النسخة الكاملة

صحافيون يجابهون الموت في الميدان.. ومطالبات بمعاهدات جديدة لحمايتهم.. من أبو عاقلة إلى زملائها في العالم "انصفونا"

الخميس-2022-08-15 01:02 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - فرح سمحان 

في خضم ما يتعرض له حملة الأقلام ومن يمثلون السلطة الرابعة في الميدان من صحفيين ميدانيين ومصوريين ، بات لزاماً إعادة النظر بالمعاهدات الدولية التي تكفل حماية وحرية الصحفيين بمختلف أماكنهم ومواقعهم ، لا سيما مع اشتداد وطيس التوتر والصراع والبؤر الساخنة التي فرضت حالة نوعية بعدما كانت أقصى صراعات الصحفيين هي مواجهتهم مع الإحتلال الغاشم ، لعل شيرين أبو عاقلة وغيرها كثر نماذج للصحفي الميداني الذي صنعه الميدان وعاد له برسالة مفادها صوت الحق يعلو فوق أي إعتبار . 

المشهد من وجهة نظر المختصين 

رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن نضال منصور ، قال إن المعاهدات الحالية المتعلقة بحماية الصحفيين ، أصبحت قاصرة عن تحقيق ذلك لا سيما في مناطق التوتر والنزاع . 

وتابع منصور أن المؤسسات الحقوقية تبحث عن معاهدات جديدة تطالب بتقديم حصانات مختلفة للصحفيين أسوة بأصحاب الشارة مثل الصليب الأحمر وغيرهم  . 

استشهاد شيرين أبو عاقلة شكل صدمة عاطفية وهذا الجانب طغى نوعاً ما على الإجراءات التي يجب أن تتخذ للحد من الممارسات ضد الصحفيين والمصوريين في الميدان ، في  أعقاب ذلك قال منصور إن مركز حماية وحرية الصحفيين أجرى إبان استشهادها سلسلة إتصالات مع جهات حقوقية ونقابة الصحفيين لوضع معاهدات تصنعها الدول من خلال الأمم المتحدة ،  تهدف إلى وقف الإنتهاكات ضد الصحفيين وتوفير الحماية اللازمة لهم لتأدية مهامهم الوظيفية كما يجب أن تكون . 


لغة الأرقام تتحدث ! 

 إحصائيات مرصد اليونسكو للصحفيين المغتالين، إشارت إلى حدوث 79 عملية قتل طالت الصحفيين ما بين 2020 حتى منتصف 2021، من بين 1452 جريمة تم رصدها منذ عام 1993. 

وخلال الأعوام الثلاثة الماضية قتل أكثر من 149 صحفياً أغلبيتهم في دول لا تشهد حروباً، بحسب ما أعلنت منظمة مراسلون بلا حدود في تقاريرها السنوية.

الحرب الروسية - الأوكرانية وكذلك الحرب في اليمن نماذج ولدت حالة من التساؤلات حول مستقبل الصحافة الميدانية مع تصاعد وتيرة الإشتباكات والإضطرابات في دول العالم كافة .  

في صدد ذلك، قالت لجنة برلمانية أوكرانية، إن 21 صحفيا قتلوا منذ اندلاع الحرب التي تشنها روسيا على البلاد حتى أواخر فبراير/ شباط الماضي.

وأفاد تقرير أعدته لجنة حرية التعبير في البرلمان، نشره موقعه الإلكتروني، بقتل 21 صحفيا أوكرانيا وأجنبيا، جراء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

البداية منذ عام 2014 وهذه قصة أندريا روتشيللي وأندريه ميرونوف !

أندريا روتشيللي مصور صحفي إيطالي ، وأندريه ميرونوف صحافي وناشط روسي والذي كان يعمل كمساعد ومترجم روكيلي، توفي في 24 مايو 2014 بالقرب من مدينة سلوفيانسك. تم إطلاق النار عليهم، وهم برفقة المراسل الفرنسي ويليام روجيلون وسائق محلي وهم في طريقهم إلى سيارتهم.

وصرح روجيلون أنه تم استهدافهم بـ 40 إلى 60 قذيفة هاون. (في يوليو / تموز 2019، أدانت محكمة إيطالية فيتالي ماركيف، وهو مواطن إيطالي أوكراني مزدوج الجنسية وضابط في الحرس الوطني الأوكراني، بتوجيه الضربة التي قتلت روتشيللي وميرونوف. تم إلغاء إدانة ماركيف في نوفمبر 2020، وهو قرار تم اتخاذه نهائيًا من قبل محكمة النقض العليا في ديسمبر 2021.


من جانبها كشفت نقابة الصحفيين اليمنيين في إحدى تصريحاتها ، عن مقتل 49 صحفيا ومصورا منذ بداية الحرب الدائرة في اليمن . 

وقالت النقابة في بيان لها، بمناسبة اليوم العالمي للصحافة الذي يصادف 3 أيار من كل عام ، إنه "في الوقت الذي تثمن النقابة فيه نضالات الصحفيين اليمنيين وكفاحهم من أجل نيل حريتهم والدفاع عن الحريات العامة، لا تنسى تضحيات 49 شهيدا من الصحفيين والمصورين والعاملين في وسائل الإعلام الذين قدموا أرواحهم ثمنا للحقيقة، منذ بداية الحرب وحتى اليوم". 


استكمالاً لما سبق ومن وجهة نظر صحافية بحتة ، قال رئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية سابقاً ، جابر الحرمي ،  إن تراجع دور الإهتمام بالصحفي في المناطق المحتلة أو بؤر الصراعات والنزاعات يرجع في كثير من جوانبه إلى تراجع دور المنظمات في هذا الصعيد . 

وقال : "للأسف الإعلام بات يشهد تراجعاً من حيث الإهتمام من قبل المؤسسات أو حتى المنظمات الدولية " 

وتساءل : هناك العشرات من الصحفيين الذين يقبعون في السجون ، ماذا فعلت لهم المنظمات الدولية أو المجتمع الدولي أو حتى الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة ؟ 

وبين أن العديد من الزملاء الصحفيين تعرضوا للإستشهاد والقتل ليس في مناطق النزاعات بل التغييب القصري من قبل أنظمة قمعية وسلطوية . 

وتابع الحرمي أن هذا الواقع المؤلم هو نتاج  وانعكاس حجم تراجع حقوق الإنسان على المستوى الدولي والصحفي ، فتغيب كرامة الصحفي الذي يسعى لنقل الواقع والحقيقة "بالقمع" أمر مؤلم . 

وطالب بضرورة تفعيل دور المنظمات الدولية والنقابات المهنية والصحفية المعنية بالصحفيين بشكل أكبر مما هي عليه لتشكل دور ضاغط على الأنظمة القمعية التي تحاول تغييب وتهميش الحقيقة وأدوار الصحفيين . 

الصدى الإيجابي بحق الصحفيين سيتمثل عند نشر تقارير فعلية عن الإنتهاكات التي تمارس بحقهم وكذلك الأنظمة القمعية ، وفق الحرمي . 

الأمين العام لإتحاد الصحفيين العرب خالد ميري قال في تصريح سابق له لجفرا نيوز ، بعد استشهاد الصحفية أبو عاقلة ،  إن الجريمة التي أدت إلى استشهادها، لن تموت معها وستظل حية حتى يتم محاسبة من قتلها ومن أعطى أمراً بذلك . 

وفي رده على سؤال "جفرا نيوز" ، أوضح أن قناة الجزيرة مطالبة بتغيير سياستها وعدم إفساح المزيد من الوقت للقتلة والمحللين الإسرائليين حتى يتم محاسبة المسؤول عن ما حدث . 

على الحياد ( الجانب الآخر) 

لا يمكن التقليل من شأن المنظمات والمؤسسات الدولية التي تعنى بحماية وحرية الصحفيين ، فأنها تسعى جاهدة لخلق بيئة عمل ميدانية آمنة للصحفيين والمراسلين والمصوريين ، ما يعني أن الحاجة للتكاملية في الحقوق والواجبات تتطلب وقفة حدها الفاصل كالشعرة مابين دور مؤسسي وتطبيق فعلي على أرض الواقع وما يمكن للصحفي الإلتزام به وتطبيقه في الميدان . 

مع الإشارة إلى ما يمكن أن تتعرض له المؤسسات الدولية والمنظمات المعنية في شؤون الصحفيين من ضغوطات كفيلة بتغيير مسار العمل ، والبحث الحقيقي عن مواطن الخلل ومحاولة تغييرها . 

نستعرض وبالرجوع إلى خطة عمل الأمم المتحدة لمحة عنها ، حيث تعتبر خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب ثمرة عملية بدأت في العام 2010 بناءً على طلب من المجلس الحكومي الدولي للبرنامج الدولي لتنمية الاتصال التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). 

ولاقت تأييد مجلس الرؤساء التنفيذيين للأمم المتحدة هذه الخطة في 12 نيسان/ابريل 2012، وأشادت بها قرارات صادرة عن الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان واليونسكو.

إلى ماذا تهدف ؟ 

تهدف خطة عمل الأمم المتحدة إلى خلق بيئة حرة وآمنة للصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، في حالات النزاع وفي غير حالات النزاع، مع التركيز على تعزيز السلام والديمقراطية والتنمية في جميع أنحاء العالم. وتشمل تدابير الخطة إنشاء آلية مشتركة بين الوكالات لتكريس مساهمة كل جهة من الجهات الفاعلة في الأمم المتحدة وتعزيز الاتساق على نطاق المنظمة؛ والتعاون مع الدول من أجل وضع تشريعات وآليات أخرى لحماية حرية التعبير والإعلام بالإضافة إلى سلامة الصحفيين؛ وإقامة الشراكات وإذكاء الوعي وتعزيز المبادرات.


 المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، قال بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، الموافق 3 مايو/ أيار من كل عام  وتحديداً العام 2022 :   "في اليوم العالمي لحرية الصحافة، نتذكر الدور الحيوي الذي تلعبه وسائل الإعلام المستقلة في تعزيز واستدامة السلام وحقوق الإنسان".

وشدد غروندبرغ على ضرورة "ضمان بيئة آمنة ومستقلة وممكنة للعاملين في مجال الإعلام".

وفي ملخص للكاتب بن زيان علالي قال ، إنه في ظل غياب اتفاقيات دولية خاصة بحماية الصحفيين المتواجدين في مناطق النزاعات المسلحة فإن حمايتهم تدخل ضمن الحماية العامة التي يتمتع بها المدنيين والمنصوص عليها بصفة أساسية في اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949والبرتوكولين الإضافيين الملحقين بها لسنة1977،والتي تشكل على وجه العموم أفضل حماية للصحفيين المتواجدين في المناطق الخطرة. 

كما يعتبر الصحفيون المكلفين بمهام خطرة في خضم العمليات العسكرة ومناطق التوتر في النزاعات المسلحة أشخاصا مدنيين وفقا لأحكام المادة 79 من البرتوكول الأول لعام1977 والتي أحالت بشأن قواعد حمايتهم على اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949،حيث أوجبت تمتعهم بالحماية القانونية الدولية ضد كل اعتداء قد يتعرضون له،وهذا ضمن الحدود التي لا يباشرون فيها أي عمل يسيء إلى وضعهم كمدنيين أو كصحفيين.

انتهاكات من نوع آخر 

تجدر الإشارة إلى أن هناك ضغوطات تدخل تحت بند الإنتهاكات بحق الصحفيين بمختلف مجالات عملهم ومواقعهم ، فمثلاً تقييد حرية تعبير الصحفي وإلزامه بنطاق محدد يمكن أن يدخل في ذلك حال كان عقد عمله مع مؤسسة ما ليس مشروطاً من البداية ، فهناك مؤسسات لا تفرض على الصحفيين العاملين فيها ضغوطات بقدر الإلتزام بنهجها وسياستها واحترام السياسات التي تدعمها . 


في استعراض لنماذج مشابهة فإن  (116) صحفيا وناشطا في مجال حقوق الإنسان، طالبوا الإذاعة الدولية الألمانية العامة (DW) بإنصاف الصحفيين العرب العاملين لديها، ومنهم الأردنية فرح مرقة، بعد توقيفهم عن العمل في ديسمبر العام 2021، وفتح التحقيق في منشورات قديمة تتعلق بمزاعم "معاداة السامية”.

وقال الصحفيون والناشطون في البيان: وفي الوقت الذي يؤسفنا أن تتعرض مرقة وزملاؤها لحملة شيطنة ممنهجة تهدف إلى إقصائهم وكسر أقلامهم الحرة، والإضرار بمستقبلهم المهني والشخصي، فإننا ندين الانتهاكات الجسيمة في نشر وسائل إعلام ألمانية اسم مرقة وعنوانها الكامل، إلى جانب مزاعم واتهامات على أنها حقائق ومسلمات، ودون أن تُؤخذ وجهة نظرها بموضوعية، وتمنح حق ردٍ متوازن، وهذا ينتهك حقها في الخصوصية ويهدر قرينة البراءة و يحرمها حق الدفاع عن نفسها بعدالة؛ مما يعرضها للتشويه وربما الخطر.

ملاحظة : ما سبق يعكس آراء الصحفيين الذي كتبوا البيان وكاتب التقرير لا يتبنى آرائهم بل ينقلها فقط كأنموذج . 

من جانب آخر فمن حق أي مؤسسة إعلامية أن تصدر صحفيين ملتزمون بنهجها العام حال موافقتهم بذلك ، فمبدأ التناقض لا يحقق مصلحة للمؤسسة ومن يعملون فيها ، اذ ليس منطقياً أن يتبنى الصحفي أو الإعلامي سياسة مؤسسته ومن ثم يقوم بما هو مضاد لها عبر منشور أو توجه معين ، فالأصل اختيار النهج الملائم منذ البداية . 

مع الإشارة إلى أن طبيعة عمل صحفي عن آخر كفيلة بإحداث فروقات مابين عمله في مؤسسة حكومية أو خاصة ، أو أن كان على سبيل المثال صحفياً مستقلاً ، كذلك العوامل النفسية تلعب دوراً هاماً في الأداء بصورة عامة . 

رسالة من محرر صحفي 

" الصحافة كلمة ولدت إعلام والآخير ولد المشهد ، فإذا كانت الأم مدرسة إذا اعددتها اعددت شعباً طيب الأعراق، فالصحافة "ملكة" إذا اعددتها أعددت رسالة وطن سامية " . 


تنويه 
تم الرجوع إلى مصادر في ويكيبديا منها منظمة مراسلون بلا حدود ، موقع الأمم المتحدة ، وبيانات نشرت في مواقع إخبارية إلى جانب آراء الصحفيين والمختصين الذي تواصل معهم كاتب التقرير .
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير