النسخة الكاملة

قصّة رئيس الوزراء الأسبق أبو الهدى مع الـ 5 دنانير !

الخميس-2023-02-13 11:04 am
جفرا نيوز -



جفرا نيوز- محرر الشؤون المحلية

كان رئيس الوزراء المرحوم توفيق أبو الهدى من أشدّ الناس حرصا على المال العام ، وكان يعتبر من نفسه مسؤولا أمام الله والمواطنين ، ويرى بأنّ المال العام هو أمانة بين يديه وأيدي المسؤولين ، ويقال أنه كان يحاسب على كل دينار وكيفية إنفاقه .
يقوم أبو الهدى بزيارة رسمية إلى لبنان لمدة ثلاثة أيام ، وقبل المغادرة يأتي وزير المالية ويسلّمه خمسين دينارا عبارة عن مياومات ، وبعد عودته من بيروت ، يستدعي أبو الهدى وزير المالية ويقوم بإرجاع مبلغ 45 دينارا له ، فاستغرب الوزير ذلك ، على اعتبار أنّ الخمسين دينارا هي حقّ للرئيس .

فما كان من رئيس الوزراء إلّا أن خاطب الوزير قائلا .. أنا أنفقت خمسة دنانير فقط في رحلتي ، والمبلغ المتبقي أرجو إعادته إلى الخزينة .

لقد شكّل أبو الهدى الحكومة إثني عشرة مرّة في عهد الملوك الثلاثة رحمهم الله ، عبد الله الأول وطلال والملك حسين ، ولم يعرف عنه غير النزاهة وحسن التصرّف والحفاظ على مال الدولة ومقدّرات الوطن ، واختيار الكفاءات من الموظفين دون أي حسابات أخرى .

في عهده ؛ تم الكشف عن حادثة فساد واحدة ، وهي بمقياس هذه الايام تعتبر نكتة وليس لها أي قيمة أو إعتبار ، حيث قام أحد الموظفين بسرقة مبلغ عشرين دينارا ، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت من أجل القيام برحلة ترفيهية مع زوجته وأبنائه ، وتمّ كشف القضية ومحاسبة الموظف وطرده من الوظيفة بصورة نهائية .

منذ أكثر من عشرين عاما ونحن نتحدث عن الفساد والفاسدين وضرورة تجفيف منابع الفساد ، وهو مصطلح درج عليه مختلف رؤساء الحكومات ، ورغم ذلك لم نشهد أي تقدّم في هذا الإتجاه ، حيث يشير البعض إلى أنّ الفساد بات ما يشبه المؤسسة الضخمة والتي لا يمكن الصمود في وجهها أو محاولة إجهاضها والقضاء عليها .

المنابع لم تجفّ حتى هذه اللحظة ، ومن الواضح أن هذه المنابع تمتدّ لمسافات بعيدة يصعب التعامل معها ، ويذهب رئيس حكومة ويأتي آخر ، والعبارة تتكرر مع الجميع دون أي فائدة أو إنجاز حقيقي .

لا ننكر أبدا وجود الفساد في العديد من مفاصل الدولة ، وهذا يحتاج للكثير من العمل دون أيّ حسابات مهما كانت نوعيتها ، وضرب الفساد يحتاج لرجال لديهم القدرة والنزاهة بعيدا عن أيّ ضغوط ، فهل يمكن بالفعل الوصول إلى هذه المرحلة ، أم أنّ المنابع ستزداد وتتوسّع وترتفع وتيرتها ؟

هل يمكن للمسؤولين الأردنيين التعلّم من توفيق أبو الهدى ، هذا الرجل الذي قيل عنه بعد وفاته ؛ بأنّه عاش فقيرا ومات فقيرا وهو الذي أمضى نصف عمره رئيسا للوزراء أو في مواقع المسؤولية المختلفة ؟