوف مرتبطة باستخدام القانون "عبارات فضفاضة" مثل تلك التي تعالج "الأخبار الكاذبة والكراهية والقدح والذم." كما ربطت السفيرة المخاوف من مشروع القانون بمخاوف حول الرؤية الملكية حول مسيرة التحديث السياسي والاقتصادي.
المصادر قالت إن الصفدي رد على السفيرة بالتأكيد أن الأردن يمضي في تنفيذ الرؤية الملكية في التحديث السياسي انطلاقا من قناعة ثابتة بضرورتها لبناء مستقبل أفضل وتشجيع المشاركة السياسية.
وأشار الصفدي إلى أن ما وصفته السفيرة، ولاحقا الزميلة الصباغ، بعبارات فضفاضة حول الاخبار الكاذبة والكراهية والذم والقدح هي نفس اللغة التي استخدمها بلدها ودول أوروبية أخرى في تشريعاتها.
وأشار الصفدي إلى أن المخاوف التي أثارتها السفيرة حول مشروع القانون الأردني هي مشابهة جدا للمخاوف التي أثارتها صحافة بلادها ومنظمات غير حكومية فيها حول مشروع القانون البريطاني. ولخص أن كل الدول تحاول تنظيم فضاء جديد وتواجه تحديات مماثلة في توصيف المخالفات وتتعرض لانتقادات مشابهة، وأن توصيف هذه المخالفات سيتطور بالتأكيد.
وأكد مرة أخرى أن الأردن ينطلق في مشروع القانون من ضرورة تنظيم هذا الفضاء لمصلحة المجتمع والمواطنين، وأن مشروع القانون كغيره من القوانين يمكن تعديله مستقبلا إذًا ثبت أنه لم يحقق الهدف المرجو منه، أو أنه تعارض مع حرية التعبير. وأكد الصفدي أن تطبيق القانون سيؤكد صحة هذه المخاوف من عدمها.
وهنا، كتبت الزميلة الصباغ، "ساد اللقاء صمت بعد أن شعر بعضهم بأنهم أتوا لسماع محاضرة أحادية الجانب وليس للتحاور كحلفاء صادقين لهم أيضا تجربة مع مثالب القوانين الجديدة التي تعالج الجرائم السيبرانية في بلادهم."
حسب الزميلة الصباغ ومن تحدث اليهم، فإن تناول ديلوماسيين للقانون الاردني وانتقاده والتعبير عن المخاوف منه وتهديد الأردن بإلغاء اتفاقيات تعاون معه هو "تحاور بين حلفاء."
أما حديث مسؤول أردني عن قوانين تلك الدول وما تولد من مخاوف مشابهة لتلك التي تثار حول مشروع القانون الأردني فهو "محاضرة أحادية الجانب."
ما تقوله الزميلة أو من نقلت حديثه هو أنه يحق للدبلوماسيين الحديث عن القوانين الأردنية، فهذا حوار حلفاء. ولكن لا يحق للأردن الحديث مع هؤلاء الدبلوماسيين حول قوانينهم فهذا "محاضرة أحادية،" رغم أن الدبلوماسيين وليس الوزير من فتح موضوع القانون.
يبدوا أن الدور المطلوب من الوزير الأردني برأي هؤلاء هو الاستماع فقط. فالحديث حرام على الأردن، حلال لغيره.
أكثر من مصدر نقل عن الزميلة الصباغ قولها إن "إحدى" السفراء الذين تحدثت اليهم مستائة من أن الصفدي كان مستعدا للحديث حول مشروع القانون!
لا يستحق الصفدي أن يكون وزيرا للخارجية اذا لم يكن مستعدا لنقاش أي موضوع يمكن أن يطرحه عليه ممثلوا السفارات الأجنبية في المملكة في لقاء معهم.
واذا لم تكن سعادة السفيرة مستعدة لنقاش مشروع القانون، فلماذا طرحته في حين أن الصفدي لم يطرحه . يبدوا أن سعادتها كانت مستعدة للتلويح بالغاء الاتفاقيات واعطاء وزير خارجيتنا محاضرة، لكنها لم تكن مستعدة لرفض وزير الخارجية الاستماع لمحاضرتها، وطلب نقاش موضوعي مفصل منها. أن الوزير مستعد وأنها غير مستعدة مشكلتها وليست مشكلة وزير الخارجية.
الصباغ تنقل عن دبلوماسيين آخرين قولهم إن في الدول الغربية "جهاز قضائي أكثر استقلالاً يقف أمام التدخلات السياسية، وهناك أحزاب حاكمة واخرى معارضة لها برامج واضحة."
هل هذه هي "الدبلوماسية العالية" التي تقول الصباغ إن الدبلوماسيين الذين نقلت روايتهم تحدثوا بها خلال لقاء وزير خارجيتنا. هل التشكيك باستقلالية القضاء الأردني عبر صحافية "دبلوماسية عالية!."
الواضح مما كتبته الزميلة الصباغ أن الاستياء الذي تتحدث عنه نابع من رفض الصفدي الاستماع للتلقين والمحاضرات والتلويح بإلغاء الاتفاقيات في تصرف "غير دبلوماسي" ، وأصراره على أن يكون النقاش في التفاصيل. وهذا أحرج من أراد أن يلقن، لا أن يناقش.
وهذا هو الذي أدى إلى "استياء" من يعتقد / تعنقد أن له / لها الحق في الحديث عن شؤون الأردن وقوانينه، ولكن يعتبر / تعتبر أن لا حق للأردن في ذلك.
الدبلوماسيون الذين تقتبسهم الزميلة الصباغ هم من فتحوا النقاش في القانون. الصفدي رد عليهم بطلب الحديث بالتفاصيل وبإجراء مقاربات مع قوانين دول أخرى في سياق اظهار صعوبة تحدي التعامل مع مجال جديد.
وهذا ليس مقبولا عند من نقلت الصباغ مشاعرهم. فالحوار والحديث بقوانين الدول حق لهم فقط. وكنا قد ظننا أن عهد الشعور بالفوقية الدبلوماسية انتهى!
تواصلت جفرا مع الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، فرفض التعليق على ما وصفه بلقاء مغلق بين الوزير وممثلي دول حليفة وصديقة يحترمها الأردن، رغم أننا نعرف أن هناك محضر لكل كلمة قيلت في اللقاء.
هذه هي، الزملية صباغ، دبلوماسيتنا العالية.