جفرا نيوز -
جفرا نيوز - تشهد مدن العاصمة الخرطوم الثلاث (الخرطوم، وأم درمان، وبحري)، هذه الأيام، معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، لم يسبق لها مثيل منذ اندلاع الحرب بينهما، في منتصف أبريل (نيسان)، باستخدام سلاح الطيران والمدفعية الثقيلة، ما أدخل الرعب والخوف لدى السكان بعد وقوع أعداد كبيرة من القتلى والجرحى وسط المدنيين، الأمر الذي تسبب في موجة نزوح جديدة قد تفوق ما حدث في بداية الحرب.
فكيف ينظر المراقبون العسكريون والسياسيون لهذا التصعيد وأهدافه؟ وهل يمكن أن يحسم القتال لمصلحة أي من الطرفين؟
البند السابع
في السياق، قال عضو تجمع قدامى المحاربين السودانيين اللواء معاش معتصم العجب "من المؤسف أن القوات المسلحة السودانية تضم داخل وحداتها المختلفة عناصر من تنظيم الإخوان المسلمين، لذلك فشلت كل مساعي الحل السلمي عبر الوساطة الدولية التي تقودها السعودية والولايات المتحدة، إضافة إلى عدم الالتزام بوقف إطلاق النار الموقت لأن قيادات هذه القوات لا تمتلك القرار، بخلاف قوات "الدعم السريع" التي تتميز بامتلاك قيادتها القرار على رغم التقاطعات الدولية والإقليمية وما تتلقاه من دعم خارجي لحد ما".
وأضاف العجب "في اعتقادي، من الصعب بمكان حسم أي من الطرفين هذه المعركة عسكرياً، فأساس حرب المدن أنه يتم فيها استخدام قوات مشاة عالية التدريب، بمعنى أن تكون مدربة على أسلحة إسناد خفيفة وحديثة وتتمتع بالمهارة وسرعة الحركة واللياقة البدنية العالية حتى تستطيع اقتحام الأهداف المحددة من قبل القيادة العسكرية أو السيطرة عليها أو حمايتها، لكن، بحسب معلوماتي، عناصر الجيش السوداني الذين يتمتعون بخبرات في هذا الجانب (أي المشاة) تزيد أعمارهم على 35 سنة، وبالتالي، أصبحوا غير مؤهلين للمشاركة في حرب المدن". وتابع "الوضع حالياً أصبح خطيراً جداً، بعد التركيز على الأسلحة المميتة باستخدام الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة بعيدة المدى، ما أدى إلى خسائر كبيرة جداً في جانب المدنيين والبنى التحتية، وواضح أن الطرفين لا يهمهما وقوع خسائر في صفوف المواطنين مقابل الوصول إلى الحكم".
انفجار ضخم يهز وسط الخرطوم ونائب رئيس مجلس السيادة يزور روسيا
ورأى عضو تجمع قدامى المحاربين السودانيين أن "الحل الوحيد لوقف هذه الحرب العبثية تطبيق البند السابع أو إيجاد قوات مشتركة للفصل بين القوتين (الجيش والدعم السريع)، كذلك، لا بدّ أن يبنى الجيش السوداني على أسس جديدة وأن يتم إبعاد كل العناصر ذي التوجهات السياسية بخاصة الإسلاميين، وألا يكون هناك دمج لقوات الدعم السريع بوضعها الحالي بعد أن ثبت أن معظم عناصرها من منتهكي حقوق الإنسان".
عجز وفشل
من جهته، أشار الخبير في الشؤون العسكرية اللواء معاش كمال إسماعيل أحمد إلى أن "ما يجري الآن من تصاعد في وتيرة المعارك الدائرة في مدن العاصمة الثلاث باستخدام الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة عمل غير موفق بتاتاً، لأن هذين السلاحين لا يستخدمان في حرب المدن، واستخدامهما يعني مزيداً من تدمير للبنى التحتية والمواقع السكنية والتجارية، فضلاً عن حصد مزيد من أرواح المدنيين".
وتابع أحمد "معلوم عسكرياً أن حرب المدن هي حرب مشاة وقوات خاصة، وأن اللجوء لاستخدام الأسلحة المساعدة يعني أنه عليّ وعلى أعدائي، وهذه دلالة واضحة على العجز بل الفشل في حدّ ذاته، وكان من المفترض أن يخوض الجيش السوداني هذه المعركة وفق خطة وتقدير موقف يراعي عدم المساس بالمدنيين، ومهما يكن، فلا بديل لوقف هذه الحرب إلا عبر التفاوض والحوار بين الطرفين، ومن المستحيل انتصار طرف على الآخر بقوة السلاح أياً كان نوعه".
ثمن غال
بدوره، قال المحلل السياسي شمس الدين ضو البيت "في تقديري أن ما يحدث من تصعيد في المعارك، بخاصة من جانب الجيش السوداني يثبت ما ذهب إليه كثيرون من الناس بأن هناك مجموعة من الإسلاميين داخل وخارج المؤسسة العسكرية السودانية لها تأثير في القرار العسكري المتعلق بالحرب، فهذه المجموعة تريد استمرار القتال بأي وسيلة من دون مراعاة تكلفتها البشرية والمادية، فهي من أشعلت الحرب لقطع الطريق أمام العملية السياسية التي كانت تدور حول الاتفاق الإطاري الذي كان على وشك التوقيع عليه في شكله النهائي، لأنه كان سيخرجها من المعادلة السياسية"، وأضاف ضو البيت "بحسب مخططات المجموعة الإسلامية، فإنها كانت تتوقع أن تنتهي هذه الحرب في أيام قليلة حتى لا تتكشف الحقائق، لكن طول أمدها كشف المخطط الذي رسم وأعدّ لهذه الحرب وأنها وراء التحشيد والتحريض لها، فضلاً عما أصدرته الحركة الإسلامية من نعي بعض قياداتها التي قتلت أثناء المعارك الدائرة في مواقع عدة بالعاصمة ".
أضاف المحلل السياسي السوداني "من المؤكد أن التصعيد العسكري باستخدام أي نوع من الأسلحة الثقيلة لن تكون له نتائج عسكرية وسيكون ثمنه غالياً جداً ويكاد يكون غير ممكن كحل لهذه الحرب، لكن من ناحية أخرى، هو يهدف لإيقاف وعرقلة مفاوضات منبر جدة الذي ترعاه الرياض وواشنطن لحل الأزمة السودانية، لكونه يفضي إلى عملية سياسية تنتهي بانتخابات عامة وخروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، وهو أمر غير مرغوب لأي من المجموعات الإسلامية التي تعمل حالياً لكسب الوقت وإيجاد منابر أخرى تناسب تطلعاتها بالبقاء في السلطة".