جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كان التوظيف مزدهراً وكان موظفو التكنولوجيا يرحبون بالقيمة العالية لخيارات الأسهم الخاصة بهم، لكن بعد 12 شهراً أصبح المشهد مختلفاً بشكل ملحوظ، فلم تحقق واحدة من أكثر 15 شركة تقنية أميركية قيمة عوائد إيجابية، وفي المجموع، خسر المستثمرون ما يقرب من 7.4 تريليون دولار، بناءً على الانخفاض الذي دام 12 شهراً في مؤشر "ناسداك".
وخسرت "مايكروسوفت" ما يقرب من 700 مليار دولار من القيمة السوقية، كما تقلصت قيمة "ميتا" السوقية بأكثر من 70 في المئة، ما أدى إلى القضاء على أكثر من 600 مليار دولار من حيث القيمة هذا العام.
وأعاق رفع أسعار الفائدة الوصول إلى رأس المال السهل، وجعل التضخم المرتفع كل تلك الشركات التي تعد بأرباح مستقبلية أقل قيمة بكثير، واليوم تعمل الشركات على خفض التكاليف وتجميد التعيينات الجديدة وتسريح الموظفين الذين انضموا إلى شركات ما قبل الاكتتاب العام الأولي.
وكانت الاكتتابات العامة الأولية هذا العام قد تباطأت إلى حد كبير بعد فترة لافتة في 2020 و2021، عندما اجتازت شركات التكنولوجيا جائحة كورونا وإغلاقاتها واستفادت من عالم جديد، حيث العمل عن بعد واقتصاد متدفق بالأموال المدعومة من الحكومة، أما داعمو الأسواق الخاصة الذين جمعوا المليارات من الاكتتابات العامة، فمع تضخم خزائن البنوك الاستثمارية شهدوا انخفاضاً في تقييماتهم التي انحدرت إلى الأسفل أكثر فأكثر.
"ريفيان" من الشركات التي انخفضت أسهمها بأكثر من 80 في المئة من ذروتها بعد أن بلغ سقف سوقها أكثر من 150 مليار دولار، كما تراجع صندوق "رينا سيسنس" للطرح العام الأولي، وهو سلة من الشركات الأميركية المدرجة حديثاً، بنسبة 57 في المئة خلال العام الماضي.
في الواقع، لم يغير "كوفيد-19" طرق العمل واللعب والتسوق والتعلم إلى الأبد، في حين أن الاعتقاد بأننا سنلعب ساعات سعيدة على الفيديو للأبد، والتمرن في غرفة المعيشة وتجنب الطائرات ومراكز التسوق والمطاعم الداخلية اتضح أنه كان رهاناً سيئاً.
وللمرة الأولى منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، أصبح مؤشر "ناسداك" على وشك الخسارة أمام مؤشر "ستاندارد أند بورز 500" وكانت المرة الأخيرة التي حدث فيها ذلك عندما تذيلت بورصة "ناسداك" ذات التقنية العالية ضعف الأداء الذي بدأ مع انفجار فقاعة الدوت كوم، وبين عامي 2000 و2006، فاز "ناسداك" على "أس أند بي 500" لمرة واحدة فقط.
والسؤال هنا عن حجم الأخطاء في صناعة التكنولوجيا، وتجيب شبكة "سي أن بي سي"، بالقول إن ذلك ربما يعتمد على مدى ثقتك في مارك زوكربيرغ. فالعام الحالي لـ"ميتا" كان سيئاً للغاية، وكانت "فيسبوك" قبل تغيير اسمها إلى "ميتا" في أواخر عام 2021، تقدم للمستثمرين عائدات بالجنيه الاسترليني، متفوقة على التقديرات وكانت تنمو بشكل مربح بسرعة تاريخية.
لكن زوكربيرغ لا يرى المستقبل كما يراه مستثمروه، فقد أدى التزامه إنفاق مليارات الدولارات سنوياً على العالم الافتراضي "ميتافيرس" إلى إرباك "وول ستريت"، التي تريد فقط أن تستعيد الشركة موطئ قدمها من خلال الإعلانات عبر الإنترنت، كما تقوم شركة "ميتا ريياليتي لابس في بي" ببناء منصة حوسبة جديدة تماماً وهي ليست رخيصة.
الحرب على المواهب
ومع انخفاض مخزونها بمقدار الثلثين ومع مواجهة الشركة انخفاضاً في إيراداتها في الربع الثالث من العام، كانت "ميتا" قد قالت في وقت سابق من هذا الشهر إنها تستغنى عن 13 في المئة من قوتها العاملة، أو 11 ألف موظف، وهو أول تخفيض كبير لها على الإطلاق، وقال زوكربيرغ: "لقد فهمت هذا الخطأ، وأنا أتحمل مسؤولية ذلك".
ولطالما كان مهندسو البرمجيات قادرين على الاعتماد على حزم المكافآت الضخمة من اللاعبين الرئيسين بقيادة "غوغل".
وفي الحرب على المواهب والتدفق الحر لرأس المال، وصلت أجور التكنولوجيا إلى آفاق جديدة، حيث يمكن أن تنفق "أمازون" على سبيل المثال أكثر من 700 ألف دولار على مهندس مؤهل أو مدير مشروع في شركة الألعاب "روبلوكس".
ووفقاً لـ"ليفيل دوت أف واس إي"، يمكن لمهندس رفيع المستوى جني 1.2 مليون دولار في شركة برامج الإنتاجية "أسانا" التي ظهرت لأول مرة في سوق الأوراق المالية في عام 2020، ولم تحقق ربحاً أبداً، لكنها عرضت على المهندسين رواتب تبدأ من 198 ألف دولار، وفقاً لبيانات تأشيرة (إتش وان بي).
شركات التكنولوجيا في مرمى الخسارة بعد النتائج المخيبة ومخاوف الركود
وكان هناك أيضاً تسريح للعمال في "سيسكو" و"ميتا" و"أمازون" و"تويتر"، وفي شركة" إتش بي" التي أعلنت هذا الأسبوع أنها ستلغي أربعة إلى ستة آلاف وظيفة خلال السنوات الثلاث المقبلة، لتصل تسريحات العاملين في شركات التكنولوجيا إلى أكثر من 130.000 عامل، وكتب براد غيرستنر، مستثمر تقني في "ألتيميتر كابيتال" الشهر الماضي، وهو من الداعمين لخفض أعداد الموظفين في شركات التكنولوجيا في وادي السليكون، أن "شركات التكنولوجيا ستحقق مستويات مماثلة من الإيرادات المنخفضة مع عدد أقل بكثير من العاملين".
واستهدفت رسالة غيرستنر على وجه التحديد زوكربيرغ، وحثته على خفض الإنفاق، وكتب "أود أن أخطو خطوة إلى الأمام وأجادل بأن هذه الشركات الرائعة ستعمل بشكل أفضل وأكثر كفاءة من دون الخمول الذي يأتي مع هذا المعدل الشديد من الموظفين".
تباطؤ سوق الاكتتاب العام
ثم هناك عالم الشركات الناشئة، الذي اشتهر على مدار أكثر من نصف عقد، ففي العام الماضي ضخ المستثمرون 325 مليار دولار في الشركات المدعومة بالمخاطر، وفقاً لفريق رأس المال الاستثماري التابع لشركة "أرنست ويونغ"، وبلغت ذروتها في الربع الأخير من عام 2021، فقد ذهب المال السهل منذ فترة طويلة، وأصبحت الشركات الآن دفاعية أكثر منها هجومية في تمويلها، فهي تجمع رأس المال لأنها في حاجة إليه وفي كثير من الأحيان لا تكون بشروط مواتية.
وقال ديفيد غولدن، الشريك الإداري في شركة "ريفليوشين فينتشورز" في سان فرانسيسكو، إن تباطؤ سوق الاكتتاب العام يخبرنا بكيفية تصرف المستثمرين في المرحلة المبكرة.
وأضاف غولدن، الذي كان يدير سابقاً الاتصالات والإعلام والخدمات المصرفية التقنية في "جي بي مورغان"، "معظم المستثمرين في المراحل المبكرة لا يعتمدون على خروج الاكتتاب العام، الاحتمالات ضدها عالية جداً، لا سيما بالمقارنة مع عمليات الخروج من عمليات الاندماج والاستحواذ".
وعلى رغم تسريح إيلون ماسك لنصف القوى العاملة في "تويتر"، ومع الانهيار المفاجئ لبورصة العملات المشفرة "أف تي إكس" (FTX)، التي تمكنت من النمو إلى 32 مليار دولار مع عدم وجود مجلس إدارة أو رئيس مالي، ومع انهيار العملات المشفرة ومع وعمليات التسريح المتزايدة للعمال واضطراب السوق العام، فليس كل شيء سيئاً وكئيباً بعد عام من ذروة السوق.
ويشير غولدن إلى التفاؤل من واشنطن العاصمة، حيث سيؤدي قانون خفض التضخم الذي أصدره الرئيس جو بايدن وقانون الرقائق والعلوم إلى استثمارات في مجالات رئيسة في مجال التكنولوجيا العام المقبل، حيث أعلنت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات بالفعل عن توسعات في الولايات المتحدة.
وقال غولدن، "كلنا متفائلون قليلاً في شأن ذلك، على رغم الرياح المعاكسة".