جفرا نيوز كتب / د. محمد أبو بكر
كشعب واحد عبر ضفّتي النهر ، لا ينقصنا الوعي السياسي ، ونحن من أكثر الشعوب العربية ثقافة وعلما ، لا بل وقدّمنا الكثير لغالبية الشعوب العربية ، التي تربطنا بها علاقات هي أقرب للأخوّة الصادقة ، لأننا كنّا دائما وأبدا صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين .. هذا كان في السابق .
دعونا نتحدث بصراحة وبعيدا عن المجاملات التي لا تؤدي إلّا لمزيد من تراكم المشاكل والمعضلات دون إيجاد الحلول ، نحن مبدعون في ترحيل مشاكلنا ، لا نحاول حتى البحث أو إجهاد النفس ولو قليلا في العمل على الحلّ أو حتى أجزاء من الحل ، ولذلك نستمر في التسويف ، وربما أبدعنا في أحيان كثيرة في دفن رؤوسنا في الرمال .
اليمين الصهيوني وصل إلى الحكم في إسرائيل ، والفكر الصهيوني واضح لا لبس فيه ، حيث يقول بالنصّ .. للنهر ضفتان ؛ هذه لنا ، والأخرى هي لنا أيضا ، والمقصود شرقي الأردن ، ويرى قادة يمينيون في كيان الإحتلال بأن الفرصة باتت مواتية لتنفيذ ما جاء في هذا الفكر ، أي أننا اليوم ؛ أردنيون وفلسطينيون في مواجهة حتمية مع هذا اليمين الفاشي الذي ضرب بعرض الحائط منذ سنوات المعاهدة التي جرى توقيعها بين الأردن وإسرائيل .
لم تنفّذ الحكومات هناك أي بند من بنود الإتفاقية ، في حين التزمنا نحن بكافة ما ورد فيها ، لقد انقلب قادة الكيان على الإتفاقية ، بل وأيضا انقلبت إسرائيل على نفسها مع مجيء اليمين العنصري لسدّة الحكم .
الأردنيون والفلسطينيون اليوم في الواجهة والمواجهة معا ، وفي خندق واحد وليس خندقين ، فالأخطار الصهيونية تستهدف الطرفين معا ، فهذا اليمين سيبدأ قريبا خطّة ضمّ مناطق شاسعة من الضفة الغربية ومناطق الأغوار ، ومن ثمّ ستتجّه الأنظار نحو الأردن من خلال محاولة القيام بعمليات التهجير لأعداد كبيرة من الفلسطينيين .
اليمين الصهيوني يقول لفلسطينيي الضفة .. إذهبوا إلى هناك ( شرقي النهر ) حيث دولتكم المستقبلية ، والفلسطيني لا يمكن له القبول بغير وطنه ، وهو حريص في الدفاع عن الأردن كحرصه في الدفاع عن فلسطين وقضيته ومقدساته في القدس وغيرها .
نحن هنا نصاب بالخجل الشديد وربما الحرج أحيانا إن تحدّثنا في الشأن الأردني والفلسطيني ، والعلاقة بين المكونين الرئيسيين في الأردن ، غير أن هذا هو وقت الحديث والحوار بصراحة وشجاعة ، لأنّ الخطر يداهمنا جميعا ، وعلينا عدم إنكار هذه المخاطر التي ربما نجد أنفسنا في لحظة ما عاجزين عن مواجهتها .
الحوار الصريح بات مطلبا مهما ، وليس تلك الحوارات التي تجري بعيدا عن الأعين في فنادق الخمس نجوم ، حيث التنظير وتناول ما لذّ وطاب من المأكولات ، وكأنّ تلك اللقاءات (السريّة ) ممنوع الإطّلاع عليها من قبل الجمهور الأردني والفلسطيني ، الذي لم يعد يثق أبدا بكل الخزعبلات السياسية هنا أو هناك .
مواجهة اليمين المتطرّف في كيان الإحتلال تحتاج لوقفة جادّة من قبل كافة الفعاليات ؛ السياسية والإجتماعية والثقافية والإعلامية ، ومن مختلف ممثلي قطاعات المواطنين ؛ من المدن والبوادي والمخيمات ، فالأردن اليوم في مواجهة مع فوّهة مدافع تلك النخبة الفاشية الحاكمة ، والأردنيون والفلسطينيون باتوا على قناعة بأنّ الخطر القادم يجب مواجهته بتكاتف وتلاحم الشعبين ، والإبتعاد عن صغائر الأمور ، وعلى تلك النخبة التي تدير الشأن السياسي في بلادنا قراءة المشهد جيدا بعيدا عن الدبلوماسية الزائدة عن الحدّ ، تلك الدبلوماسية التي تجامل على حساب مصالحنا ، وهذا يستدعي تغييرا جذريا في السياسة الخارجية ، وخاصة ما يتعلق في التعامل مع ذلك اليمين الذي يتربّص بنا .
أطماع صهيونية قادمة باتجاهنا ، وجبهتنا الداخلية تحتاج لصلابة أقوى ، فلننزع قناع الخجل عن وجوهنا ، ونبدأ المواجهة الحقيقية ، لا توجد أيّ خطوط حمراء حين يكون المواجه لك هو ذلك اليمين العنصري ، الذي قد يقود المنطقة برمّتها إلى حرب دينية لا تبقي ولا تذر !