جفرا نيوز -
جفرا نيوز - إليزابيث طفلة تقرأ بعمر السنة وخمسة أشهر، وساري طفل يكتب بلغات معروفة وأخرى تلاشت ويحل ويضع معادلات رياضية وفيزيائية ويكتب بلغات البرمجة بعمر السنوات الخمس، أما بين آندروود فقد استطاع تطوير مهارة الرصد بالصدى التي تملكها حيوانات كثيرة في الطبيعة مثل الدلافين والحيتان والخفافيش، والتي تسمح بتحديد الحواجز والتعرف إلى المحيط الخارجي من خلال الصوت وارتداد الصدى، ولكنه توفي بسبب السرطان منذ مدة.
وغيرهم مثل يانجنغ لونغ الطفل الذي يستطيع رفع أي شيء مهما بلغ وزنه، والطفلة نندانا التي تستطيع القراءة بالتخاطر، إذ تعرف ما يجول في رأس والديها من أفكار، بينما يمتلك الطفل ننوغ يو شوي عينين زرقاوين تلمعان في الظلام عندما يوجه صوبهما الضوء، إذ يستطيع القراءة في الظلام بشكل أوضح من النهار، وكأن لديه نظاماً للرؤية الليلية في عينيه.
ومن الأطفال إيما التي تمتلك قدرة غريبة على إشعال النار في يديها في حال تسمى الـ "بيروكينيس"، كما أن لدى الطفل ليم حالاً جينية نادرة تدعى تضخم العضلات، إذ يبني جسمه عضلات أسرع من المعتاد لدى بقية البشر.
فما الذي يحكم هذه القدرات الخارقة والمواهب؟ وكيف تنشأ؟ وهل هي هِبة مطلقة أم لها أسباب علمية يمكن تفسيرها؟
علم الخوارق
لقد حاول العلماء عبر الزمن فك شيفرة القدرات الخارقة التي يتمتع بها بعض الأشخاص النادرين من طفولتهم، فردها كثيرون إلى الغيبيات أو السحر في عصور سابقة، ولكن ما عرف بعلم ما وراء النفس أو الظواهر الخارقة الـ "باراسيكولوجية"، شق طريقه بصعوبة إلى مرتبة العلم بعد أن تمت محاربته حتى منتصف القرن الـ 19، إذ يحاول هذا العلم درس الظواهر الخارقة للطبيعة والغريبة وغير المألوفة واللامعقولة، وإيجاد تفسير علمي وفكري مناسب، ومنها التخاطر والـ "سيكوكينيزيا" (تحريك الأشياء عن بعد) والتعويم والجلاء البصري والتنبؤ وغيرها.
ويتحدث علي الوردي في كتابه "خوارق اللاشعور" عن القوى النفسية الخارقة لدى الإنسان، إذ ذكر حادثة نقلها عن البروفيسور راين الذي كان أول مشرف في جامعة "ديوك" الأميركية عام 1930، عن مختبر خاص بدرس هذه القوى فقال، "يحدثنا راين عن فتاة تبلغ التاسعة من عمرها اسمها ليليان، جاءت إلى مختبرات القوى النفسية في جامعة ديوك لفحص مقدرتها الخارقة في الحدس، وقال إنها كانت تصيب في حدسها إلى درجة عجيبة، ففي كل مرة يجري عليها الفحص كانت توجه ظهرها إزاء طاولة التجارب، حيث تقف لحظة مغمضة العينين ثم تستدير نحو الطاولة وفمها يتحرك وكأنها تقرأ شيئاً، وكانت تصيب في كل مرة بطريقة لا يعتريها الخطأ بتاتاً".
بين أغوار اللاشعور والدماغ
ويضيف الوردي، "هذه القدرة موجودة لدى جميع الناس تقريباً لكنها لا تظهر فيهم على درجة واحدة، فأغلب الناس يملكون منها قسطاً ضئيلاً لا يكادون يشعرون به، وهي تظهر بوضوح لدى بعض النادرين الذين يأتون بالغرائب ويقومون بالخوارق المدهشة، ولا يكاد يتجاوز عددهم في كل جيل عدد أصابع اليدين، فمن هؤلاء النادرين أولئك الذين يمشون على النار حفاة والذين يضربون أنفسهم بالسلاح وآخرون يطيرون في الهواء، ومنهم من يحركون بعض الأشياء من غير أن يقتربوا منها، إضافة إلى الذين يقرأون أفكار غيرهم بجلاء ويتنبأون ببعض حوادث المستقبل".
وهؤلاء "الناجحون والنوابغ" كما سماهم علي الوردي، قال إنه ثبت علمياً أن قسطاً كبيراً من إنجازاتهم جاء نتيجة الإلهام الذي انبثق من أغوار اللاشعور.
"عمالة الأطفال" و150 عاماً من اغتيال البراءة
أما سامي الموصلي فيقول في كتابه "البارسيكولوجيا مدخل وتاريخ"، "حينما يتحدث الـ ’باراسيكولوجيون‘ عن الحاسة السادسة المفقودة لدى الإنسان المعاصر والتي كانت موجودة لدى الإنسان القديم، فإنهم ينطلقون من حيثية شبه مكانية لهذه الحاسة، وهي في دماغ الإنسان المعقد الذي لم تسبر حتى الآن أغواره ولم يعرف عنه الإنسان كثيراً، فهذا الدماغ والجهاز العصبي يجمع العلماء أن فيهما تكمن الحاسة السادسة أو مركز الخوارق الـ ’باراسيكولوجية‘ ولا شك أن ممارسي اليوغا ورياضة التأمل والمؤمنين باللاشعور وخوارقه، والعلماء الذين يقيسون الذبذبات الكهربائية والطاقة البيولوجية لذوي الخوارق الـ ’باراسيكولوجيين‘ كل هؤلاء يجمعون على رصد الدماغ الإنساني في حال حدوث الظاهرة الخارقة، سواء كان التخاطر أو الـ ’سيكوكينيزيا‘ أو أحلام تنبؤية أو أية ظاهرة خارقة، فموجات الدماغ تتوحد بين المتخاطر والمستلم كما أثبتها الفحص العلمي، وكهربائيات الدماغ تزداد بشدة حينما يقوم صاحب القابلية الخارقة بمحاولة التأثير والتحريك للأشياء عن بعد، وهذا أيضاً ثابت علمياً. وعلى رغم أن الشافي الـ ’باريوسايكولوجي‘ يستخدم يديه أحياناً، إلا أن الطاقة المرصودة المنبعثة تخرج من دماغه أساساً وكذلك بقية الظواهر".
تعديل الجينيوم
الـ "بيروكينيس" الذي يعتبر من مقدرات الطفلة إيما، وهو القدرة على رفع درجة حرارة الأشياء وإحداث حريق بقوة الفكر، يؤكد ما ذكره الموصلي عن الدماغ وقدراته، أما حال الطفل ليم الذي تنمو عضلاته على رغم صغر سنه بسرعة، فذلك يعود لحال جينية نادرة اسمها تضخم العضلات، وهذا يفتح الباب أمام طموحات العلماء في القدرة على تعديل الصفات الوراثية للإنسان بما يمكنه من وضع المميزات التي يريدها في الطفل.
وفي عام 2003 حقق العلماء نقلة في أبرز موضوع بيولوجي وأكثره كلفة بـ 3 مليارات دولار، وهو محاولتهم فك شيفرة الحمض النووي، ولكنهم اكتشفوا حقيقة أن اثنين في المئة منه عبارة عن جينات، أما الباقي فتتابعات لا تعرف فائدة معظمها، كما اكتشفوا أن عدد جينات الإنسان يبلغ 20 ألفاً فقط وليس 100 ألف كما قدروه، وهذه الـ 20 ألفاً يمكنها تحديد كل صفات الإنسان، وهو ما أرادوا الدخول إليه لتعديل الحمض النووي، ولكنهم اكتشفوا أن هذه العملية دقيقة ومعقدة، فالمطلوب منهم استهداف أماكن معينة في منطقة من الحمض النووي لا تشكل أكثر من اثنين في المئة، وهذا الأمر يعتبر أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش.
لكن العلماء لم يقفوا هنا بل تابعوا بحثهم، إذ كانوا يحتاجون إلى أداتين لتعديل الجينيوم، الأولى تحدد الهدف بدقة والثانية تعمل على إحداث التغيير، وتغلبوا على بعض التفاصيل في هذه العملية عبر تقنية سموها "كريسبر"، وفي هذه التقنية يستطيع التعديل أن يكون محدداً، أي يمكنهم جعل الطفل يمتلك الصفات التي يريدونها، ليس فقط الجسدية، لكن ربما أيضاً تلك النفسية التي تحددها بعض الجينات.