النسخة الكاملة

المعضلة في «مشروع قانون الشراكة 2023»

الخميس-2023-07-19 10:21 am
جفرا نيوز -

جفرا نيوز - كتب - عوني الداوود

من المفترض ألا تطول النقاشات حول «مشروع قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لسنة 2023» الذي شرعت بالامس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية بمناقشته بحضور الاطراف المعنية من القطاعين.. والسبب في ما أقول يعود الى أنّ هذا المشروع قد استغرق وقتا بمناقشته من قبل مجلس الاستثمار الذي يترأسه رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة ويضم في عضويته ممثلين عن القطاع الخاص منهم رئيسا غرفتي صناعة وتجارة الأردن.. وأن الحكومة وبتوجيهات من رئيسها لم تقدم المشروع الى النواب إلا بعد أن تمت مناقشته باستفاضة ورضى من ممثلي القطاع الخاص الأعضاء في مجلس الاستثمار.
ورغم كل ذلك فإن المعضلة الرئيسة في مشروع القانون تكمن في «التطبيق» وليس شيئا آخر- كما معظم القوانين لدينا - فالتعديل لقانون مشروع الشراكة الحالي 2023 هو التعديل الثالث خلال أقل من (10) سنوات، فقد صدر خلال العام 2014 قانون رقم (31) لسنة 2014 «قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص»، وفي عام 2020، صدر قانون رقم (17) لسنة 2020 «قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص»، ثم مشروع قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لسنة 2023.. لذلك فإن كثرة التعديلات خلال فترة زمنية صغيرة تؤكد شكوى القطاع الخاص والمستثمرين تحديدا من «سلبية» عدم استقرار التشريعات، وتؤكد في الاتجاه الآخر «إيجابيا» حرص الحكومة على التعديل والتغيير لمواكبة التطورات المتسارعة والتي تستوجب التعديل.

باعتقادي فإن من أهم موجبات التعديل هي رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني وتوجيهاته بالمضي قدما في رؤى الاصلاح الثلاث وتحديدا رؤية التحديث الاقتصادي والتي تعوّل على القطاع الخاص تحديدا في تحقيق ركائزها واهدافها و مبادراتها وصولا الى معدلات نمو (5.8 %) في العام 2033 وخلق(1.1) مليون وظيفة، و توفير تمويل يصل الى نحو (41 مليار دينار)، وكل هذه النتائج لا تحققها الحكومة وحدها دون مشاركة حقيقية مع القطاع الخاص الأمر الذي بات يستوجب تعديلات على مشروع قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمكين القطاع الخاص من القيام بدوره وخلق وجذب استثمارات تساهم برفع معدلات النمو وخلق مزيد من فرص العمل.

القطاع الخاص يريد قانونا جديدا يؤكد استقرار التشريعات وثباتها من خلال تمتع هذا القانون بالاستقرار والديمومة، ويزيل البيروقراطية المعطلة لمشاريعه، ويبسط الإجراءات وفقا لمبادئ الحوكمة الرشيدة.

القطاع الخاص يريد قانونا جديدا يضمن له اطارا مؤسسيا فاعلا من خلال مرجعية رئيسية لادارة مراحل مشروعات الشراكة ممثلة بوزارة الاستثمار، وفي ذات الوقت يتطلع الى تنسيق حقيقي بين الجهات الحكومية المعنية بتنفيذ هذا القانون ووزارة الاستثمار لضمان التنفيذ.

من المهم جدا ان يأخذ مشروع القانون حقه في النقاشات تحت قبة مجلس الأمة بغرفتيه التشريعيتين (النواب والأعيان) وأن يتم الاستماع الى كافة ملاحظات الجهات المعنية وتحديدا القطاع الخاص الذي لطالما كانت شكواه من عدم وجود شراكة «حقيقية» معه وعدم محاورته خصوصا في مشاريع القوانين التي تخصه .

وحتى يتم تنفيذ «قانون الشراكة» - بعد إقراره - لا بد من اعتماد ركائز تضمن له النجاح وفي مقدمتها:
- الإسراع بإنشاء وحدة مشروعات الشراكة بين القطاعين تحت مظلة وزارة الاستثمار، والإسراع بتحديد مهامها وصلاحياتها خلال مراحل المشروع.

- ضرورة أن تأخذ «وزارة الاستثمار» دورها ووضعها الحقيقي كمظلة للاستثمار في المملكة، وان يتم تزويد الوزارة ودعمها بكافة احتياجاتها من كوادر بشرية واحتياجات تقنية وصلاحيات تمكنها القيام بدورها..مع التأكيد على ضرورة تعاون وسرعة تجاوب وزارات ومؤسسات المملكة مع الدور الذي تضطلع به وزارة الاستثمار.
- ضرورة الإسراع بإنجاز الأنظمة والتعليمات المتعلقة بمشروع القانون.
- ضرورة توفير آلية تمويل مستدامة للإنفاق على إعداد مشروعات الشراكة وطرح عطاءاتها.

باختصار.. فإن المشكلة المتكررة في قوانين الاستثمار تتلخص في: ( تعدد المرجعيات - والبيروقراطية -..وعدم التنفيذ)..لذلك لا بد من ضمانات لأن يكون «قانون الشراكة» هذه المرّة مختلفا ومتميزا.. ولن يكون ذلك إلاّ بحسن «التنفيذ».

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير