جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب- الدكتور يعقوب ناصر الدين
حان الوقت لكي نعترف بأن لدينا مشكلة في ردود الأفعال الشعبية حول التطورات التي تحدث في محيطنا القومي والإقليمي، ومن هذه الزاوية يتوجب على الأحزاب الأردنية في تكوينها الجديد أن تولي أهمية خاصة لمبدأ السيادة الوطنية وعدم التدخل في شؤون الآخرين، من خلال عملية التثقيف السياسي، والتعامل بكثير من الجدية مع التزامات الأردن واحترامه للمواثيق والأعراف الدولية، والحرص على مصالحه العليا المرتبطة بمجالات التعاون القائمة على المستويات القومية والإقليمية والدولية.
ما من شعب عربي ترتبط هويته الوطنية بهويته القومية مثل الشعب الأردني، بل إن هذا الارتباط له جذور عميقة يعود أصلها إلى نشأة الدولة الأردنية من رحم الثورة العربية الكبرى ومشروعها التحرري النهضوي، فلا نكاد نجد حاجزا يفصل بين الأردني والفلسطيني عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، ولا بينه وبين العراقي في كل المآسي التي عاشها العراقيون، وكذلك الحال بالنسبة لسوريا وليبيا واليمن وغيرها من بلادنا العربية إن أصابها مكروه من أي نوع.
أنا شخصيا أنتمي لجيل كان ينشد نشيد الجزائر قبل أن تنال استقلالها كل صباح في الطابور المدرسي ، يسبقه نشيدنا الوطني (السلام الملكي) ومن أبياته (يا مليك العرب لك من خير نبي، شرف في النسب ، حدثت عنه بطون الكتب) فنحن عرب حد النخاع، وتلك العروبة المتأصلة في الأردن والأردنيين هي التي تجعلنا نتفاعل مع كل حدث على امتداد وطننا العربي الكبير ، لكن ذلك لا يعني أن نمنح أنفسنا الحق في أن ندفع باتجاه أن نكون جزءا من خلافات أو أزمات داخلية عند غيرنا من الدول، وإن كان بلدنا في طليعة المبادرين دائما لحل الخلافات وتقريب وجهات النظر، ولطالما فتح ذراعيه لإجراء مصالحات بين الفرقاء، وبذل أقصى ما يستطيع للم الشمل العربي، والأمثلة على ذلك كثيرة، وآخرها ما بذله من جهود لعودة سوريا إلى الحاضنة العربية !
حتى في المحيط الإقليمي نرى ونسمع من التعليقات حول الانتخابات الرئاسية في تركيا ما يبعث على الحيرة حين تشتد الحماسة تجاه أحد المرشحين، وقد يكون انتماؤنا للعالم الإسلامي دافعا قويا لذلك الاهتمام بمستقبل تركيا، ولكن الأتراك هم الذين يختارون رئيسهم
في نهاية المطاف، وهذا من شأنهم وحدهم.
ندرك أن الأردن بما يتمتع به من قيادة حكيمة تتمثل في السياسة التي ينتهجها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين إزاء علاقات الأردن الخارجية ، لديه من الخبرة والحكمة ، وفهم معادلة التوازنات والمصالح المتبادلة ما يكفي لكي يحقق مصالحه العليا من ناحية ، ويثبت دوره ومكانته وتأثيره في الأحداث والتطورات من ناحية ثانية ولكن ذلك لا يعفي الأحزاب والنخب السياسية والفكرية والثقافية والإعلامية من أن تعمل بكثير من الجدية والوعي لتأصيل ونشر مفهوم وطني واسع النطاق حول علاقات بلدهم ومحدداتها في محيطه الخارجي !