النسخة الكاملة

الامن الدوائي: ادوية اردنية تباع خارجاً بأسعار مخفضة و محلياً مرتفعة

الخميس-2022-10-09 09:38 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - الأمن الدوائي، وأهمية الدواء وتوفيره على مستوى وطني بشكل دائم، جوانب تأخذ أولوية دائمة ليس فقط على الأجندة والأولويات الصحية والطبية، إنما على مستوى أولويات الوطن بشكل عام، جانب يحظى باهتمام جلالة الملك عبد الله الثاني، ومتابعته الشخصية، سعي حكومي دائم لترجمة توجيهات جلالته بهذا الشأن، نظرا لأهمية الدواء بالنسبة للمواطن فضلا عن كونه جانبا يحسب لقوة الدول.

وطالما خضع موضوع أسعار الدواء في الأردن لحالة جدلية، في ظل تفاوت أسعار بعضها محليا واقليميا، لجهة أن بعض الأدوية تباع بأسعار مخفضة جدا في دول الجوار، في حين تباع محليا بأسعار مرتفعة، الأمر الذي يجعل من هذا الجانب مثار جدل دائم، جدل تحيطه أسئلة كثيرة لا تبتعد في بعض الأحيان عن الانتقادات لإرتفاع أسعار بعض الأدوية محليا.

الأردن دولة تمتاز بتصنيع الأدوية، وهو الدولة الوحيدة التي صادراتها من الدواء أكثر من مستورداتها، وفي ذلك مسألة هامة جدا تشير لاهتمام ورعاية ملكية للقطاع، مما يجعل من الدخول في تفاصيل هذا الملف والوقوف على واقعه بشكل دقيق في ظل كثرة الجدل بشأنه وتحديدا فيما يخص المقارنة الواضحة والبينة بين اسعار الدواء في الاردن ودول الجوار، قضية تحتاج بحثا ومعرفة رأي ذوي الاختصاص بشأنها، ذلك أن اسباب اختلاف الأسعار في حقيقتها قد تكون واضحة بالنسبة للعاملين في القطاع ومجهولة بالنسبة للمواطنين .

جريدة «الدستور» هذا الأسبوع وضعت ملف أسعار الأدوية على طاولة البحث والتفصيل من أصحاب الخبرة والمختصين، حيث كشفوا لفريق «الدستور» تفاصيل تفاوت أسعار الدواء وأن ما يثار في بعض الأحيان مبالغ به، وأحيانا غير دقيق، أسئلة كثيرة وايضاحات وحقائق يتضمنها ملف «الدستور» لهذا الأسبوع حول أسعار الأدوية في المملكة.

وبحسب شكاوى بعض المواطنين على أسعار قد تكون قديمة قبل التخفيضات التي حصلت والمستمرة بشكل دوري على الأدوية، على سبيل المثال دواء يعالج هبوط صفائح الدم حيث يباع في مصر بـ 250 دولارا وفي الأردن 1000دولار، إبر (ألفا) عيار 100 ملغ، سعر الإبرتين في عمّان (1200) دينار وفي اسطنبول (450) دولارا، أي (320) دينارا ) دواء Arava عيار 20 ملغ يباع في تركيا بـ 10 دولارات وفي الأردن 40 دينارا، دواء النيكسيوم فئة 40 ملغ 14 دينارا في الأردن وفي تركيا 6 دنانير، أمّا في مصر، سعر دواء نيسكيوم اكياس 10 مجم بسعر 224 جنيها للعبوة 28 كيسا،نيسكيوم أقراص 20 ملغ بسعر 49 جنيها للشريط الواحد 7 اقراص، نيسكيوم أقراص 40 مجم بسعر 73 جنيها للشريط الواحد 7 اقراص، نيسكيوم امبول 40 مجم بسعر 700 جنيه للعبوة 10 أمبولات.

سعر ذات الدواء في السعودية نيسكيوم 20 قرصا بـ 35.25 ريال، سعر دواء نيسكيوم 40 قرصا 48 ريالا .

هذه الأسعار بالطبع قد تتغير تبعا لأنظمة الدول ونظرا لقوة عملتها أو نظرا للدعم الموجه لها من قبل الحكومات أو حتى الشركات المصنعة،

في الاردن تشير الارقام الى ان إنفاق المواطن على الدواء 10% من دخله بينما نسب الإنفاق على المكمّلات الغذائية تصل إلى 40 % وهي أغلى بكثير من الدواء «والمكملات الغذائية هي مستحضرات هدفها تكملة النظام الغذائي بمواد تغذوية مثل الفيتامين والمعادن والألياف والأحماض الدهنية والأحماض الامينية والتي قد تكون مفقودة في النظام الغذائي للشخص أو قد تكون لا تستهلك بكميات كافية.»

 أسس جديدة بتوجيه ملكي

الجدل مستمر ولا يوجد ما يوحد الطريق حول هذا الموضوع ولكن وبتوجيه ملكي وفي عام 2020 صدرت أسس جديدة لتسعير الأدوية باتت نافذة وناظمة بعد نشرها بالجريدة الرسمية بموجبها تنخفض الأسعار بنسب تتراوح بين 10 -15 %، الأسس الجديدة أدخلت دولا جديدة كمرجعية عند التسعير، وهذه الدول يعتبر الدواء فيها منخفض السعر، مثل تونس ولبنان وأذربيجان وبذلك يصل عدد الدول المعتمدة إلى 19 دولة، الأمر الذي يخفض تقدير متوسط سعر الدواء المستورد، إلى جانب الدول المرجعية لتسعير الدواء الأصيل هي (بريطانيا، فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، بلجيكا، اليونان، هولندا، استراليا، قبرص، هنغاريا، إيرلندا، نيوزيلندا، البرتغال، التشيك، كرواتيا والنمسا).

واتاحت الأسس الجديدة للتسعيرة، احتساب سعر الدواء البديل المستورد الأول عند 70 % من سعر الدواء الأصيل، و65 % للبديل الثاني، و55 % للبديل الرابع، وكانت الأسس السابقة تحتسب سعر الدواء البديل المستورد عند أكثر من 70% من سعر الدواء الأصيل.

وجاءت هذه الأسس استجابة لتوصيات لجنة دراسة واقع الأدوية التي تشكلت بعد مطالبات نيابية وشعبية بخفض أسعار الدواء محليا،ويخضع الدواء في الاردن إلى ضريبة تصل إلى 4 % على الدواء المحلي والمستورد والجمارك 1%، ونسبة الضريبة على المستلزمات الطبية والمكملات الغذائية 16%.

 مؤسسة الغذاء والدواء

المؤسسة العامة للغذاء والدواء هي صاحبة الصلاحية في تسعير الأدوية وفقا للمادة 37 من قانون الصيدلة والدواء، وهي تتبع أسسا محددة وواضحة لتسعير الأدوية، وأن عملية مراقبة ومتابعة أسعار الأدوية هي من صلب عمل المؤسسة.

وبحسب مدير عام المؤسسة الدكتور نزار مهيدات فإن المؤسسة لديها أسس للتسعير ومراجعة أسعار الدواء ممكن ودائم شريطة أن لا يؤثر على تواجد الدواء في السوق، مضيفا أن هناك مواد قانونية تجيز للمدير العام تخفيض سعر الدواء ولكن هل نضمن توفر الدواء في السوق.

وأكد د. مهيدات في حديثه لـ»الدستور» أن الاسس قابلة للتعديل ونحن نعمل على ذلك حيث خاطبنا رئاسة الوزراء ووزير الصحة لتشكيل لجنة وطنية تعمل على مراجعة أسس التسعير التي مضى عليها عامين ولكن لا بد أن أشير إلى ضرورة مقارنة سعر الدواء مع دول أخرى.

وأوضح أن المؤسسة تحتكم الى أسس تسعيرة تعتمد على، «سعر تكلفة تصنيع الدواء في المصنع الأم من خلال فاتورة رسمية من المصنع وتقديم شهادة مصادق عليها من قبل بلد المنشأ والخطوة الثانية اعتماد ما جاء في المادة 4و 5 من أسس التسعير المعتمدة والمعمول بها منذ شهر آذار من عام 2020 ومنذ نشرها في الجريدة الرسمية

والتي تشير إلى اعتماد سعر بيع الدواء للجمهور في بلد المنشأ، بالإضافة إلى سعر الدواء المستورد للسوق السعودي والسبب في ذلك حجم السوق في كمية الدواء المستهلك وهي أيضا من الدول الحاصلة على سعر تفضيلي من الشركات العالمية، وتعتمد المؤسسة السعر بالمقارنة بين الدول ضمن الأسس ومن ثم تقرر المؤسسة اعتماد الدول الأقل سعرا .

وبالتالي الدواء متاح في الأردن بسعر أقل من سعر الدواء في البلد الأصلي وأقل من السوق السعودي وأقل من السعر الموجود في الدول الـ 19 المعتمد، اي ان سعر الدواء ناتج عن عملية حسابية يخضع لها الدواء اولا سعر تكلفته في المصنع وسعره في بلد المنشأ وسعره في السعوديه كونها سوقا كبيرا ومتوسط سعره في الدول المختارة وبالتالي اقلهم يصبح سعر الدواء في الأردن.

وبين مهيدات في السنوات التي سبقت عام 2020 لم تصل إلى تخفيض اكثر من 300 الى 350 صنف دوائي سنويا ولكن في عام 2020 تم تخفيض 625 صنفا دوائيا وفي عام 2021 تم تخفيض 831 صنفا دوا ئيا اما في العام الحالي فقد تم تخفيض 658 صنفا دوائيا ومازال العام لم ينته إلى الآن.

ما أود قوله، والحديث لمهيدات، أن تسعير الدواء برنامج مستمر وغير متوقف والان نعمل على مراجعة سعر الدواء بشكل دوري ولا ننتظر حتى تسجيله او إعادة تسجيله «النظر في أسعار الدواء عملية دائمة نعمل عليها في الغذاء والدواء»

المواطن الأردني دائما ما يلجأ إلى مقارنة سعر الدواء في إلاردن بمصر وتركيا ويجد ان الدواء هناك سعره منخفض لذلك كثيرا ما تكون التوصية للمسافرين باحضار أصناف دوائية من هناك بسبب انخفاض أسعارها . الدكتور مهيدات أكد وجود ارتفاع في سعر الدواء اذا ما قورن في مصر وتركيا والسبب يعود إلى أسباب اقتصادية تعود لهذه البلدان.

وعلق قائلا مصر وتركيا ليس العالم فالدواء في السعودية وبريطانيا وأمريكا أغلى من الأردن وكذلك في لبنان حيث مدخول الفرد هناك متدن بسبب فرق العملة، مبينا أن المؤسسة رصدت ضبطيات تهريب للأدوية في هذا الاتجاه ودول الجوار مما يعني أن سعر الدواء في الأردن أقل من دول الجوار وأن هناك أيضا هامش ربح فيه .

وأوضح مهيدات أن 10% فقط ممن يلجأون إلى الصيدليات الخاصة من مجموع فئات الشعب وأن هامش الربح ثابت لدى كافة الصيدليات العاملة في الأردن عند نحو 19%، دون احتساب المصاريف الإدارية، مبينا أن الحكومة تدعم الأدوية بـ 132مليون دينار كل عام و 18 مليونا مطاعيم تعطى مجانا للمواطنين وكل من يقطن على أرض المملكة .

وبين مهيدات أن هناك 8 الاف دواء مسجل منها أكثر من 5 آلاف صنف سعرها أقل من 10 دنانير، وأن أكثر من 3 آلاف منها أيضا أقل من 5 دنانير، وهذه الأصناف الدوائية هي مضادات حيوية وادوية الحساسية والسعال وغيرها فيما بين أن أسعار الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة تتراوح أسعارها بين 10الى 20دينارا، ويعاني 40 % من الأردنيين ممن تزيد أعمارهم عن 40 عاما، ولديهم على الأقل 4 عوامل خطر للأمراض المزمنة.

واشار الى ان سعر الدواء في العطاءات الحكومية القادمة بشكل مباشر من الشركات المصنعة أقل بكثير من القطاع الخاص، مبينا أن الأدوية التي تصل إلى 1000 أو 2000 دينار أو أكثر من ذلك موجودة وسعرها مرتفع لان الأردن لا يصنعها وبالتالي المؤسسة الآن تشجع أن تكون هناك صناعة دوائية أردنية للأدوية البيولوجية .

«الغذاء والدواء»، تعمل ضمن أسس تطبق على القطاعين العام والخاص وجودة الدواء الأجنبي أو المستورد ليس بأفضل من الدواء الأردني،وفي عام 1998 كان الأردن يصدر ادوية للضغط والكوليسترول لألمانيا والدواء الأردني موجود في الأسواق العالمية و68 % من الأدوية المستهلكة في السوق الأردني من إنتاج محلي و32 % من الأدوية مستوردة كمساهمة إنتاج أما في القيمة المالية فحصة الدواء الأردني 51 %والمستورد 49 % .

تقرير للمؤسسة أشار إلى أنه تم تخفيض ما نسبته 23 % من الأدوية في الأردن خلال العام الماضي وأن هذا الانخفاض أكثر بنسبة

20 % من السنوات الماضية، ويعود ذلك بشكل أساسي لتعديل أسس التسعير التي تعتمدها المؤسسة.

والأدوية التي خفضت جاءت بعد مراجعة عدد أكبر من الأدوية خفض هذا العدد لمطابقتها لأسس التسعير وفق مهيدات، مشيرا إلى ان السوق الاردني مفتوح للجميع وهناك أدوية مسجلة مصرية وتركية في الأردن حيث بلغ عدد الأدوية المصرية المسجلة 154 دواء يصل سعر الدواء فيها الى 40 قرشا أردنيا لان من أسس التسعير سعره في بلد المنشأ وهناك حديثا 33دواء تركي والمؤسسة تدرس اي طلب قادم من اي دولة ويسجل اذا ما تناسب مع الأسس المعمول بها.

 مستشار تصنيف وأسعار الأدوية

من جانبه، قال المستشار في مجال تصنيف وأسعار الأدوية والاختصاصي في علم الصيدلة السريرية الدكتور انطوان مسلم ان الدواء في إلاردن يخضع لاجراءات صارمة في كافة المجالات من مراقبة وتسعير ومحافظة على تدفق الدواء إلى السوق الأردني وتلعب المؤسسة العامة للغذاء والدواء دورا أساسيًا فيه.

وأشار مسلم في حديثه لـ»الدستور: إلى أن الاردن متقدم جدا في مجال الصناعات الدوائية فهناك 27 مصنعا دوائيا، والدواء الأردني متداول في 74سوقا عالمية وهناك 427 صنفا دوائيا تنتج في الأردن اي ان الاردن غني بقدراته الدوائية الا ان الأسعار لها ما يبررها بمنظور علمي .

وبين مسلم أن بالأردن 4000 صيدلية والاردن يشكل ثالث أعلى نسب في العالم بعدد الصيدليات وأن هامش الربح لديها لايتجاوز الـ 19% وقد يصل إلى 26 % في بعض التوقعات، ومن أبرز الأسباب لهذا الجدل الدائر حول هذا الموضوع والمقارنة المستمرة بين السوق الأردني والسوق المصري والتركي مقارنة غير وازنة قد لايعيها المواطن لكن يعلمها تماما كل من يعمل في اي مصنع او شركة تختص بالأدوية.

وأضاف لا بد أن نعلم ان الشركات المصنعة للأدوية تقوم بدراسة الاسواق بشكل عام وهذه الدراسة تخضع للقدرة السكانية التي تؤدي إلى القدرة الشرائية وعادة ما تقوم هذه الشركات بمنح الدول ذات الاعداد السكانية الكبيرة اسعارا خاصة بها تؤدي إلى أن يكون السعر في تركيا أو مصر اقل من الأردن لانه في النهاية من مصلحة اي شركة ان يكون لها استثمار في الدواء بدول يبلغ عدد سكانها 110 ملايين كمصر و94 مليونا لتركيا حيث تلعب كمية الدواء المصدرة للدول دورا أساسيا في تخفيض سعره ولايمكن مقارنة هذه الاسواق الكبيرة سكانيا واستهلاكا بسوق صغير مثل الاردن، يضاف الى ذلك أن تركيا لديها تأمين صحي شامل وهناك العديد من الشركات تفضل إدخال ادويتها في هذا النظام و اسعار الأدوية في تركيا ومصر تحصل على رخصة امتياز تصنيع الأدوية من هذه الشركات بالإضافة لفرق العملة وغيرها من العوامل الاقتصادية التي تجعل من أسعار الدواء منخفضة .

وقال مسلم، هناك مصانع تم انشاؤها في الدول لوجود كثافة سكانية عالية وارتفاع المبيعات بها دون تحمل تكاليف اخرى مثل الشحن والتأمين والنقل والعمالة والرسوم الجمركية المفروضة عليها اضافة الى الدعم الذي تتلقاه تلك الشركات والحوافز التشجيعية من قبل تلك الدول والتي تنعكس على انخفاض اسعار الادوية مع ضرورة العلم بأن قطاع الدواء في مصر مدعوم من قبل الحكومة المصرية وكذلك تركيا، لذلك نرى الشكاوى من ارتفاع سعر الدواء ومنها ما هو واقعي ومنها ما هو غير ذلك .

واشار مسلم إلى اننا لابد أن نشير إلى سعر صرف العملة يؤثر على قوة الشراء والسعر اي ان الظروف الاقتصادية وهبوط العملة المحلية عند تحويل الدينار بالجنيه أو الليرة التركية أو اللبنانية لابد أن يكون الدواء بسعر أقل ولكن في دول أخرى لن يكون كذلك، مضيفا ان التعامل التركي باليورو والذي انخفض مقابل الدولار في السنوات الماضية ادى الى انخفاض الاسعار .

اما في دول الخليج فأسعارها تقريبا متشابهة وقريبة من الاردن وقد تجد ادوية سعرها اغلى في الامارات منه في الاردن والعكس صحيح لكن ضمن فروقات بسيطة، مبينا ان الضغط على الشركات المصنعة لتخفيض الأدوية قد تخسر الأردن هذه الشركات وأدويتها والتي لا يوجد بديل لبعضه.

واشار مسلم الى ضرورة نشر ثقافة في الاردن للأدوية البديلة وهو دواء فعال بذات المادة الموجودة في الأصيل ولكن بسعر أقل ولكن عدد كبير لا يتعامل مع هذه الأدوية أو يرفضها، لافتا إلى أن معظم الأدوية المرتفعة الثمن هي أدوية يمكن الحصول عليها عن طريق التأمين، فنسبة المؤمنين في الأردن عالية أو لنقل مريحة وأدوية الأمراض المزمنة والسرطان هي أدوية متوفرة ويمكن الحصول عليها من خلال التأمين أو الاعفاءات وبالتالي لا بد من وجود نظرة شمولية وواقعية أكثر حول موضوع الدواء.

 صيادلة لـ «الدستور»

ووفق متابعة فريق «الدستور» في اطار الحديث عن فروقات الاسعار بين الأدوية داخل المملكة وفي السوق التركي، اكد صيادلة ان السلطات التركية تنوي اعادة النظر بالية تسعير الادوية فيها باتجاه رفع اسعارها، على اعتبار ان الالية المتبعة لا تدعم الصناعة الدوائية التركية، وبالتالي فان رفعها لن يكون جاذبا للمواطن الاردني مستقبلا.

وأشار مختصون الى ان السبب في وجود فروقات في الاسعار ان شركات الادوية العالمية تقوم بإنشاء مصانع لها في الدول ذات الكثافة السكانية العالية، حيث تحقق الفائدة المرجوة من ارتفاع المبيعات فيها، دون ان تتحمل تكاليف الشحن والتأمين وغيرها والتي تزيد من كلفة الدواء.

ويرى خبراء ان من اسباب ارتفاع أسعار الأدوية في المملكة مقارنة بدول مجاورة يعود لعدة اسباب من بينها عدم وجود دعم للصناعات الدوائية المحلية اسوة بتلك الدول الامر الذي ينعكس على اسعار الادوية المنخفضة فيها.

كما يحدد سعر الدواء بناء على سعر البيع في بلد المنشأ، بحيث تطلب الدولة المستوردة ما يثبت سعر البيع وتقوم الحكومة ممثلة بالغذاء والدواء بتسعير سعر البيع محليا، وليس بناء على سعر التكلفة من المصنع وما يتبعها من تكاليف اخرى.

وتعد الأدوية الأصيلة ذات العلامة التجارية الخاصة التي يتم تصنيعها وبيعها من قبل الشركة الدوائية التي اخترعتها وسجلتها لأول مرة، هي الأعلى سعرًا مقارنة بالأدوية البديلة (أو الجنيسة) التي هي نسخة عن الدواء الأصيل عادةً ما يتم تصنيعها محليًا.

وتشكل الأدوية الأصيلة حوالي 15% من كامل أعداد الوصفات المصروفة للمرضى في الأردن، إلا أنها مسؤولة عن 40 % من إجمالي الفاتورة الدوائية.

وعند التطرق لارتفاع أسعار الدواء في المملكة، لا بد من الاشارة الى ان أن الأسعار الرسمية التي تعلنها مؤسسة الغذاء والدواء ليست هي الأسعار التي يتم تداول الأدوية من خلالها، فأغلب الأدوية يتم شراؤها من خلال دائرة العطاء الموحّد بأسعار تفضيلية، تقل كثيرًا عن الأسعار المعلنة، ووحدهم المواطنون الذين يشترون الأدوية من الصيدليات الخاصة على نفقتهم الشخصية هم من يشترون بالأسعار الرسمية، وبالتالي يعانون من ارتفاع أسعارها.

ومن هنا برز مقترح يقضي بالسماح للصيدليات بشراء الادوية مرتفعة السعر مباشرة من الحكومة.

ويلعب صغر حجم السوق الأردني دورا كبيرا في ارتفاع الاسعار، حيث تنخفض أسعار الدواء في الأسواق الكبيرة والغنية، بينما ترتفع الأسعار في الأسواق الصغيرة والفقيرة لتعوّض الشركات عن انخفاض حجم المبيعات وتضمن هامش الربح.

ويتم خفض الأسعار بشكل مباشر في دول كثيرة منها الصين وتركيا، وقد اعتمدت هذه الدول على وجود سوق محلي ضخم ومغرٍ تستطيع من خلاله إملاء شروطها على الصناعة الدوائية العالمية.

إلا أنه وحتى في دولة مثل تركيا، كان لتخفيض أسعار الدواء آثار سلبية على الاستثمارات الخارجية والتقدم العلمي، حيث قلّصت تلك الشركات عدد الأبحاث العلمية التي تمولها، حتى أن أسواقًا أصغر منها مثل مصر أصبحت تستحوذ على العدد الأكبر من هذه الأبحاث والاستثمارات.

وجاء مقترح السماح بما يسمى التجارة الموازية للدواء التي تم تطبيقها بنجاح في الاتحاد الأوروبي ودول أخرى على كافة أصناف الأدوية، الأصيلة والبديلة، حيث اعتمد الاتحاد الأوروبي على وجود تسجيل موحد للدواء في المؤسسة الأوروبية للدواء (EMA)،وبناء على هذا التسجيل يمكن لأي مستودع أدوية في أوروبا أن يقوم باستيراد أدوية معينة من الأسواق الأوروبية الرخيصة ليصدّرها إلى الأسواق الأوروبية ذات الأسعار المرتفعة، ويربح من فرق السعر.

يمكن للأردن أن يبرم اتفاقيات مع المؤسسات النظيرة للغذاء والدواء في دول مثل السعودية أو تركيا، يتم من خلالها السماح بعملية الاستيراد لأدوية معينة موجودة بسعر أرخص في الأسواق التركية أو السعودية.

ويشكل توفير التأمين الصحي الشامل لجميع المواطنين الحل الامثل لمشكلة الادوية مرتفعة السعر، اسوة بتجارب الكثير من دول العالم.

وأظهرت متابعة «الدستور» انه في الاردن 90 % من المواطنين مؤمنين بين حكومة وجيش واونروا وتأمين خاص، والمشكلة في اسعار بعض الادوية غير المتوفرة او المغطاة بالتأمين الصحي.