النسخة الكاملة

حراك سياسي نشط والبوصلة تتجة نحو إنشاء «حكومات الظل» .. وأحزاب تلتقط

الخميس-2023-05-23 12:12 pm
جفرا نيوز -
جفرا  نيوز  - اهتمام تيارات  وهضم فكرة "حكومات الظل” تحديداً إذا ما تطورت تجربة الأحزاب وتحديث المنظومة، ليس دليلاً أو مؤشراً على ذكاء سياسي في التقاط اللحظة الراهنة أو خطوة تنظيم تكتيكية فقط بقدر ما هو -إن جاز التعبير- تنشيط لميكانيزم البراغماتية السياسية التي تقرأ الوقائع والحالة العامة بحرفية وامتياز.

درس الإسلاميون جيداً الحصة المتعلقة بحكومات الظل مستقبلاً خلف الستارة والكواليس، وفعلوا ذلك على الأرجح لسبب كامن وسياسي، لا بل تحدثوا عنه في ملتقى ومؤتمر لحزب جبهة العمل الإسلامي المعارض في الوقت الذي يصر فيه الأمين العام للحزب الشيخ مراد العضايلة، على أن الحاجة ملحة دوماً وأبداً – كما يؤكد مجدداً لـ”القدس العربي”- لمقاربة إصلاح وطني عميقة وجذرية وحقيقية بدلاً من الاسترسال في العبث الإصلاحي.

في كل حال، لم تسمع عبارة حكومة أو تجربة ظل في أروقة الإسلاميين فقط رغم أنهم سبقوا الجميع في الاستعداد لها وفهمها، لا بل بإعداد دراسة عنها. فقد سمعتها  أيضاً على لسان رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي في وقت مبكر من شرحه لمشروع مأسسة العمل البرلماني على مقدار الأحزاب السياسية، حيث الكتل التشريعية والرقابية ستتشكل على أساس التداول الحزبي البرامجي.

الصفدي مؤمن بالتغيير ومتحمس له، ويرى بأن قواعد المناولة والاشتباك في التشريع والرقابة ومأسسة العمل البرلماني، من المنطقي والطبيعي أن تتغير.

وسمعت  مساحة من الإيجابية مع الترقب أيضاً على لسان رئيس الهيئة المستقلة للإدارة الانتخابات موسى المعايطة، وهو يقدر مجدداً بأن الانتخابات المقبلة لبنة أولى ومرحلة أساسية نحو مستقبل التعددية الحزبية.

ثمة برامج وتدريب وتأهيل وتقاليد مستقرة، في رأي المحلل السياسي والإعلامي عريب الرنتاوي، الذي ناقش "القدس العربي” والصفدي معاً في محاولة للإجابة عن سؤال مبكر يتصور ميكانيزمات العمل البرلماني والرقابي والتشريعي إذا ما تحققت مقتضيات مشروع تحديث المنظومة السياسية، بمعنى التوصل فعلاً إلى خلاصة فكرتها برلمان حزبي بالكامل بعد 3 وجبات مقررة وحظيت بالإرادة السياسية والمرجعية من الانتخابات.

الانتخابات المقبلة سيجلس فيها 40 نائباً على مقاعد مخصصة لقوائم الأحزاب، والانتخابات التي تعقبها ستصبح عدد مقاعد الأحزاب بنسبة 50 % أما التي تليها فيفترض إذا اكتمل المشروع أن يصبح البرلمان برمته حزبياً، الأمر الذي قد يفتح المجال ولأول مرة في تاريخ البلاد أمام اتجاه يسمح بولادة حكومة تمثل أغلبية حزبية برلمانية.

مشروع كبير وطموح يشكك عديدون في مساراته مبكراً ودون مبرر، كما يقترح القيادي في حزب الميثاق والبرلماني السابق محمد الحجوج. لكن الملاحظ هنا أن حزب جبهة العمل الإسلامي وحده وقبل غيره التقط ما هو جوهري، وهو يستعد لتقاليد المستقبل البرلماني، مما يكرس القناعة بعدة رسائل سياسية، أولاها أن التيار الإسلامي أقرب وأميل للمشاركة في الانتخابات المقبلة، وأن برامج المقاطعة أصبحت معزولة نسبياً.

وثاني تلك الرسائل تمثلها تلك الحيوية التي تظهر دوماً عند الإسلاميين قبل غيرهم في تحضير درسهم وأحياناً في حفظها قبل الآخرين. والأكثر أهمية هي الرسالة السياسية الثالثة التي يقول التيار فيها ضمناً إنه قرر آنفاً أين يجلس ويتموقع إذا ما انتقلت البلاد فعلاً إلى برلمان حزبي وحكومة أغلبية.

والمعنى أن الحركة الإسلامية بالإيحاء تشير مجدداً في رسالتها العميقة إلى أنها لا تريد النزاع على تشكيل حكومة أغلبية مستقبلاً، ويمكنها أن تقبل بالصف الاحتياطي تحت إطار حكومة ظل تكمل نصاب المشهد.
وأغلب التقدير هنا حصراً بأن التيار الإسلامي ولو في منطقة اللاوعي، يريد طمأنة الدولة والقيادة بدون المساس بدوره السياسي والرقابي الوطني.

تلك معادلة بكل تأكيد لا ينقصها ذكاء الالتقاط، وهي معادلة تحدد حتى لقواعد الحركة الإسلامية بعض أصول الاشتباك مبكراً مستقبلاً وسط مساحة تبتعد عن مسؤولية الحكم التنفيذي والبقاء في الظل الآمن والفاعل في الوقت نفسه.

تلك هي الرسائل على الأرجح في القراءة التحليلية، خلافاً للرسالة الختامية التي يقول فيها حزب جبهة العمل الإسلامي إنه مشتبك إيجابياً مع تحديث المنظومة ومنسجم مع قراره الذي جازف بالمشاركة في فعاليات اللجنة الملكية العريضة بمسار التحديث السياسي.

التقاط مؤثر وعميق لمشهد محتمل إذا ما اكتمل مسار التحديث ونضج، بمعنى أنه أصبح فعلاً خطة المستقبل كما قرر له. وما يمكن فهمه أن التيار الإسلامي يجد نفسه معنياً بتحضير وحفظ دروس ممارسات حكومات الظل، لإظهار مرونة لاكتساب الخبرة اللازمة عند الحاجة، وإذا ما توصل الجميع لقناعة أكبر بأن ورشة الإصلاح السياسية الحالية في طريقها إلى الثبات والصلابة المطلوبة وبسقف قوامها 10 سنوات إذا لن تكن صلبة بما يكفي الآن.

القدس العربي