جفرا نيوز -
جفرا نيوز - على وقع حرب أوكرانيا والتوتر في تايوان، باتت مسألة الاعتماد على دول ذات توجه جيوسياسي مغاير مثل روسيا والصين موضوع نقاش عام في أوروبا. ورغم التوتر بين تركيا وعواصم غربية، إلا أن أوروبا تحتاج تركيا، لأسباب عديدة مختلفة!
منذ الحرب الروسية في أوكرانيا، بدأت الحكومات الأوروبية مناقشة مسألة مدى اعتمادها على بلدان لا تشاركها نفس القيم، خاصة في ظل شعور بالأسف جراء توثيق علاقاتها وتعزيز تعاونها مع بعض هذه البلدان في الماضي.
وماذا عن تركيا؟
تطلعات أنقرة إلى لعب دور أكبر على الساحة الدولية تترافق بخطاب عدواني وقومي متزايد تجاه شركائها في الغرب، إذ أن تركيا، المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، لم تعد بالشكل المرغوب فيه لدى الغرب، وفقا لما يراه المراقبون. ورغم ذلك، فإن تركيا لا تزال لاعبا مهما في السياسة العالمية، ويرجع ذلك لخمسة أسباب:
الوساطة التركية بين موسكو وكييف
ألقت الحرب الروسية في أوكرانيا بظلالها على العالم وأثرت على دول عديدة، بيد أن الحرب كانت فرصة دبلوماسية للحكومة التركية. فمع الأيام الأولى من بدء الغزو الروسي، ظهرت أنقرة بمثابة وسيط بين طرفي النزاع، لا يمكن الاستغناء عنه.
ففي الوقت الذي لم تكن فيه الدول الغربية على قدر كبير من الحماس للتحدث مع روسيا، كانت علاقات انقرة جيدة مع كل من موسكو وكييف، وهو ما يعد بالأمر النادر في الوقت الراهن.
وقد بدأت تركيا بالوساطة لحل مشاكل رئيسية نجمت عن الحرب مثل أزمة تصدير الحبوب الأوكرانية من موانئ البلاد خاصة وأن أوكرانيا كانت قبل الحرب من كبار مصدري القمح والذرة والشعير وزيت عباد الشمس في العالم. وقد تم توقيع اتفاقية استئناف تصدير الحبوب الأوكرانية بين روسيا وأوكرانيا بوساطة تركيا والأمم المتحدة في يوليو/ تموز في إسطنبول. ولا يتوقف الأمر على ذلك، بل قد توفر تركيا المكان الأمثل والأكثر منطقية لاستضافة أي مباحثات سلام بين روسيا وأوكرانيا مستقبلا.
حليف الناتو الذي يعتبر ضوؤهالأخضر ضروريا جدا
انضمت تركيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في عام 1952 ولديها ثاني أكبر جيش في الناتو بعد الولايات المتحدة، وهو ما يجعل تركيا تحتل أهمية أمنية رئيسية فضلا عن أنها تقع على الجانب الجنوبي الشرقي لحلف الناتو.
ومع اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، أبدت السويد وفنلندا رغبتهما في الانضمام إلى الناتو، لكنهما في حاجة إلى موافقة تركيا أيضا. وفي الأسبوع الماضي، عرض رئيس وزراء السويد الجديد أولف كريسترسون على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقد اجتماع لمناقشة قضية انضمام بلاده إلى الحلف.
والجدير بالذكر أن أنقرة تتهم ستوكهولم وهلسنكي بتوفير ملاذ آمن لعناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية.
تركيا توفر الأمن ومعدات عسكرية بسعر مقبول!
تمتلك تركيا بعدا أمنيا هاما بالنسبة للدول الغربية يتمثل في التعاون العسكري والدفاعي، خاصة في ضوء تعزيز أنقرة من صناعاتها الدفاعية. ما جعلها لاعبا مهما يؤثر بشكل مباشر على المصالح الغربية.
وفي هذا الصدد، أثبتت الطائرات المسيرة تركية الصنع من طراز "بيرقدار تي بي 2" فعاليتها بعد استخدامها في نزاعات عديدة خلال السنوات الماضية. إذ ذكر تقرير صدر العام الماضي عن مركز BAKS للأبحاث والتابع للجيش الألماني أن مسيرات "بيرقدار تي بي 2" لعبت دورا حاسما في الصراع الذي اندلع في إقليم ناغورنو كاراباخ.
وفي خضم الحرب الروسية في أوكرانيا، أفادت تقارير بأن هذه الطائرات المسيرة تساعد الجيش الأوكراني في الدفاع عن أراضي البلاد.
وفي مؤشر على الامتنان، كرم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المدير العام لشركة "بايكار" التركية التي تصنع مسيرات "بيرقدار تي بي 2" ومنحه وسام استحقاق الدولة من الدرجة الأولى.
يشار إلى أنه في الوقت الذي كان فيه الشعب الأوكراني بجمع تبرعات لشراء طائرات مسيرة، قامت الشركة التركية بالتبرع بمسيرات "بيرقدار تي بي 2" إلى "الشعب الأوكراني الوطني لتحقيق الهدف الذي حدده"، على حد وصف بيان الشركة.
وفي ضوء انخفاض أسعار بمسيرات "بيرقدار تي بي 2"، فإن تركيا تعد شريكا تفضله البلدان التي لا تستطيع تحمل تكلفة شراء معدات عسكرية عالية الثمن وتبحث عن بديل.
وقد ذكر تقرير حديث صدر عن المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية أن "مبيعات الأسلحة إلى إفريقيا قد ارتفعت بشكل كبير".