النسخة الكاملة

المواطن أبو السعيد يتذكّر رمضان أيّام زمان

الخميس-2023-03-26 10:23 am
جفرا نيوز -
المواطن أبو السعيد يتذكّر رمضان أيّام زمان .. صحون الطعام من بيت إلى بيت .. صحّ النوم وغوار الطوشة

جفرا نيوز - ولا أجمل من شهر رمضان أيّام زمان ؛ أتذكّر قبل ما يقارب الأربعين عاما أو يزيد ، كنّا نقطن في حيّ شعبي من أحياء عمّان ، لم تكن عمّان الغربية قد ولدت تماما ، فالشميساني هو الحيّ الأرقى ثمّ توالت الأحياء الأخرى .

عشنا سنوات زاهية من العلاقات الجميلة بين السكّان ، وعندما يأتي رمضان يجلب معه الخير للجميع ، لا فقراء ولا محتاجين ، فصحون الطعام وقبل الإفطار ، تنتقل من بيت إلى بيت ، أتذكّر جارنا أبو العبد وجارتنا الحاجة فاطمة ، وتلك الختيارة التي تعيش بمفردها ، وأولاد الحي وبناته ، يساهمون في إضفاء جمالية أخرى على الشهر الفضيل .

قبل بداية الإفطار ، وعلى مائدة بيتنا ، العديد من صحون الطعام ، هذا من بيت أبو محمد ، وذاك من منزل أبو عبد الرحمن ، والثالث من الحاجة حليمة ، وهكذا ، ونحن أيضا نوزّع الصحون على الجيران الأحبّاء ، يالها من أيّام جميلة بات من الصعب عودتها .

كل سكّان الحيّ يعرفون بعضهم البعض ، نتشارك جميعا في كل المناسبات ، الفرح والترح ، العلاقات نظيفة وطاهرة ، لا نفاق ولا تزييف ولا كذب ، البساطة سيّدة الموقف .

في رمضان كانت مسلسلات غوار الطوشة وحسني البورظان وأبو عنتر وفطّوم حيص بيص سيدة الموقف ، ولا تكتمل أيام رمضان إلّا حين مشاهدة مسلسل صح النوم ، أو مقالب غوّار ، أو ملح وسكّر على التلفزيون بلونيه الأبيض والأسود ، وخاصة إذا كان من الحجم الكبير 24 بوصة !

اليوم ؛ أنا أعيش في عمّان الغربية ، الغريبة في كل شيء ، أقطن في بناية مكوّنة من 12 شقة ، من حوالي عشرين عاما ، لا أعرف سوى إثنين من الجيران ، والعلاقة بيننا رسمية إلى حدّ ما ، أمّا الآخرين ، فبالكاد اعرف وجوههم ، ورمضان يأتي ويذهب دون أن نشعر به ، بات كغيره من الشهور ، باستثناء تلك الحبال المضيئة من شبابيك الشقق ، غير أنّ تلك الحبال سرعان ما تنطفئ بعد نهاية الشهر ، حينها تنطفيء معها كل علاقات بين السكّان إذا ما وجدت أصلا .

أخوكم أبو السعيد يشعر بغربة غريبة في عمّان الغربية ، صحيح أنها جميلة بمبانيها وشوارعها ، غير أنها كانت ستكون أجمل لو أن العلاقات التي تربط القاطنين بها كتلك التي عشناها في حيّنا الشعبي ، يا ألله كم نحنّ ونشتاق لتلك اللحظات الجميلة والممتعة والبسيطة .

أفكّر بالعودة للحيّ الشعبي ، غير أنني أتساءل .. هل بقي كما كان في السابق أم أنّه سار على منوال عمّان الغربية ؟ أعتقد بأن التغيير طال كل شيء ، حتى علاقاتنا وعاداتنا وتقاليدنا التي زلزلها الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة في عالم الإتصالات والهواتف الذكيّة .