جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د. محمد أبو بكر
تبدع حكوماتنا المختلفة حين تقدّم لنا أرقاما ونسبا مختلفة تتناول مختلف مناحي الحياة ، وخاصة حين يتعلق الأمر بالنواحي الاقتصادية ، وعند قراءة الأرقام نشعر وكأننا دولة أوروبية متقدمة في الصناعات ورفاهية المواطن .
وعود تتبعها وعود ، وآخرها توظيف مليون مواطن خلال عشر سنوات ، والمواطن الفقير في بلدنا يراقب هذه التصريحات ، ثمّ يستلقي على ظهره من شدّة الضحك إلى حدّ البكاء المرّ .
المواطن الأردني الفقير يمثّل الشريحة الأكبر في هذا الوطن ، لا يهمّ هذا المواطن أرقام الحكومة ولا تصريحاتها ، لا يهمّه أبدا من هو رئيس الوزراء ، وليس مكترثا بحفظ أسماء الوزراء ، حتى لو صادف بعضهم في الشارع ، فإنّه سيشيح النظر ، لأنه أصلا لا يعرف غير وجوه أطفاله الذين ينتظرون مجيئه مع كلّ مساء ، حاملا معه ما يستطيع شراءه لزوم الوقاية من شرّ الفقر والحاجة .
أرقام حكومية كحلقات مفرغة ، ندور وندور ثمّ نشعر بحالة من الدوخان ، هذا ما تريده الحكومات منّا في واقع الأمر ، بأن نتحوّل لشعب ( دائخ ) لا يدري ما يدور حوله ، وهو يمنّي النفس برؤية إنجازات حقيقية على أرض الواقع بدل هذه الأرقام التي لا نفقه شيئا منها .
لماذا تتعمّد الحكومات إتخامنا بأرقام كخيوط العنكبوت ؟ ولماذا تصرّ الحكومات على استعراض إنجازات هي أصلا غير موجودة ؟ هكذا اعتادت حكوماتنا حين نصاب بتراجع اقتصادي وحياة معيشية غاية في الصعوبة ، وكأنّها بطرحها لتلك الأرقام تثير فينا الإرتياح والسعادة .
ثلاثة أرباع الأردنيين لا يشعرون بالسعادة ، حسب آخر التقارير والإستطلاعات ، وكيف لهؤلاء الشعور بالسعادة في ظلّ حكومات تصرّ على القول بأنها حققت الإنجازات ؟ وحين تسأل مواطنا أردنيا عن إنجاز حكومي واحد تشعر حينها وكأنه يريد الإلقاء بك أرضا ، وربما يخاطبك بالقول .. يارجل بلاش مزح الله يخلّيك !
بعد عامين ونصف العام على حكومة الدكتور بشر الخصاونة ؛ يشعر المواطن المتخم بالأعباء ، بحالة من السخط والغضب ، لا ننتقد هنا شخوصا بعينها ، بل ننتقد تلك السياسات العقيمة المليئة بأرقام وأرقام بعيدة عن الفهم والإستيعاب من الغالبية العظمى من شعبنا ، وحتى من اولئك الذين يعتقدون بأنهم من ذوي الإختصاص في الجانب الاقتصادي .
خطة تحديث اقتصادي لم تأتِ بعد ، ولن تأتِ ، ونحن نعيش هذه الحالة من الأرقام الحكومية التي أرهقتنا ، وكم عايشنا تلك الخطط منذ فترة السبعينيات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا ، لقد أصابتنا هذه الخطط بما يشبه الجلطات التي باتت ملازمة للكثيرين في بلادنا .
لا نريد خططا ولا برامج ولا أي أرقام ، نريد فقط أن نعيش ونحيا بكرامة ، وأعتقد أن ذلك لا يحتاج لأي خطّة ، بل لمخافة الله في هذا الشعب الطيّب الصابر الذي عانى الكثير بسبب خطط الحكومات وبرامجها الإقتصادية غير الموجودة أصلا على أرض الواقع .