جفرا نيوز - يبقى لطعم الإنجاز مذاقه الخاص، وتزداد نكهته حلاوة، حين يعتريه الجد والتعب وعرق الاجتهاد في الملعب، متجاوزا المعوقات والصعوبات للوصول إلى الهدف، في بداية تستحق تسميتها "من الصفر”، ليخرج أصحابها من رحم المعاناة إلى عالم النجومية.
زاوية "من الصفر” تقف في جديد محطاتها، عند المدير الفني لفريق العقبة لكرة القدم رائد الداوود، والذي يقدم شهادة فكره التدريبي من موسم إلى آخر مع "الحوت” العقباوي، حيث جسد من نفسه العصامي الذي بنى اسمه، وزينه برهانه على فرسان الجنوب، وهو يقودهم بثبات بين المحترفين للموسم السادس، وقدم فريقه في هذا الموسم ندا عنيدا للكبار، وهو يقف بالمركز الرابع على سلم الترتيب برصيد 26 نقطة، مع ختام الجولة الثالثة عشرة من المسابقة التي يتوقع أن تزداد شراسة في مرحلة الإياب.
عشق الكرة
ويروي الداوود حكايته مع الكرة، مؤكدا انها سحبته من تخصصه الأكاديمي بالمختبرات الطبية، وأبقته ملتصقا بمستطيلها الأخضر، عبر محطات كروية مع عدد من الأندية العتيقة، شارحا: "تم اكتشاف موهبتي من خلال المدارس، ولعبت في صفوف النادي القوقازي عبر رحلة كروية امتدت بين العامين 1989 و1998، ووصلت معه إلى رحاب الدوري الممتاز، ورغم أنني كنت أشغل مركز الوسط المهاجم إلا أنني توجت هدافا للدوري في أحد الموسم”.
وأضاف:” انتقلت من صفوف القوقازي للعب في صفوف اليرموك بين العامين 1999 و2002، ولا انسى طبعا احترافي في صفوف شباب الخليل، إلا ان الإصابة اوقفت طموحي وقتها، ولم ألعب إلا فترة قصيرة حيث عانيت بالبداية من آلام في القناة المغبنية، وبعدها أصبت بقطع في الرباط الصليبي، ما جعلني أعتزل الكرة”.
التدريب شغف
وعن حكايته مع التدريب، أجاب الداوود: "بقي عشق الكرة ينام بالقرب من طموحاتي، ووجدت الشغف في التدريب، الذي حصلت فيه على الشهادات الآسيوية A-B-C”، وحاليا أحضر دورة لاجتياز دورة البروفيشنال، وخضت أولى تجاربي الرياضية في مدينتي الزرقاء، حيث أسسنا ومجموعة من الرياضيين نادي اتحاد الزرقاء، وخضت معه غمار التحدي عبر رحلة طويلة، بدأت من الدور التصنيفي المؤهل للدرجة الثالثة، وبعدها المشوار الطويل في منافسات الدرجة الثالثة، الذي تأهلنا منه إلى الدرجة الثانية، ومنه إلى الدرجة الأولى وكنا على مقربة من الكبار، إلا أن المشاكل الإدارية عصفت بالنادي، ما جعلني ابتعد ورفاقي تاركين الذكريات الجميلة والتجربة الناجحة في اتحاد الزرقاء”.
العقبة.. مشروع وطموح
ويجد الداوود، أن الود والعلاقات الطيبة جمعته بالعقبة منذ العام 2014، حين قربت وجهات النظر مع الإدارة المعنية، والتي وثقت بالمدرب وسلمته الدفة الفنية وكامل الصلاحيات والدعم، موضحا: "تقابلت مع المعنيين في إدارة العقبة العام 2014، وفريق الكرة يقبع في الدرجة الثالثة وقتها، ووضعنا الخطوات العريضة لمشروع كروي طموح، وانطلقنا نحو الهدف بالوصول إلى مصاف المحترفين، حيث قدمت الفريق تلو الآخر، ومن درجة إلى أخرى، وكلما أنجزنا خطوة، تطلعنا إلى التالية، وصعدنا بالفريق من الدرجة الثالثة إلى الدرجة الثانية، ثم إلى الأولى، حتى وصلنا إلى دوري المحترفين العام 2017، وهو الموسم الذي صعدنا فيه إلى المحترفين، وندخل حاليا في الموسم السادس، والنجاح صنعته جهود مضنية وعمل بروح الفريق”.
العقبة أسرة واحدة
وحول أسباب ثبات الفريق ودخوله بين الكبار حين حصل على المركز السادس قبل موسمين، أجاب الداوود: "ما يميز العمل في نادي العقبة الحالة الأسرية التي تغلف الفريق، والثقة المتبادلة ين الإدارة والجهاز الفني من جانب، والجهاز الفني واللاعبين من جانب آخر، وهو ما جعلنا نتجاوز المشاكل المالية التي تجعلنا نعمل ضمن المتاح، ونوجه بوصلة أهدافنا نحو الثبات، ونبحث عن الأفضل خلال المنافسات، ونقدر اجتهاد مجلس الإدارة لتوفير احتياجات الفريق، في ظل تقصير من المؤسسات الكبيرة في المحافظة، وتخليها عن تقديم الدعم اللازم، ويحسب لمجلس الإدارة برئاسة رجب درويش البحث عن مصادر دخل ثابتة، من خلال مشروع السوق التجاري الذي يبدئ العمل به بعد شهرين على أقل تقدير”.
وتابع:” النادي يعاني من مديونية تصل إلى 300 ألف دينار سنويا، ولم نستطع توفير 20 ألف دينار لرفع قيد التسجيل، لذا نحارب بالجنود الذين نملكهم، ولعل الاستقرار الفني ونوعية اللاعبين، وتحديهم الظروف وتسلحهم بالإصرار، يجعلهم يظهرون بشكل مميز من مباراة إلى أخرى، واللاعبون يظهرون وفاءهم، مع منع الفريق التعاقدات، وتفاهم المنظومة وانسجامها واللعب على قلب رجل واحد، يقدم العقبة بالشكل المقبول إلى حد كبير في هذا الموسم”.
وتناول الداوود، أسباب نجاح العقبة في تجارب اللاعبين الأجانب، وقال: "لدينا علاقات طيبة مع وكلاء لاعبين محليين وخارج الأردن، أضف إلى ذلك ان بعض اللاعبين رأيناهم من خلال احترافهم في صفوف أندية منافسة، مثلا ماركوس الذي لعب للأهلي، ونجحنا في استقدام إيريك، مايكل، وانس بلحوس في مواسم سابقة، وفارجاس والجزائري أسامة عفار حاليا، عدا عن فورمة الفريق المتناسقة من اللاعبين المحلين، وفتحنا أبواب التواصل مع الفئات العمرية لمجابهة منع القيد، وللعلم من خلال عقود اللاعبين، تجد واقع التعاقدات، حيث تتراوح رواتب اللاعبين بين 1200 و2000 دولار”.
وجمع شباب العقبة 4 نقاط من أصل 6 أمام قطبي الكرة الأردنية الفيصلي والوحدات خلال الموسم الحالي، وتحدث الداوود عن ذلك قائلا: "جاء هذا بالدرجة الأولى بالتوفيق من الله، وكذلك الثقة بالنفس، كما ان جدول الدوري واللعب مع اندية كبيرة، والعودة إلى مواجهتها زاد من مؤشر التحدي لدينا، كما أن ظروفا عديدة خدمتنا، مع تسلح اللاعبين بالتحدي والخروج من ضغط الجماهير وتشكيك الكثيرين، وكنا واقعيين نلعب على قدراتنا، وآمنا بقدرتنا على الفوز، نجحنا في المباراة الأولى أمام الفيصلي، واقتربنا في الثانية أمام الوحدات، وما خرجنا فيه حملنا مسؤولية كبيرة في المباريات المقبلة، ونطمح ان نكون عند حسن ظن جماهير ومحبي العقبة”.
وتواجد اللاعبون لفترة طويلة في العقبة، في ما يشبه المعسكر المغلق تحضيرا لمباراة الوحدات سابقا، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على استعدادات الفريق لمواجهة الجزيرة، وواصل الداوود: "هذه الظروف خدمتنا في تعزيز الجانب النفسي، وأيضا التأقلم أكثر مع أجواء العقبة الحارة والرطبة، تزيد جلساتنا المتواصلة على مستوى الجهاز الفني واللاعبين، من أجواء العائلة وتوحيد الهدف، لذا أفادتنا ونحن نحضر حاليا لفريق الجزيرة، الذي غير ثوبه، واستقطب لاعبين مميزين، ويملك مجموعة شابة ويقدم كرة جميلة، لكن العقبة يواصل البحث عن طموحه والتقدم أكثر نحو مربع الكبار”.