النسخة الكاملة

29 عاما على مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل

الخميس-2023-02-25 10:27 pm
جفرا نيوز -

جفرا نيوز  - نفذ المستوطن باروخ غولدشتاين منذ 29 عاما، مجزرة الحرم الإبراهيمي عندما دخل إلى المسجد في مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، وأطلق النار على المصلين، مما أدى لاستشهاد 29 مصليا، وإصابة 150 آخرين.

ففي يوم الجمعة 25 شباط/فبراير 1994، المصادف لـ15 رمضان، أغلق جنود الاحتلال الإسرائيلي الموجودون في الحرم أبواب المسجد لمنع المصلين من الخروج، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى، وفي وقت لاحق استشهد آخرون برصاص جنود الاحتلال خارج المسجد وفي أثناء تشييع جنازات الشهداء، ما رفع مجموعهم إلى 50 شهيدا، 29 منهم استشهدوا داخل المسجد.

وفي اليوم ذاته، تصاعد التوتر في مدينة الخليل وقراها وجميع المدن الفلسطينية، وبلغ عدد الشهداء الذين سقطوا نتيجة المواجهات مع جنود الاحتلال 60 شهيدا ومئات الجرحى.

وإثر المجزرة، أغلقت قوات الاحتلال الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة في الخليل لمدة ستة أشهر كاملة، بدعوى التحقيق في الجريمة، وشكلت ومن طرف واحد لجنة "شمغار"، للتحقيق في المجزرة وأسبابها، وخرجت في حينه بعدة توصيات، منها: تقسيم الحرم الإبراهيمي إلى قسمين، وفرضت واقعا احتلاليا صعبا على حياة المواطنين في البلدة القديمة، ووضعت الحراسات المشددة على الحرم، وأعطت للاحتلال الحق في السيادة على الجزء الأكبر منه، حوالي 60% بهدف تهويده والاستيلاء عليه، وتكرر منع الاحتلال رفع الأذان في الحرم الإبراهيمي مرات عديدة.

ويضم القسم المستولى عليه من الحرم: مقامات وقبور أنبياء، وشخصيات تاريخية، إضافة إلى صحن الحرم، وهي المنطقة المكشوفة فيه.

كما وضعت سلطات الاحتلال بعدها كاميرات وبوابات إلكترونية على جميع المداخل، وأغلقت معظم الطرق المؤدية إليه في وجه المسلمين، باستثناء بوابة واحدة عليها إجراءات عسكرية مشددة، إضافة إلى إغلاق سوق الحسبة، وخاني الخليل وشاهين، وشارعي الشهداء والسهلة، وبهذه الإجراءات فصلت المدينة والبلدة القديمة عن محيطها.

يذكر أن الإرهابي باروخ غولدشتاين الذي كان يبلغ من العمر (42 عاما) عند ارتكابه المجزرة يعد من مؤسسي حركة "كاخ" الدينية، وقدِم من الولايات المتحدة عام 1980، وسكن في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي مدينة الخليل.

"ولد بنيامين غولدشتاين في نيويورك، لعائلة يهودية متشددة، تلقى تعليمه في مدارس "يشيفا" اليهودية في بروكلين، ونال درجة الشرف من كلية ألبرت اينشتاين للطب في جامعة يشيفا، وحقق نجاحات في مجال الطب، ثم غير اسمه إلى "باروخ" في خطواته الأولى للعنصرية والإرهاب".

ترك جيش الاحتلال غولدشتاين ينفذ مجزرته كاملة، رغم نقاط المراقبة المكثفة في محيط المكان، واستعدادهم الدائم للتحرك تجاه أي حركة أو نشاط مشبوه، وفوق ذلك كله شاركوا في إطلاق الرصاص على المصلين والمئات الذين هرعوا لنقل الإصابات وإنقاذ المتبقين، ما أدى إلى ارتقاء شهداء آخرين وصل عددهم إلى أكثر من سبعة شهداء في باحات الحرم ومحيطه، وهم ينقلون الشهداء والجرحى.

وسبق للإرهابي غولدشتاين، الاعتداء على الحرم الإبراهيمي، وتم تبليغ رئيس وزراء الاحتلال آنذاك "رابين"، بإجرامه وحقده العلني والواضح، وخطورة تصرفات غولدشتاين ومستوطنين آخرين متطرفين.

وجاء في رسالة بعثتها "الهيئة الاسلامية العليا"، أن عددا من المستوطنين اعتدوا على ستة من حراس المسجد الإبراهيمي وأحد المصلين، مساء الجمعة 8 تشرين الأول/أكتوبر 1993، وقام المتطرف غولدشتاين بقطع أذان العشاء بعد اعتدائه على المؤذن.

قبلها بعام، في مساء الخميس 14 تشرين الأول 1992، ألقى غولدشتاين مواد كيميائية حارقة على سجاد المسجد.

وما زال الاحتلال الإسرائيلي يحاول، ضمن سياسة ممنهجة، السيطرة على المسجد الإبراهيمي وإلغاء السيادة الفلسطينية، وإلغاء اعتباره وقفا إسلاميا خالصا، ففي عام 2020، أغلق الاحتلال المسجد الإبراهيمي 77 يوما ومنع رفع الأذان فيه 599 وقتا.

وشهد المسجد، طيلة العام المذكور، اقتحام العشرات من جنود جيش الاحتلال، إضافة إلى قيام رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، يرافقه عدد من وزرائه، باقتحامه، وهو أمر أدى إلى زيادة الاقتحامات والانتهاكات للمسجد، وأدى إلى تجرؤ المستوطنين على نصب "شمعدان" كبير على سطح الحرم الإبراهيمي.

انتهاكات الحرم الإبراهيمي

ولم تتوقف سلطات الاحتلال عن تنفيذ مخططاتها الخبيثة فيه منذ احتلال الخليل عام 67، فعلى سبيل المثال لا الحصر منعت دائرة الأوقاف الإسلامية من فرشه بالسجاد في تشرين الثاني/نوفمبر 1967، وبعد أقل من شهر أدخلت إليه خزانة حديدية فيها أدوات عبادة يهودية، ثم أدخلت كراسي خاصة بهم إلى القاعة الإبراهيمية في حزيران 1968، وبتاريخ 25 أيلول/سبتمبر 1968 سمحت سلطات الاحتلال لفئة يهودية بالصلاة فيه، في تحدٍّ سافر لمشاعر المسلمين، وبعد أقل من شهر نسفت سلطات الاحتلال درع الحرم الإبراهيمي والبوابة الرئيسة المؤدية إليه وهما أثران تاريخيان.

وفي 11 تشرين الأول/أكتوبر 1971 أدخل المستوطنون طاولة خشبية إلى القاعة الإبراهيمية، وفي 9 أيلول/سبتمبر 1972 مُنع المصلون المسلمون من أداء صلاة العصر في الحرم لأن المستوطنين كانوا ينشدون الأناشيد الدينية بأصوات مرتفعة وينفخون في البوق، وفي 17 كانون الأول/ديسمبر 1972 أصدر الحاكم العسكري الإسرائيلي أوامره بإغلاق الباب الشرقي للحرم الشريف.

وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر 1973 سمح الحاكم العسكري في الخليل بإدخال 50 كرسيّا خشبيّا إلى القاعة اليعقوبية من الحرم الشريف، وغطت سلطات الاحتلال صحن الحرم في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1973 في محاولة لتغيير معالمه الإسلامية.

وفي حزيران/يونيو 1974 قامت سلطات الاحتلال بسلسلة من الحفريات في محيط الحرم الإبراهيمي، وأسفل الباب الثلاثي إلى الداخل، وإلى الغرب منه، وأسفل المدرسة الحنفية.

وفي مطلع عام 1976 اقتحم ثلاثة مسلحين يهود الحرم برفقة سبعة مستوطنين وعبثوا بمحتوياته، وبتاريخ 16 آذار/مارس 1976 منع المستوطنون المسلمين من أداء الصلاة في القاعتين اليعقوبية والإبراهيمية.

وفي 21 تشرين الأول/أكتوبر 1976، حول جنود الاحتلال قسما من الحرم إلى ثكنة عسكرية ووضعوا فيه أسرَّة وأمتعة للنوم، وفي 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1976 اعتدى مستوطنون على الحرم وداسوا نسخا من القرآن بأقدامهم، واعتدوا على المصلين بالضرب، وفي 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1976 أعلن الحاخام المتطرف مائير كهانا أنه سيحوِّل الحرم الإبراهيمي إلى قلعة للمتطرفين اليهود بهدف ترحيل المواطنين الفلسطينيين من مدينة الخليل.

وفي 8 آذار/مارس 1977 أعلنت الهيئة الإسلامية عن اختفاء مفقودات ذات قيمة بعد فترة من منع المسلمين دخول الحرم الشريف، وبتاريخ 16 أيار/مايو 1977 اقتحم عدد من المستوطنين الحرم برفقة الحاخام ليفنجر وقاموا بالرقص داخل القاعة الإبراهيمية، وأشهر أحد المستوطنين مسدسه تجاه عدد من المصلين في أثناء صلاة الظهر بتاريخ 4 تموز/يوليو 1977.

وفي 27 شباط/فبراير 1978 اقتحم أحد المستوطنين الحرم وعبث بمحتوياته، وفي 24 نيسان/أبريل 1978 أدخل مستوطنان إليه نسخة جديدة من التوراة وأقاما احتفالا كبيرا بحماية جنود الاحتلال.

وفي 31 أيار/مايو 1979 اقتحم جنود الاحتلال القاعة الإبراهيمية، ووضعوا فيها الكراسي، ومنعوا المسلمين من الوصول إلى الحرم، وفي 27 شباط/فبراير 1979 اقتحم 20 مستوطنا الحرم وهم يرفعون الأعلام الإسرائيلية.

في 24 حزيران/يونيو 1984 أجرى المستوطنون ختان طفل في القاعة الإبراهيمية، وفي 11 أيلول/سبتمبر 1984 قام الجنود بتركيب عدسات تلفزيونية داخل الحرم لمراقبة المصلين.

ولم تتوقف انتهاكات وممارسات سلطات الاحتلال وأذرعها المختلفة في مدينة الخليل، وزرعت فيها عددا من البؤر الاستيطانية وأغلقت شوارعها، وارتكبت فيها انتهاكات لحقوق الإنسان، من قتل وتدمير، وحظر للتجول، وحصار اقتصادي متواصل أدى إلى شلّ الحركة التجارية في أسواقها القديمة، كما تستمر الاعتداءات على ممتلكات أهلها بهدم المباني الأثرية والتاريخية في أبشع مذبحة تستهدف طمس معالمها الحضارية وتغيير هويتها العربية الإسلامية، وبشق طريق استيطاني يربط بين مستوطنة "كريات أربع" والحرم الإبراهيمي الشريف وجميع البؤر الاستيطانية، بهدف تهويد المدينة.

وفا
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير