محمد داودية يكتب : تسونامي الأزمة السورية .. الخطر الداهم الأكبر
السبت-2012-07-06 03:58 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم: محمد داودية
لم يعد السؤال المطروح علينا هو هل تصيبنا أم لا تصيبنا متطايرات الأزمة السورية، بل المفروض علينا اليوم، هو الخروج من قلق الحذر إلى أفق التدبير، في هذا التسونامي السوري العاصف، المتحقق حتى الآن على عدة تجليات وأشكال.
فالمذبحة على بعد أمتار قليلة من بيتنا، وأنين الثكالى والأيتام والأرامل والأطفال، وصراخ المعتقلين المعذبين في الأقبية، يصم الآذان ويمزق نياط القلوب، علاوة على أثقال آلاف الأسر الفارة بأعراضها وأرواحها، إلى الفاقة والبؤس ومهانة الهجرة وعذاب الاقتلاع من الوطن.
لقد دخلنا عميقا في مدى الزلزال السوري ومهدافه، وليس فقط في ارتداداته. فأمواج التسونامي السوري الهائلة يمكن رؤيتها تدك درعا وطفس والشيخ مسكين والمزيريب ونوى وجاسم وتل الشهاب وتنطلق بسرعة فائقة نحو الرمثا وأم قيس والمظلومة والطرة والشجرة وحوارة.
إن أعباء الأزمة السورية وتحدياتها الأمنية المرعبة، التي تتصدى - وتصدت لها مبكرا - الأجهزة الأمنية الأردنية، استوجبت تفريغ أعداد كبيرة، من خيرة كفاءات المخابرات والاستخبارات الأردنية، لدرء تسلل المخابرات السورية وتغطيها وتلطيها بأفواج المهاجرين واللاجئين السوريين، للقيام بإعمال خطف وتخريب واغتيالات وتفجيرات، معروف للقاصي والداني، أن هذا النظام لا يتورع عن مقارفتها.
تلك الجهود الأردنية الاستخبارية الوقائية الضخمة، غير المنظورة وغير المعروفة وغير المعلنة للرأي العام الأردني، هي احد أعباء هذه الأزمة السورية الطاحنة الرهيبة، وهي جهود وطنية وإنسانية بامتياز، تستحق أن ننظر إليها بعين التقدير، من عدة زوايا لإتاحة الفرصة لأجهزتنا الأمنية للتفرغ إلى تلك المخاطر الداهمة والمتحققة عاجلا أو آجلا.
أن الأسلحة والأموال الخليجية، المتسربة الى ىسوريا بغير حساب، لا تذهب كلها إلى أيد المعارضة السورية المنضبطة المسؤولة. إن جزءا كبيرا منها سوف يقع – وقد وقع بالفعل – في خرج وحرج، التنظيمات والجماعات التكفيرية، التي لا تعترف بالحدود وبالدساتير وبالبرلمانات وبالحريات، وعلاوة على ان هذه التنظيمات تشكل خطرا على المجتمع المدني السوري فانها تشكل خطرا موازيا على الامن الوطني الاردني، وإنها إن وجدت ثغرة في سياجنا الأمني، فسوف تنفذ منها، لتضرب مجددا، فنادقنا ومساجدنا وكنائسنا وأفراحنا وأتراحنا. علاوة على أن ما بعد سقوط الأسد، يشكل اكبر قلق وتحد و خطر على الأردن.
قوات الحجاب الأمنية الأردنية الخبيرة الفذة، والقوات المسلحة الأردنية كلها، عيون صقور على الحدود وعيون ذئاب على الساحة السورية وعيون نمور تحرس الداخل وتحميه، تدرأ الشر قبل وقوعه، وتتحوط لذلك، بالنفاذ عميقا، إلى حيث يمكن أن يتكوّن الخطر ويتخلّق، على الأمن الوطني الأردني.
إن النجاح في القيام بهذه المهام الوطنية الكبرى، يحتاج إلى داخل أردني متماسك متعاون متفهم، متعال على ما هو قائم من صراعات ويحتاج الى قوى سياسية وحكومية أردنية راشدة، على أعلى درجات الهدوء والحكمة والتسامح والتنسيق واحترام النظام والقانون والحريات العامة.

