النسخة الكاملة

الحكومات الحزبية..خيار ملكي لا رجعة عنه

الخميس-2023-07-09 08:46 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - ماجد الأمير

في كل لقاء يحرص جلالة الملك عبدالله الثاني على ايصال رسائل واضحة للجميع مفادها ان الاصلاح السياسي خيار الدولة الذي لا رجعة عنه، وان مستقبل العمل السياسي في البلاد سيكون عبر الاحزاب.

يروي كاتب حضر مؤخرا لقاء جلالة الملك مع نخبة من الكتاب والحزبيين، قائلا » ان الملك لديه ارادة سياسية قوية بإحداث اصلاح سياسي يؤدي الى حياة حزبية فاعلة تقودنا الى حكومات حزبية منتخبة ».

ويخلص الى ان الملك مؤمن أن مستقبل الاردن هو بوجود احزاب سياسية برامجية لها امتداد في جميع مناطق الاردن، وان خيار الاصلاح السياسي هو خيار الملك الذي لا رجعه عنه.

رسائل سياسية كثيرة يرسلها جلالة الملك للشعب الاردني وللنخب السياسية بشكل دائم جوهرها أن من يريد العمل بالسياسة عليه ان ينتسب الى حزب سياسي، فالإرادة السياسية لدى جلالته واضحة في التأسيس لحياة حزبية فاعلة من خلال احزاب برامجية قادرة على الانتشار ونيل ثقة المواطنين في أي انتخابات نيابية او محلية قادمة.

وأكد العديد من السياسيين ان الملك يعمل من اجل ان تكون الانتخابات النيابية القادمة رافعة قوية للاحزاب السياسية وتشكل نقلة نوعية في العمل البرلماني البرامجي.

فالجدل حول الإرادة السياسية للاصلاح السياسي لم يعد موجودا بسبب الحسم الملكي بأن خيار الاصلاح لا رجعة عنه، بل إن جلالة الملك عبدالله الثاني ذهب الى أبعد من مطالب القوى الحزبية والاصلاحية حينما طلب من اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بتخصيص مقاعد نيابية في قانون الانتخاب للاحزاب السياسية فقط.

الارادة الملكية للسير في البلاد نحو الحكومات الحزبية كانت واضحة في الحوار الذي دار بين جلالة الملك ورئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية سمير الرفاعي، حينما سأل جلالته الرفاعي اثناء عمل اللجنة الملكية «متى تتوقعون الوصول الى حكومات حزبية »؟، فكانت إجابة الرفاعي نحتاج الى عشرين عاما لتشكيل حكومة حزبية، ولكن جلالته كان حاسما حينما رد بالقول » اعملوا لكي نصل الى حكومات حزبية بعد عشر سنوات من الآن ».

جلالة الملك في جميع لقاءاته مع المواطنين والفعاليات الشعبية والسياسية والتعليمية يدعم العمل الحزبي والانتماء الى الاحزاب السياسية، مثلما يدعو الاحزاب الى ان تقدم برامج لكل قضايا الوطن، وان تقنع المواطنين بالانتماء والتصويت اليها في الانتخابات النيابية والمحلية القادمة، كما حرص جلالته على اللقاء مع رؤساء الجامعات الرسمية وحثهم على ازالة اية عقبات في أنظمة الجامعات امام انتماء الطلاب للاحزاب السياسية، ومزاولة نشاطاتهم الحزبية في الحرم الجامعي، بل ان هناك حرصا من الدولة على ان تبدأ الجامعات بانتخابات اتحادات ?لطلبة خلال الفصل الدراسي المقبل بهدف ايصال رسائل للطلبة والمجتمع والاحزاب نفسها حول المسار السياسي والاصلاح السياسي وخيار الانتخابات.

الارادة السياسية للملك في حياة حزبية فاعلة كانت سباقة حتى من الاحزاب القائمة نفسها لذلك كان قانون الانتخاب يخصص لأول مرة في تاريخ الاردن مقاعد للاحزاب، وهي 41 مقعدا في مجلس النواب القادم وستزيد في مجلس النواب الذي يليه، وهذا ايضا تأكيد على الارادة السياسية الواضحة والجلية لجلالته على أن المستقبل لحياة حزبية برامجية، وان من يرغب في العمل السياسي والنيابي عليه ان ينتمي لحزب سياسي وان طريق الوزارة سيكون عبر الاحزاب، بل ان رئيس الوزراء في المستقبل القريب سيكون زعيم الحزب الفائز في الانتخابات النيابية.

فالجهد الملكي والارادة الملكية لتحقيق حياة حزبية واضحة وقوية، ولكن السؤال عن مدى انخراط النخب السياسية والفعاليات الشعبية في الجهود الرامية لتشكيل احزاب برامجية او الانتماء للاحزاب السياسية القائمة.

ومن يتابع الساحة السياسية والبرلمانية والشعبية يكتشف ان هناك حالة تردد لدى بعض السياسيين في الانخراط في الاحزاب السياسية او تأسيس احزاب برامجية جديدة.

وهناك شخصيات سياسية ونيابية وقيادات محلية منخرطة في المجهود لتأسيس احزاب جديدة وهذه جهود مقدرة ولكن ما زالت غالبية الشخصيات السياسية مترددة او غائبة عن اية نقاشات لتأسيس احزاب برامجية جديدة.

والجميع اليوم يراقب اعضاء مجلس النواب الحاليين ومدى تفاعلهم مع الحوارات لتأسيس احزاب جديدة، وطبعا هناك نواب استجابوا لفكرة الانتماء للاحزاب وانضموا الى حزب الميثاق الوطني الذي استطاع القائمون عليه اقناع عدد كبير من النواب والاعيان للانخراط فيه، كما ان حزب ارادة ايضا انضم اليه عدد قليل من النواب، ولكن كثير من النواب الذين لهم امتداد شعبي وتاريخ برلماني عريق لم ينخرطوا لغاية الآن في الجهود لتأسيس احزاب سياسية، كما ان بعض الوزراء السابقين والمسؤولين السابقين في الدولة ايضا ما زالوا غائبين عن النقاشات المتعلقة?بتفعيل الحياة الحزبية.

قانونا الانتخاب والاحزاب مرتبطان ببعضهما بعضاً وهما اللذان يؤكدان على الارادة السياسية للاصلاح السياسي، اذ ان قانون الانتخاب خصص مقاعد للاحزاب السياسية، اي ان الترشح لهذه المقاعد والبالغة 41 مقعدا محصور فقط بالاحزاب السياسية، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه للاحزاب السياسية لكي تدخل البرلمان عبر المقاعد المخصصة لها وايضا عبر المقاعد المخصصة للدوائر في المحافظات.

قانون الانتخاب الجديد قسّم الاردن الى دوائر محلية وعددها 18دائرة حدد لها 97 مقعدا، ودائرة انتخابية عامة واحدة على مستوى المملكة حدد لها 41 مقعدا خصصها للقوائم الحزبية فقط.

الانتخابات النيابية المقبلة ستجري على أساس قانون الانتخاب الجديد والذي منح للناخب صوتين، واحد للقائمة المحلية والاخر للقائمة الحزبية على مستوى الوطن، فالقانون يؤكد على الحياة الحزبية من خلال المقاعد المخصصة للاحزاب بل حدد صوتا ثانيا للناخب لكي ينتخب قائمة حزبية، وهو ما يعني ضرورة أن تعمل الاحزاب على الاستفادة من هذا القانون وخوض الانتخابات النيابية بقوائم حزبية ذات برامج مقنعة للمواطنين، لتكون الانتخابات النيابية برامجية، لتعزيز فكرة الائتلافات البرامجية.

القانون الثاني الذي يؤشر على المسار الاصلاحي، هو قانون الاحزاب السياسية، الذي اصبح نافذا من ايار الماضي، فالقانون يؤسس لحياة حزبية فاعلة من خلال تأسيس احزاب سياسية برامجية ومنتشرة في جميع انحاء البلاد، لذلك اشترط قانون الاحزاب الجديد على الاحزاب عدداً من الشروط، ابرزها ان لا يقل عدد اعضاء الحزب عن الف، وان يعقد الحزب مؤتمرا سنويا يحضره وجاهيا اكثر من 500 عضو، علاوة على وضع نسب معينة لتمثيل المرأة والشباب في هيئات الحزب، وهنا اصبح لدينا (27) حزبا سياسيا وهي عدد الاحزاب التن التزمت بشروط القانون الجديد.

الجهد الملكي والتشريعات التي اقرت هما المسار الذي يؤكد ان ارادة الدولة تسير باتجاه الوصول الى تشكيل حكومات حزبية من خلال الاغلبية النيابية التي ستتشكل تحت قبة البرلمان، وايضا أقلية تشكل معارضة لسياسات حكومة الاغلبية البرلمانية.

وطبعا اليوم المطلوب من النخب والشخصيات السياسية والفكرية الاقتناع ان المستقبل سيكون للاحزاب السياسية، وان طريق النيابة او الوزارة سيكون عبر الانتماء للاحزاب السياسية.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير