النسخة الكاملة

ما الذي يجري يا بلد؟

الخميس-2023-03-09 11:42 am
جفرا نيوز -
*إرتفاع حجم الجريمة والدماء وتفشي سلوكيات وحشية.. ملف خطير أبطاله زعران في مقتبل العمر..!

*يجب إستحداث عقوبة الإعدام للجرائم الأكثر خطورة كالذبح وبتر الأعضاء وإفقاد الحواس وإلغاء العُذر المُخفف

*أين مراكز الأبحاث الإجتماعية والدينية والإعلامية للقيام بدورها ومسؤوليتها أمام هذه القضايا الخطرة 

*هذا البلد جنة الله في أرضه ويجب أن يبقى دوحة الحب وواحة الأمن والسلام والتسامح والإستقرار

جفرا نيوز/ كتب: محمود كريشان
أبدا.. لا نرضى أن تتسلل إلى مجتمعنا ظواهر غريبة علينا، ولم نرها من قبل، مثل ما يحدث منذ فترة، في الشارع المحلي، الذي يشهد إرتفاعا لافتا في حجم الجرائم والدماء وحالات الإنتحار، وغيرها من ظواهر مؤرقة، تؤكد أننا أمام مجتمع، تخلى عن بعض أخلاقياته وثوابته، وبدأ مرحلة غريبة ودخيلة، من السلوك المتوتر تتسم بالفوضى وأمراض إجتماعية، إنتشرت بقوة بين الأجيال الناشئة الجديدة، وإتسمت بالعنف والقسوة، التى تتعارض تاريخيا مع مكونات الشخصية الأردنية، التي هي بالأساس الطيب والأعراف الخلاقة، تميل إلى الرحمة والمحبة والبر والإحسان ومكارم الأخلاق.
          
******
ونعلم انه وخلال الأيام القليلة الماضية، شهد الأردن إرتفاعاً في نسبة الجرائم، وقد خلق بعضها تفاعلاً كبيراً على وسائل التواصل، بعدما شغلت الرأي العام، وهذه الجرائم تمثلت، الخميس: شخص يطعن زوجته وأنسبائه بمنطقة صويلح، الجمعة: مقتل عشريني طعنا بمشاجرة في حي نزال، السبت: شخص يطعن زوجته في طبربور، ووفاة ستيني إعتدى عليه جاره بالضرب في إربد، الأحد: شخص ينحر رقبة آخر في صالون حلاقة بجبل الأخضر، وعروس تنهي حياتها شنقا في الاغوار، الإثنين: العثور على جثة شاب عشريني في عبدون.. واربعيني ينتحر في ضاحية الرشيد، وعشريني بعيار ناري في إربد.. هذا كله خلال أيام ماضية متتالية وقليلة جدا..!
  ******          
وهنا.. قد تكون الدوافع السياسية والإجتماعية، والدوافع الاقتصادية التي لها حصة الأسد من حيث دوافع الجريمة، حيث يتصدر الوضع الإقتصادي، المتمثل بالبطالة والفقر وإرتفاع مستوى المعيشة، وإهتمامات وقلق المواطن على مستقبله ومستقبل أسرته، كذلك ما يتم بثه في مواقع التواصل الإجتماعى والقنوات الفضائية الهابطة، من قصص الذبح والقتل والتحرش والإغتصاب، تكون هى المادة الأسهل، وربما كان ذلك من أسباب إنتشار الجرائم فى البيوت والشوارع والحارات، ولا نتجاهل هنا ما يشاهده الأطفال من مسلسلات العنف والقتل والرعب والشذوذ والنماذج الرديئة من مقاطع مصورة ومسلسلات هابطة، تحث بصورة وأخرى على الفجور والنصب والعنف والتحايل، ونماذج غريبة علينا، تدعو للإنحراف والفسق والفهلوة..
لكن لا يستطيع أي كان أن يتجاهل "كارثة المخدرات" التى إنتشرت بين بعض الشباب، وكانت وراء جرائم ذبح وبلطجة كثيرة، حيث إن آفة المخدرات، التي تدمر عقول أجيال كاملة، وقد تنوعت أشكالها وتعددت مصادرها، تقف وراء أبشع الجرائم وسفك الدماء، وغيرها من سلوكيات وحشية نشاهدها فى وسائل الإعلام ومواقع التواصل، ولا نغفل عن سبب مهم لإنتشار الجريمة، وهو غياب دور الأسرة تجاه الأبناء من أهم أسباب غياب الرقابة بحيث أصبح سهلا على الأبناء الحصول على المخدرات بأكثر من وسيلة متاحة، والخطورة الأكبر هنا، تكمن في أن فئة العاطلين عن العمل ومن الفئة العمرية الشبابية ممن لم تتجاوز أعمارهم الـ(30) سنة هم الأكثر إرتكابا للجرائم المتنوعة، مما يؤشر بوضوح، إلى أننا أمام أجيال، تتعمق فيها الجريمة، في مرحلة عمرية مبكرة..!

*****
إننا نحذر من إستباحة المجتمع، من قبل بعض "الزعران" وأرباب السوابق وفارضي الأتاوات، الذين يعرفون طرق الإلتفاف على القوانين، وإستثمار الثغرات، ما يفرض ضرورة مراجعة بعض القوانين، التي توفر الحماية للمجرمين، والعارفين بطرقها الإلتفافية، وعلى المُشرع تغليظ العقوبات، إنطلاقا من إعتبارات إستفحال "الظاهرة الجرمية"، خاصة وأن "البلطجة" و"الإستقواء" أخذت مناحي متشعبة وعديدة.. مكانيا وزمنيا، فأصبحت بحكم الظاهرة الجرمية.. 
  ******          
ومن هنا.. لا بد التصدي لها بحزم، وتشديد العقوبة بما يحقق الردع العام والخاص، كإستحداث عقوبة الإعدام في جرائم البلطجة، للحالات الأكثر خطورة، والجرائم الأكثر بشاعة، كالقتل وبتر الأعضاء وإفقاد الحواس، تزامنا مع إلغاء العذر المُخفف، والأسباب المخففة التقديرية، وتغليظ معاقبة هذه الفئة، للحفاظ على سيادة القانون، وتحقيق الردع الحاسم.
عموما.. وأمام هذه الظواهر الجرمية الغريبة التي ظهرت فى حياتنا مؤخرا، لابد أن نطرح السؤال الصعب: ماذا جرى لنا؟.. وهذا السؤال الذي يجب أن يكون موضوعا للبحث والدراسة، فى مراكز الأبحاث الإجتماعية والأمنية والدينية والإعلامية، ولا نريد من أي جهة أن تتخلى عن دورها ومسؤوليتها لإن القضية خطيرة ويجب أن تكون لنا وقفة شعبا ومؤسسات وحكومة ودولة، ولا نغفل أبدا عن دور المؤسسات الدينية، فى ترشيد الشباب وتقديم النماذج الإنسانية الرفيعة، خاصة وأن الجرائم لا تنتشر إلا إذا إنسحبت الأخلاق وفسدت الضمائر.. وعندها يصبح القتل والعنف والتطرف، أسلوب حياة.. لنرى الدماء تسيل وتبدو الحياة غابة من الكراهية والوحشية..
*******            
هذا دون أن ننكر أبدا، جهود الأمن العام الجبارة، وتكلفه الكثير من الأرواح من منتسبيه من الشهداء، بالإضافة الى التكاليف المادية واللوجستية الضخمة، لتنفيذ الجهود الكبيرة في مواجهة الجريمة بكل أشكالها، ولهم يُدين كل أبناء الوطن بالتقدير والعرفان.
 ********             
ما نريد أن نقوله: الأردن لا يستحق أبدا، أن تنتشر فيه خفافيش العنف وأشباح الموت.. الأردن جنة الله في أرضه، ويجب أن يبقى دوحة الحب وواحة الأمن والسلام.. فهذه "المملكة الأردنية الهاشمية" الجميلة، النقية، الأبية، المؤمنة، الصابرة.. ورغم كل شيء.. تظل دائما النموذج الراقي، فى السلوك المترفع، عن كل ما يُسيء للبشر والإنسانية..
Kreshan35@yahoo.com