جفرا نيوز - كان فرانك ماثيوز، المعروف بأسماء "القيصر الأسود" و"مارك الرابع" و"بي وي"، يدير إمبراطوريةً مخدرات تعمل في جميع أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية تقريباً عندما بلغت ذروتها في عام 1972.
استطاع القيصر الأسود أن يثبت أقدامه في 21 ولاية، قبل أن يلقى القبض عليه في نهاية المطاف في لاس فيغاس، بتهمة محاولة بيع 18 كيلوغراماً من الكوكايين النقي.
وفي الوقت الذي كان مقرراً به أن يظهر ماثيوز أمام المحكمة في الثاني من يوليو/تموز عام 1973، لكنه اختفى مع صديقته و20 مليون دولار، ولم يشاهده أحد منذ ذلك الحين.
بداية القيصر الأسود المبكرة في عالم الإجرام
وفقاً لما ذكره موقع All That's Interesting الأمريكي فقد وُلِدَ فرانك لاري ماثيوز يوم 13 فبراير/شباط عام 1944 في دورهام بولاية كارولينا الشمالية، ونشأ في كنف خالته بعد وفاة أمه وهو في الرابعة من عمره، واكتسب لقب "بي وي" في مرحلةٍ لاحقة.
كان ماثيوز تلميذاً جيداً إلى حد ما، لكنه ترك المدرسة وهو في الصف السابع، قبل أن يؤسس عصابةً لسرقة الدجاج من المزارع المحيطة بدورهام.
لكن أحد المزارعين أمسك بماثيوز، بعد اعتدائه عليه، خلال واحدة من جرائم السرقة.
أُلقِيَ القبض على ماثيوز الذي اتُّهِم بالسرقة والاعتداء، وقضى عاماً في مدرسة إصلاحية بالقرب من رالي في كارولينا الشمالية، ثم نُقِلَ إلى فيلادلفيا في بنسلفانيا بعد إطلاق سراحه، وسرعان ما بدأ في إدارة لعبة قمار غير شرعية.
من المراهنات إلى تجارة المخدرات
نجح ماثيوز من خلال ألعاب القمار في التقرب إلى أعضاء المافيا السوداء، وهي عائلة جريمة منظمة كانت تروج كميات كبيرة من المخدرات.
أُلقِيَ القبض عليه عام 1963 في جرائم مرتبطة بالمخدرات، لكنه أفلت من السجن عندما وافق على مغادرة المدينة، وسرعان ما انتقل إلى بروكلين، حيث عاد إلى إدارة ألعاب القمار.
لكن ألعاب القمار لم تعُد مربحةً مثل الماضي، لهذا عاد ماثيوز إلى ترويج المخدرات من جديد.
وحاول التعاون مع المافيا الإيطالية من خلال عائلات غامبينو وبونانو لأن المافيا الإيطالية كانت زعيمة بيع المخدرات بالجملة آنذاك.
ثم التقى برايموند ماركيز الإسباني الذي أعطاه أول كيلوغرام كوكايين في حياته، ووعده بتوفير المزيد في المستقبل إذا تمكن من بيع الكمية بالكامل.
وتبين أن هذه الشراكة كانت من أنجح الشراكات في تاريخ جرائم المخدرات، حيث كان ماثيوز يتسلم شحنات الكوكايين والهيروين القادمة من أمريكا الجنوبية باستمرار.
وبحلول السبعينيات، كان فرانك ماثيوز يتعامل بمخدرات تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات، وجنى نحو 10 ملايين دولار في عام 1972 وفقاً لدائرة الإيرادات الداخلية الأمريكية.
وأصبحت أعمال ماثيوز منتشرة في جميع أنحاء نيويورك، وفيلادلفيا، والعديد من المدن الكبرى الأخرى، ليصبح في النهاية تاجر الجملة الخاص بالمافيا السوداء.
صنع إمبراطوريته الخاصة
صنع ماثيوز حياةً كاملة لنفسه مع زوجته وأطفاله في نيويورك، قبل أن يتجه غرباً، إذ اشترى منزلاً في عقار رقم 925 بشارع بروسبيكت بليس في بروكلين، ومنزلاً آخر في عقار رقم 101 بشارع 56. وحظيت هذه البيوت بحمايةٍ مكثفة وأحاط بها الحراس من كل جانب.
وكان ماثيوز يسافر إلى لاس فيغاس كثيراً من أجل غسيل أمواله في أندية القمار مقابل رسوم منخفضة، حتى يتمكن من تحمل تكلفة المنازل وأسلوب الحياة الفارهة.
كان يسعى لإبعاد المافيا الإيطالية عن عرش تجارة المخدرات
وأُلقِيَ القبض عليه هناك ذات مرة، لكنهم أفرجوا عنه بعد فترةٍ وجيزة. وتوجه بعدها إلى أتلانتا من أجل حضور اجتماع لتجار المخدرات من الجاليات اللاتينية وذات البشرة السمراء.
وبدأت إدارة مكافحة المخدرات في مراقبة الحاضرين، وخاصةً ماثيوز، بعد أن سمعت بأمر الاجتماع.
وتقرر خلال الاجتماع أن يبدأ زعماء المخدرات في بيع تشكيلة أكثر تنوعاً من العقاقير المخدرة، وذلك لإلهاء المحققين عن العمليات الكبيرة، ولإبعاد المافيا الإيطالية عن كرسي عرش تجارة المخدرات.
وفي رحلةٍ أخرى إلى لاس فيغاس عام 1972، وصلت معلومة إلى إدارة مكافحة المخدرات منحتهم التصريح القانوني لمراقبة خطوط الهاتف في غرفته بالفندق.
واستمعت الإدارة إلى محادثته عن عمليةٍ مرتقبة، لكنها لم تحدث مطلقاً، حيث دخل ماثيوز في خلافٍ مع عضو من عائلة جينوفيز الإجرامية لعدم تسلمه المخدرات.
بداية النهاية في مسيرة القيصر الأسود!
في يناير/كانون الثاني 1973، ألقت إدارة مكافحة المخدرات القبض على ماثيوز في لاس فيغاس بتهمة التهرب الضريبي والتآمر لتوزيع الهيروين والكوكايين، كما اتُّهِم بمحاولة بيع 18 كيلوغراماً من الكوكايين.
وعلى الرغم من الاعتقاد بأن لديه ملايين من الدولارات المخبأة في صناديق ودائع آمنة في لاس فيغاس، فقد قرر قاضي الصلح الفيدرالي إطلاق سراح ماثيوز بكفالة قدرها 5 ملايين دولار، وهو أعلى مبلغ كفالة في ذلك الوقت في تاريخ الولايات المتحدة، وفقاً لما ذكره موقع The Mob Museum Las Vegas الأمريكي.
تم تخفيض الكفالة فيما إلى 2.5 مليون دولار عندما وافق ماثيوز على على عدم الاستئناف ضد قرار ترحيله لنيويورك.
بعد أسابيع قليلة من الاحتجاز في نيويورك، تم تخفيض الكفالة إلى 325 ألف دولار، ووُجِّهَت إليه ست تهم بالتهرب الضريبي والتآمر لترويج الهيروين والكوكايين، وأصبح يواجه عقوبة بالسجن لفترةٍ تصل إلى 50 عاماً.
اختفى فجأة مع صديقته و20 مليون دولار!
بعد الإفراج عنه، كان ينبغي على ماثيوز حضور جلسة الاستماع في بروكلين في 2 يوليو/تموز 1973، لكنه لم يحضرها.
وعند البحث عنه اكتشف المحققون أن ماثيوز أخذ صديقته شيريل دينيس براون وهرب خارج الولايات المتحدة لتجنب الإدانة، لكنه ترك عائلته بالكامل، بما في ذلك زوجته وثلاثة أبناء، ومجموعة قصور في نيويورك تضم قصراً اشتراه مؤخراً في جزيرة ستاتن التي يقطنها الكثير من أعضاء المافيا الإيطالية.
فيما بعد عرض مكتب التحقيقات الفيدرالي مكافأةً قدرها 20.000 دولار لمن يساعد في القبض عليه، وكانت هذه أكبر مكافأة ترصدها الوكالة الفيدرالية حتى ذلك الحين، ولم يُستخدم هذا الرقم من قبل إلا في محاولة الإمساك بلص المصارف الشهير جون ديلينغر.
نظريات اختفاء القيصر الأسود
توجد العديد من النظريات المحيطة بما حدث لفرانك ماثيوز اليوم، إذ يعتقد البعض أنه هرب إلى فنزويلا للاختباء مع رايموند ماركيز الإسباني.
بينما يعتقد آخرون أنه وقع في يد العائلات الإجرامية الأخرى أو المافيا السوداء.
فيما يؤمن الكثير من الناس أنه لا يزال حياً، ومن المفترض أن يبلغ عمره 71 عاماً في 2022.
ليصبح فرانك ماثيوز من أشهر تجار المخدرات في التاريخ بفضل فراره، والحجم الضخم والهائل لعملياته. ومع ذلك لا يعرف أحدٌ مكانه، أو ما حدث لتجارته، حتى الآن.