جفرا نيوز – د. محمد أبو بكر
تشعر باستغراب شديد حين تستمع إلى رئيس حكومة أسبق ، وهو يشير بالقول إلى أنّه تعرّض للظلم خلال وجوده في موقع الرئاسة ، ثمّ يضيف بأنه كان يمتلك برنامجا طموحا ، لم يتمكّن من تنفيذه ، وأنه لو جرى التنفيذ ، لشعر المواطنون بنتائجه الإيجابية وعلى أكثر من صعيد .
المتواجدون حول الرئيس الأسبق يهزّون برؤوسهم ، وقد تلحظ حالة من الدهشة لدى البعض منهم ، ناهيك عمّن يوافقون دولته على ما قاله ، وكأنّ صاحب الدولة هو المؤهّل في كلّ الأوقات لانتشالنا من الوضع الإقتصادي ، والحياة المعيشية التي باتت لا تسرّ أبدا .
وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود ، لم يقدم رئيس حكومة استقالته بمحض إرادته ، حيث كانت هناك أسبابا دعت الملك للطلب من الحكومة الإستقالة ، ويمكن القول بأنها إقالة ، لعلّ وعسى القادم يكون أفضل .
رئيس واحد فقط استقال بمحض إرادته في العام 1991 ، وهو طاهر المصري ، حيث لم تستمر حكومته سوى ستة أشهر أو أقل قليلا ، لقد فضّل المصري الإستقالة على التنسيب بحلّ مجلس النواب ، وحين سئل عن سبب استقالة حكومته ، أجاب .. حتى لا يسجّل عليّ حل مجلس النواب الأول بعد عودة الحياة الديمقراطية ، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ المصري حين قدّم استقالته للملك حسين رحمه الله ، خاطبه بالقول .. ياسيدي ؛ هذه استقالتي بين يديك ، وأنا على استعداد لأن أكون وزيرا للخارجية في أيّ حكومة قادمة !
قالها الملك عبد الله الثاني مرّات عديدة .. من لا يستطيع القيام بمسؤولياته ، فعليه التنحّي وافساح المجال لغيره ، ولكن من من المسؤولين يمكن له الإعتراف بفشله ؟ الجميع يعتقد بأنه أهل للمسؤولية ، ولكنه لم يمنح الفرصة الكاملة لتحقيق إنجازات ، وهذا هو حال دولة الرئيس الذي يشعر بالظلم وعدم منحه الفرصة الكافية .
على مدى أكثر من ثلاثين عاما مضت ، لم يشهد الأردنيون انجازات تذكر لرؤساء حكومات ، وكان هذا مدعاة لتغييرات متعددة في الحكومات ، من تعديلات وزارية ، إلى تشكيل كامل ، مع بروز وجوه جديدة تولّت رئاسة الحكومة ، غير أنها أثبتت بأن الموقع أكبر منها بكثير، ناهيك عن شخصيات تسلّمت مناصب وزارية ، وغادرتها دون أن نشهد ولو إنجازا بسيطا .
الرئيس المذكور يدّعي بأنه كان يمتلك برنامجا طموحا ، وقد استمرّ في موقعه مايقارب العامين ، فهل يحتاج دولته لعشر سنوات أخرى في المنصب حتى يبدأ تطبيق ذلك البرنامج الطموح ؟
يشعر المواطنون بالملل والسخرية حين سماع ذلك ، وهم يعلمون تماما بأن مختلف الحكومات المتعاقبة كانت تتنافس بصورة كبيرة حول كيفية ( حلب ) جيوب المواطنين ، فهي الطريقة الأسهل للحكومات ، ونقول لرئيس الوزراء الأسبق .. شكرا لك ، وخلّي برنامجك الطموح لفرصة ثانية ، هي بالطبع لن تأتي أبدا ، فقد جرّبنا حكومتك ، وما عليك إلّا العمل لآخرتك والتكفير عن جملة الأخطاء التي ارتكبتها تلك الحكومة بحقّ الشعب الغلبان !