النسخة الكاملة

سياسيون يشككون في جدوى الإصلاحات السياسية.. والروابدة : "ما عندنا أحزاب أشخاص"

الخميس-2022-09-20 02:15 pm
جفرا نيوز -
لا حكومات برلمانية في ظل غياب التعددية الحزبية

جفرا  نيوز - رغم وجود إرادة ملكية لتطوير الحياة السياسية في الأردن والانتقال إلى نظام حكم برلماني تشاركي يطالب به الأردنيون منذ عقود، لا تزال البيئة الأردنية غير مواتية للحياة الحزبية المنشودة وهي عقبة أساسية أمام مسار الإصلاح السياسي في المملكة الهاشمية.

 يشكك سياسيون أردنيون في جدوى الإصلاحات السياسية التي تمر بها المملكة استعدادا للحكومات البرلمانية ما لم يسبق ذلك تحضير للبيئة الحاضنة على المستويين القانوني والاجتماعي، في بلد تسيطر فيه العشائر والقبيلة سياسيا واقتصاديا.

وأكد وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة في تصريح لوسائل إعلام محلية أن النسبة التي أعلنها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية والمتمثلة بأن 2 في المئة من الأردنيين يهتمون بالعمل الحزبي، مؤشر واقعي على اهتمامهم في ما يخص الأحزاب.

وأشار "إننا أمام معركة لبناء حياة حزبية، تقوم على المضمون وليس على الأشخاص”، قائلا "إننا لا نعاني من نقص في الأحزاب، بقدر ما نحتاج إلى فكر حزبي وليس أحزاب برامجية فقط”.

وعدلت السلطات  قانون الأحزاب الصيف الماضي، ووضعت نصوصا تجرّم من يضيق على الحزبيين بسبب انتمائهم الحزبي، ومن مخرجات القانون الذي يعد من نتاج اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية "ألا تقل نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة عن 20 في المئة من عدد المؤسسين للحزب”.

 ويسعى الأردن من خلال هذه الخطوة للتحضير لميلاد حكومات برلمانية تقطع مع نموذج الحكم الحالي ويكون للشباب فيها دور محوري، لكنها تكشف أيضا تخوف الساسة الأردنيين من عدم تحمس شريحة كبيرة من الشباب للتجربة القادمة، نتيجة المضايقات التي يتعرضون لها والتي تحرمهم من ممارسة الفعل السياسي عبر ترسانة من القوانين العقابية.

ويشكك رئيس الوزراء ا السابق عبدالرؤوف الروابدة في فعالية القوانين الجديدة للإعداد للحياة السياسية البرلمانية في الأردن، واستجابتها لتطلعات المواطنين، في وقت يعول فيه النظام الأردني على حزمة إصلاحات سياسية طال انتظارها، لامتصاص الغضب الشعبي وتوسيع المشاركة في الحياة العامة.

واستعرض الروابدة، خلال ندوة نظمها "صالون السبت الثقافي: القراءة حياة” السبت في مركز الحسين الثقافي براس العين، حول كتاب "هكذا أفكر: آراء ومواقف”، بتنظيم من دائرة المرافق والبرامج الثقافية بأمانة عمان، تجارب الأحزاب الأردنية منذ عودة الديمقراطية، معبّرا عن عدم تفاؤله بالعمل الحزبي "في ظل تشتته وغياب البرامجية”.

ورغم تأكيده على أهمية الأحزاب في العملية الديمقراطية، فإنه لا يرى أن الأحزاب الحقيقية موجودة حتى الآن، "وثمة العشرات من الأحزاب الصغيرة والمتقاربة في الفكر والسياسة ودون برامج أو توحيد. لم تنشأ في الأردن أحزاب سياسية.. ما عندنا أحزاب أشخاص.. أو أخرى قائمة على أيديولوجيات”.

واقترح أن تكون هناك هيئة مستقلة للأحزاب، لا تقبل ترخيص حزب جديد إن كان هناك حزب قائم يتفق مع المتقدم ببرنامجه، ولتطلب منه إنهاء الانضمام إلى الحزب القائم. وقال "أما أن يكثر عدد الأمناء العامين ورؤساء الأحزاب فلن يعمل ذلك عملا حزبيا”.

ورغم سن البرلمان الأردني لقانون أحزاب جديد الصيف الماضي ودعم حكومي مالي للأحزاب فإن الحياة السياسية التعددية في الأردن ضعيفة، بما لا يسمح ببناء حياة حزبية تنافسية.

ويرى مراقبون أن الترسانة القانونية الجديدة استعدادا للحياة الحزبية البرلمانية، على أهميتها، لن تقدم الإضافة المرجوة في ظل بيئة معرقلة للتعددية.

الأردن يسعى من خلال هذه الخطوة للتحضير لميلاد حكومات برلمانية تقطع مع نموذج الحكم الحالي ويكون للشباب فيها دور محوري

ويشير هؤلاء إلى أن المجتمع الأردني مجتمع قبلي استطاعت الدولة الأردنية من خلال تفصيل القوانين السياسية تحويل طبيعة القبائل الأردنية من كيانات اجتماعية إلى كيانات تمارس العمل السياسي الموسمي وفقا لرؤية الحرس القديم ونظرته لإدارة الدولة وتم تقديم وتعزيز هذا الفرز من خلال تحويل النواب للقبائل من نواب رقابة وتشريع إلى نواب خدمات.

 
 وتقول المحللة السياسية لميس أندوني "هناك إحباط عام من العمل السياسي، وغياب للأمل والأفق، وأيضا اليوم في الأردن يتم تأسيس أحزاب جديدة بدعم كامل من أجنحة الدولة، وهذا خطير لقتل الأحزاب القديمة التي يجب أن تغير خطابها، وأن يشعر الشباب لديها بأن لهم دورا ومشاركة فعلية”.

والأهم من كل ذلك، حسب مراقبين، هو عدم وضوح الرؤيا لدى النخب السياسية والتي لا ترى في العمل الحزبي إلا وسيلة للوصول للسلطة متناسين أن العمل الحزبي يكون له دور أكثر أهمية من المنافسة على السلطة والمقاعد النيابية.

واعتبر النائب عمر العياصرة أن "المخيف في ما يخص الحياة الحزبية الأردنية، هو طريقة تشكيل الأحزاب وخصوصا أننا في بداية التجربة”، مبينا أن طريقة تشكيل الأحزاب تقوم على الاتصال التلفوني والعلاقات الشخصية وليس على أساس برامجي.

وأضاف العياصرة "نحن في الأردن ليست لدينا تجربة في بناء الأحزاب”، ورأى أن "شكل البرلمان الحالي لا يمكن أن يستمر مستقبلا”.

وأشار النائب إلى أن بعض القوى التقليدية ستعارض هذا الانفتاح. ولفت إلى أن بعض هذه القوى ستتناول طريق تشكيل الحكومات القادمة، لتكون شماعة لاسقاط هذا المشروع الوطني الجديد.

ويؤكد مراقبون على ضرورة معالجة الإخلالات البنيوية الكامنة من أجل الإعداد لحياة سياسية تعددية.

ويشير هؤلاء إلى توعية القبائل بضرورة إعادتها إلى ممارسة دورها الاجتماعي وإبعادها عن ممارسة أي دور سياسي موسمي.

ويقول الكاتب الأردني محمد نواف العودات "الأهم من كل ذلك وصول  الجهات  في الأردن إلى قناعة أنه لا مجال لتقدم الحياة السياسية إلا من خلال بوابة الأحزاب وإن جميع الكيانات التي تتم صناعتها وتوظيفها بديلا عن الأحزاب لن تتمكن من ملء الفراغ، وإن المزيد من التأخر في إنضاج الحياة السياسية يعني المزيد من إضعاف الحياة الحزبية وهذا يعني المزيد من الفشل السياسي الذي ستكون أهم أعراضه انهيار في جدران الدولة الأردنية وبنيتها”.