المواطن أبو السعيد يتذكّر رمضان أيّام زمان

المواطن أبو السعيد يتذكّر رمضان أيّام زمان
المواطن أبو السعيد يتذكّر رمضان أيّام زمان .. صحون الطعام من بيت إلى بيت .. صحّ النوم وغوار الطوشة
جفرا نيوز - ولا أجمل من شهر رمضان أيّام زمان ؛ أتذكّر قبل ما يقارب الأربعين عاما أو يزيد ، كنّا نقطن في حيّ شعبي من أحياء عمّان ، لم تكن عمّان الغربية قد ولدت تماما ، فالشميساني هو الحيّ الأرقى ثمّ توالت الأحياء الأخرى .
عشنا سنوات زاهية من العلاقات الجميلة بين السكّان ، وعندما يأتي رمضان يجلب معه الخير للجميع ، لا فقراء ولا محتاجين ، فصحون الطعام وقبل الإفطار ، تنتقل من بيت إلى بيت ، أتذكّر جارنا أبو العبد وجارتنا الحاجة فاطمة ، وتلك الختيارة التي تعيش بمفردها ، وأولاد الحي وبناته ، يساهمون في إضفاء جمالية أخرى على الشهر الفضيل .
قبل بداية الإفطار ، وعلى مائدة بيتنا ، العديد من صحون الطعام ، هذا من بيت أبو محمد ، وذاك من منزل أبو عبد الرحمن ، والثالث من الحاجة حليمة ، وهكذا ، ونحن أيضا نوزّع الصحون على الجيران الأحبّاء ، يالها من أيّام جميلة بات من الصعب عودتها .
كل سكّان الحيّ يعرفون بعضهم البعض ، نتشارك جميعا في كل المناسبات ، الفرح والترح ، العلاقات نظيفة وطاهرة ، لا نفاق ولا تزييف ولا كذب ، البساطة سيّدة الموقف .
في رمضان كانت مسلسلات غوار الطوشة وحسني البورظان وأبو عنتر وفطّوم حيص بيص سيدة الموقف ، ولا تكتمل أيام رمضان إلّا حين مشاهدة مسلسل صح النوم ، أو مقالب غوّار ، أو ملح وسكّر على التلفزيون بلونيه الأبيض والأسود ، وخاصة إذا كان من الحجم الكبير 24 بوصة !
اليوم ؛ أنا أعيش في عمّان الغربية ، الغريبة في كل شيء ، أقطن في بناية مكوّنة من 12 شقة ، من حوالي عشرين عاما ، لا أعرف سوى إثنين من الجيران ، والعلاقة بيننا رسمية إلى حدّ ما ، أمّا الآخرين ، فبالكاد اعرف وجوههم ، ورمضان يأتي ويذهب دون أن نشعر به ، بات كغيره من الشهور ، باستثناء تلك الحبال المضيئة من شبابيك الشقق ، غير أنّ تلك الحبال سرعان ما تنطفئ بعد نهاية الشهر ، حينها تنطفيء معها كل علاقات بين السكّان إذا ما وجدت أصلا .
أخوكم أبو السعيد يشعر بغربة غريبة في عمّان الغربية ، صحيح أنها جميلة بمبانيها وشوارعها ، غير أنها كانت ستكون أجمل لو أن العلاقات التي تربط القاطنين بها كتلك التي عشناها في حيّنا الشعبي ، يا ألله كم نحنّ ونشتاق لتلك اللحظات الجميلة والممتعة والبسيطة .
أفكّر بالعودة للحيّ الشعبي ، غير أنني أتساءل .. هل بقي كما كان في السابق أم أنّه سار على منوال عمّان الغربية ؟ أعتقد بأن التغيير طال كل شيء ، حتى علاقاتنا وعاداتنا وتقاليدنا التي زلزلها الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة في عالم الإتصالات والهواتف الذكيّة .