جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - الدكتور عادل محمد القطاونة
يعرّف التنويع الاقتصادي (Economic Diversity) على أنه عملية إحداث تغيرات هيكلية في البنية الاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الإنتاجية التي ترافق النمو الكمي بهدف تحقيق الرفاهية أو تنويع مصادر الدخل عن طريق تبني أسلوب متوازن للتنمية الاقتصادية قائم على التكامل المدروس بين القطاعات والنشاطات المختلفة.
يشكل التنويع الاقتصادي أحد أساسيات التنمية المستدامة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وذلك من خلال تنويع القاعدة الإنتاجية سواء في تعدد أنواع السلع والخدمات وكذلك الأسواق بما فيها الدولية.
محلياً، وعلى الرغم من الإنجازات الحكومية التي تحققت خلال الأعوام السابقة في إدارة الملف الاقتصادي الأردني، إلا أنه لم يعد مقبولاً الاستمرار في سياسة الفزعة الاقتصادية في كثير من الحالات، وإنما آن الأوان لترسيخ مفهوم الدولة الإنتاجية القائمة على التعددية الصناعية والاستثمارية بطريقة حضارية تقدمية، لدولة يعرف كيف يُدار اقتصادها ومالها، موجوداتها ومطلوباتها، موازناتها وإلتزاماتها لضمان استمرارها في خدمة أبنائها وتطور اقتصادها.
عالمياً، حافظت الولايات المتحدة والصين وألمانيا على المراتب الثلاث الأولى في مؤشر التنويع الاقتصادي لعام ٢٠٢٣، بينما سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحسناً في أواخر العقد الماضي (مدعوماً بتسريع خطط التنويع لدى العديد من الدول المنتجة النفط)؛ وبقيت منطقة إفريقيا جنوب الصحراء في أسفل الترتيب. وعلى رغم من نجاح بعض الدول المعتمدة على السلع الأساسية في تحقيق مكاسب على مؤشر تنويع الإنتاج ومؤشر تنويع التجارة على مرّ السنين، إلا أن تنويع الإيرادات ظل عائقاً أمام التقدم العام في كثير من الدول. على سبيل المثال في النرويج، التي تحتل مرتبة عالية على المؤشر الفرعي لتنويع الإيرادات، نجد أن الإيرادات الضريبية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بلغت معدلاً عالياً يزيد على 30% مقارنة بمعدلات دول أخرى لم تتعد 9%، مثل البحرين أو إيران أو الكويت على سبيل المثال لا الحصر.
عربياً، حققت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تقدماً كبيراً في التنويع الاقتصادي، بفضل الإجراءات السياسية الرامية إلى دخول هذه الدول إلى قطاعات اقتصادية جديدة لا تعتمد على النفط. وبعد انتشار جائحة كوفيد-19، التي أثّرت بشدة على القطاعات غير النفطية (مثل السياحة والبنية التحتية والخدمات اللوجستية)، كان هناك تحول متسارع في السياسات المطروحة لتمكين التحول الاقتصادي، وتضمنت هذه التحولات الرئيسية (الموجهة بشكل خاص إلى سوق العمل وتعزيز التنقل) اعتماد الاقتصاد الرقمي، والجهود المبذولة لتوسيع القاعدة الضريبية، والحملة المنسقة لتخصيص بعض الأصول والشركات المملوكة للدولة بهدف التخلص من مخاطر أصول الوقود الأحفوري، إضافة إلى العديد من الجهود الأخرى، بما يدعم المرحلة التالية من التنويع الاقتصادي في المنطقة.
إن توجه الأردن لتنويع اقتصادها أصبح ضرورة وطنية قصوى، لزيادة المؤشر الإيجابي لتحسين مركز الأردن في الاقتصاد العالمي، ولإطلاق المزيد من الإصلاحات بما يمكنها من الاكتفاء ذاتيا في مختلف الاحتياجات سواء أكانت زراعية أم صناعية أم تجارية، وإيجاد المزيد من فرص العمل عبر إعادة النظر في إدارة الملف الاستثماري والضريبي، وتعزيز المنتج المحلي والتوسع في الاستثمار الرقمي، وأن يكون الدفع بقوة لأن يكون الأردن مركزًا موثوقًا لحركة البيانات والمعلومات، ومناخاً جاذباً لتكنولوجيا المعلومات إقليميًا ودولياً.